دعوا الأخلاق تنتصر

حين جاء جنود علي عبدالله صالح ، وهو في عز مجده غزاة ومحتلين ،استقبلتهم الجنوب الاستقبال اللائق بهم ،بالبارود وزفتهم الرجال بالشيولات ،ومن نسي أو يتناسى تلكم المناظر ،فليعد إلى ذاكرة الانترنت لتذكره.

من نسي كيف استقبل هاني بن بريك وعيدروس الزبيدي وشلال شائع وصالح بن فريد العولقي وفضل حسن وابو اليمامة وابو مشعل الكازمي ومختار النوبي وكل مقاومة الجنوب الشريفة ،عفاش والحوثي وحلفائهم ،عليه ان يعيد ذاكرته قليلا الى الخلف عله يتذكر كيف أنزلوهم منازلهم اللائقة بهم وأعادوهم أما جثثا متفحمة ،او دفنوهم في مقابر جماعية.

ولأن الطفل الخائف اللاجئ أو المرأة المستجيرة، ليس كالمقاتل الغازي ،فقد كان من السلوك السوي ورقي الأخلاق ان يختلف الاستقبال ،سيما والعالم يرقب ويتابع كيف سيحترم الجنوبيون ،أخلاق القتال ،وهي الأخلاق النابعة أصلا من دين الإسلام.

لم يأت أطفال عفاش ونسائه مقاتلين بل جاءوا فارين مذعورين طالبين النجدة للمرور والهروب عبر عدن ،لم يكن من الأخلاق ان يتم الاستقواء على طفل أو امرأة وفي هذا اهانة وادانة لصالح ذاته الذي لم يتوقع في عز غروره وجبروته ،ان يكون هذا مصيره وان يكون الجنوبيون الذين قتل نساءهم ،وأطفالهم، وشرد رجالهم، هم من سينقذون عائلته ممن تحالف معهم برفعة أخلاقهم وشموخ كبريائهم لقد انتصر الجنوبيون أخلاقيا بأنفتهم وسموهم وخسر صالح مجددا وهو صريع كما خسر في البدء وهو الزعيم وفارس العرب كما كان يسمي ذاته.

صحيح ومؤلم ،ان بيوتا جنوبية كثيرة بكت وتألمت وان أطفالا كثر تيتموا ونساء فقدن فلذات أكبادهن أو أزواجهن ،لكنهم جميعا شمخوا بأخلاقهم وشهامتهم ورجولتهم وكما عملوا بدينهم الذي يعلمهم ان اكرام الضيف ونجدة الملهوف من الواجب ومن شيم الأصالة الإسلامية والعربية. 

قد تتضارب الأفكار والمواقف في داخلنا جميعا ،في اختيار السلوك الذي كان ينبغي ان نسلكه ازاء قضية شائكة كقضية استقبال أسرة عفاش ، نظرا لذكرياتنا الأليمة معه ومع زبانيته وعسكره ومع تاريخهم الدموي في الجنوب، لكننا جميعا نصل في النهاية إلى أننا لا نستطيع تقبل فكرة ان نهين طفلا أو امرأة استجار بنا للمرور فقط على أرض هي الآن تحت أيدينا.

ان القيادة الجنوبية ، وهي تسجل نصرا أخلاقيا في تمسكها بقيم الرجولة والشهامة والأخلاق ،فإنها تسجل خسارة مقابلة في سجل من فقد أخلاقه وشهامته ورجولته وهو يقتل نساء الجنوب كما فعل مع فيروز اليافعي وندى شوقي وفاطمة مشبح ،واعدم أطفال الجنوب كما فعل مع أنس عبدالرحمن وصديق الردفاني واطفال مدرسة سناح وغيرهم كثر،وهو نصر تستحق قيادتنا عليه ان نهبها ثقتنا .

فمن سمح بمرور أسرة صالح انما عمل بأخلاقه ورجولته ،وايضا بمهارته السياسية في ايصال رسالة للعالم ان للجنوبيين قضية عظيمة لا تؤثر فيها قصة مرور امرأة مرعوبة أو طفل تصطك اسنانه من الخوف منذ دخوله أو نقطة حدودية ، انما هي قضية سياسية بامتياز وان للجنوبيين مساراتهم السياسية للخوض فيها ،كما لهم قدرتهم العسكرية القادرة على حمايتها وصيانتها وهو قوة تعرف بالتأكيد إلى ان توجه ضرباتها ومتى.

لا ينبغي ان يغالي الناقدون في الاساءة للقيادات الجنوبية،وتصوير دخول طفل او امراة وان كان يتبع عفاش بأنه تنازل عن الجنوب ،لأن هؤلاء تعاملوا بشهامة ورجولة وحنكة سياسية ،وعليهم ان يتذكروا ان مواقف هؤلاء وقت ان كانت السماء تضيء بقذائف الصواريخ والمدافع ،يوم ان كان الكثير من الناقدين عبيدا مع عفاش ،ويتمنون ان تقبل نسائه او اطفاله ان تبصق في وجوهم ليتباركوا ببصاقهم.

نتفق جميعا ونؤيد كل صوت حريص على الجنوب ،لكن على الجميع ان يدركوا ان ليس فيهم من عادى عفاش وواجهه وعانى منه كما هو حال الزبيدي وشلال وغيرهم كثر من الرجال ما يعني ان كثير من الناقدين لن يكون أشد حرصا ممن ينتقدون .

ربما نسمع من يقول لماذا السماح لأسرة عفاش والاعتراض على غيرها ،وهنا نقول ان أسرة عفاش ان مرت فإنما تمر برغبة الأشقاء وطلبهم ،فقط لمجرد السفر للخارج وليس للحكم والاقامة، فيما لم يتم منع ملهوف رجلا كان ام طفلا أو امرأة لاجئة أو نازح وعدن تعج بهؤلاء ،لكن الحرص كان وسيظل قائما بمنع من يشتبه بدخوله عدن في مهمة عسكرية أو أمنية تحت غطاء النزوح ومثل هؤلاء كثر ممن تعج بهم عدن ايضا ممن دخلوها في وقت سابق.

للناقدين بحرص ،والناعقين بخبث ،دعوا الأخلاق الجنوبية تنتصر وثقوا ان الجنوب في أيد أمينة.