باحثون دوليون: داعش والقاعدة نسخ إخوانية هجينة فرضتها المتغيرات الدولية

الأربعاء 6 ديسمبر 2017 09:57:22
باحثون دوليون: داعش والقاعدة نسخ إخوانية هجينة فرضتها المتغيرات الدولية
نقلاً عن "العرب" اللندنية:

 أكدت دراسة جديدة صدرت عن مركز توني بلير لتغيير العالم ما سبق وأثبتته دراسات سابقة اشتغلت عليها مراكز دراسات غربية بشأن الترابط الأيديولوجي التاريخي بين جماعة الإخوان المسلمين والتنظيمات الجهادية مثل تنظيم الدولة الإسلامية، وقبله تنظيم القاعدة، ما يعني، وفق الخبراء، أن ما يقع على هذه التنظيمات يقع أيضا على جماعة الإخوان، وكما يعامل داعش والقاعدة وغيرهما على أنها جماعات إرهابية يجب أن تعامل جماعة الإخوان.

وسبق أن أظهرت دراسة بحثية أعدها مركز الدين والجغرافيا السياسية أن نصف الجهاديين البارزين الحاليين كانت لهم علاقات بالحركات الإسلامية “غير المتطرفة” قبل انضمامهم إلى الجماعات المصنفة على قائمة التنظيمات الإرهابية. وجاءت هذه النتيجة بعد متابعة دقيقة لمئة جهادي من حركات جهادية مختلفة (داعش والقاعدة أساسا).

وتأكيدا على ما جاء في تلك الدراسة وفي أبحاث ميدانية أخرى، واصل مركز توني بلير، الذي يعد مركز الدين والجغرافيا السياسية، أحد أفرعه، العمل على تحليل الخلفيات الأيديولوجية التي تكون شخصية الجهادي والبحث عن إجابات مقنعة على أن التطرف يبدأ من أدبيات الإخوان وتأثيرهم وأن داعش أو القاعدة هي نسخ إخوانية هجينة فرضتها طبيعة المرحلة وخصوصيتها.

وتكشف إيمان البدوي، رئيس قسم الأبحاث في معهد توني بلير والمشرفة على الدراسة الصادرة مؤخرا، والتي سبق وشاركت في دراسة “علامات في طريق القتال: ما تفصح عنه حياة مئة جهادي عن حركة عالمية”، أن الإسلام السياسي الذي تمارسه جماعات مثل جماعة الإخوان المسلمين من خلال استخدام النصوص القرآنية والعلوم الدينية، هو أقرب بكثير إلى أيديولوجيا التطرف العنيف التي يتبناها تنظيما الدولة الإسلامية والقاعدة، مما هو عليه في التيار الديني المعتدل.

وتؤكد بدوي في تصريحات لـ”العرب” أن “الإسلام السياسي الذي تروج له جماعة الإخوان المسلمين وسعت إلى تطبيقه في بعض الدول العربية، يتسق في مضمونه مع الفكر الجهادي السلفي أكثر من كونه متفقا مع الدين الإسلامي الذي يدين به حوابي بـ1.8 مليار مسلم، على الرغم من المحاولات التي تدّعي بأنه يمثل الجانب الأخير”.

وتوضح أنه “على الرغم من أن الإسلاميين غير المتطرفين والسلفيين الجهاديين يختلفون بوضوح في استراتيجياتهم وخططهم، إلا أن اقتباساتهم من النصوص الدينية والأفكار والمفاهيم التي يستكشفونها في النصوص الأيديولوجية تتداخل بشكل كبير. فأيديولوجيا وفكر الجماعات الإسلامية، المتطرفة وغير المتطرفة، تحتاج إلى تحديها وفضحها. ويجب على الحكومات أيضا تفويض أصوات المسلمين الموثوق بهم للتحدث ومعارضة أفكار المتطرفين المشوهة”.

وإلى جانب إيمان البدوي شارك في إعداد الدراسة ميلو كومرفورد، محلل وباحث وعضو مشارك في فريق معهد توني بلير لتغيير العالم. وتركز أبحاثه على دراسة الأيديولوجية الجهادية والدعاية، وقد شارك في تأليف دراسات حول الفكر الجهادي ومن ذلك دراسة بعنوان في عقول الجهاديين، التي تستكشف الأيديولوجيا المشتركة لثلاث جماعات جهادية رائدة، إلى جانب المشاركة في دراسة “في طريق القتال: ما تفصح عنه حياة مئة جهادي عن حركة عالمية”. ويعمل ميلو مع الحكومات والمنظمات الدولية لبناء استراتيجيات فعالة لمكافحة التطرف.

وتتوجه الدراسة أساسا إلى الغرب لتثبت أن تفسير المتطرفين لبعض النصوص القرآنية يتعارض تماما مع جوهر النص الديني في الإسلام.

وتؤكد البدوي أن “الغالبية العظمى من المسلمين ليسوا إرهابيين ولا يتفقون مع الإرهاب. وتؤكد هذه الدراسة ما عرفه الكثيرون منا، وهو أن تفسير المتطرفين للنصوص القرآنية بعيد كل البعد عن مفاهيم الدين الإسلامي السائدة. لكن الأدلة تظهر الآن أن هناك تداخلا أيديولوجيا كبيرا في كيفية استخدام النصوص القرآنية من قبل جماعة الإخوان المسلمين والجهاديين المتطرفين”.

وتكشف الباحثة عن نقطة مهمة في مسيرة الحرب على الإرهاب وهي أن “محاولة فهم أيديولوجية المسلمين غير المتطرفين لم تكن أبدا بالموضوع الهام، بسبب تسليط الضوء دائما على جماعة الإخوان المسلمين. والحقيقة أن هؤلاء المتطرفين كان لهم تأثير كبير في تشويه الإسلام وتصاعد الإسلاموفوبيا في المقابل. وطبقا لهذه الدراسة وما توصلت إليه، يجب تناول هذا التشويه ومعالجته”، وفي ذلك ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، فعدم وضع كل المسلمين في سلة واحدة يقلص أسباب توجههم نحو مثل هذه التنظيمات ويكشف للمسلمين ولغيرهم حقيقة هؤلاء وبالتالي تقل فرصهم.

وتنتهي الدراسة بتوجيه مجموعة من التوصيات إلى صانعي السياسات الذين عليهم أن يؤكدوا بقوة على القيم الدولية الهامة، مثل التعددية وسيادة القانون والحرية الدينية والمساواة بين الجنسين، وهي القيم التي تتعرض لهجوم دائم من قبل المتطرفين، رغم أنها من أكثر القيم التي يؤكد عليها الإسلام. وهذا سيبرهن على أن هذه المعركة هي معركة ضد الأفكار المتطرفة وليست ضد المعتقدات الدينية.

وتنصح الدراسة الحكومات وصانعي سياسات مكافحة التطرف بتفويض المسلمين الموثوق بهم للتحدث ومعارضة أفكار المتطرفين المشوهة. فبناء مهارات تواصل استراتيجية للجماهير الواعية وإشراك وسائل الإعلام بفعالية وتقديم الحجج الدينية القوية كلها عوامل ستساعد في تعزيز أصوات المجتمع المسلم المعتدل بحق.