اللغة العربية.. أُمةٌ من النحويين منذ فجر الإسلام

الأربعاء 20 ديسمبر 2017 05:49:02
اللغة العربية.. أُمةٌ من النحويين منذ فجر الإسلام

صورة تعبيرية

العربية

لم تصل اللغة العربية، إلى شكلها الحالي، إلا بعد أن عمل عليها العشرات من #النحويين و #اللغويين العرب القدامى، ومن مختلف الأمصار والمشارب، وبأزمان مختلفة.

وعمل هؤلاء النحويون واللغويون على تأصيل قواعد #اللغة_العربية، كل بحسب ما وصله ممن سبقه وتعلم على يديه. فترسخت قواعد اللغة، وأصبح الكلام فيها مشروطاً بسلامة نحوية ولغوية تضبطها، بعدما الاتفاق على أساسياتها العامة، منذ بداية فجر الإسلام.

ووردت أسماء النحاة واللغويين، في جميع المصنفات العربية القديمة، إنما دون ترتيب أو تبويب معين، فقام عددٌ من المؤلفين، بجمع هذه الأسماء وترتيبها تبعاً للمدرسة اللغوية التي يراها مقدّمة على غيرها، فكتب أكثر من مصنف يعنى بطبقات النحويين واللغويين، إلا أن كتاب "طبقات النحويين واللغويين" للزبيدي، يعتبر الأضخم في بابه، نظراً إلى أن مؤلفه من المتأخرين، بحيث استطاع أن يشمل أوسع مروحة أسماء في التواريخ التي سبقته، فيغطي أسماء النحويين واللغويين من أبي الأسود الدؤلي في صدر الإسلام، وحتى القرن الرابع الهجري.

فصَل بين اللغويين والنحويين وجعل للمصريين باباً خاصاً

واعتمد الزبيدي، وهو أبو بكر محمد بن الحسن بن عبد الله بن بشر الزبيدي الأندلسي، على المصادر الشفوية التي سمعها من معاصريه وأساتذته، كأبي علي القالي وأحمد بن سعيد الصدفي، وأحمد بن حزم. وكذلك باعتماده على المصادر المكتوبة الشهيرة في تاريخ المصنفات العربية القديمة، كالأغاني، ومؤلفات الخليل بن أحمد الفراهيدي، وكتب ابن سلام، وغيرها. وتوفي سنة 379 للهجرة.

أما الأسلوب الذي ألف فيه الزبيدي مؤلفه الهام هذا، فهو بتفريقه ما بين النحويين واللغويين، فجعل لكل فئة منهما باباً مستقلاً خاصا بها. كما أنه وضع قسماً خاصا باللغويين والنحويين المصريين، وقسماً خاصا باللغويين والنحويين الأندلسيين.

وجرى المجرى ذاته في ترتيب كل فئة على حدة، فقسم الأسماء لطبقات، في كل فئة، وابتدأ عمله من خلال طبقة البصريين قائلاً إنه سيبدأ بهم "لتقدّمهم في علم العربية، وسبقهم إلى التأليف فيها" ثم تليها طبقة الكوفيين. بحسب قوله.

هذا هو أول النحويين الذي وضع باب الفاعل والمفعول به

يضع الزبيدي أبا الأسود الدؤلي في الطبقة الأولى من النحويين العرب القدامى. وأبو الأسود الدؤلي هو ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل بن يعمر بن حليس. ويقول عنه: "هو من أسس العربية ونهج سبلها ووضع قياسها". مؤكداً أن الدؤلي هو من وضع "باب الفاعل والمفعول به والمضاف وحروف النصب والرفع والجر والجزم".

وفيما تضم فئة النحويين البصريين 56 نحوياً مقسمين على عشر طبقات، يضع اسماً آخر مع الدؤلي في الطبقة الأولى التي احتلاها وحدهما بتصنيفه، وهو اسم عبد الرحمن بن هرمز، وينقل أنه من الأوائل الذين وضعوا علم العربية، هو الآخر. ويقول: "ذكرناه هاهنا، لتقدمه".

أما الطبقة الثانية، من النحويين البصريين، فتضم نصر بن عاصم الليثي، ويحيى بن يعمر، وعنبسة الفيل، وميمون الأقرن. ويأتي الفراهيدي في طبقات الزبيدي، في الطبقة الخامسة. ويضع العالم الشهير سيبويه في الطبقة السادسة إلى جوار النضر بن شميل وأبي عمر الجرمي وسعيد بن مسعدة الأخفش.

وسيبويه المذكور يعتبر صاحب أول كتاب في قواعد اللغة العربية والنحو العربي، وإليه يرجع الفضل في كتابه الذي يعتبر الأول في تاريخ قواعد ونحو اللغة العربية.

في الطبقة السابعة من النحويين البصريين نجد أبا عثمان المازني إلى جوار سهل بن محمد السجستاني. وأشهر من يرد في الطبقة الثامنة هو أبو العباس محمد بن يزيد المبرّد. وفي الطبقة العاشرة يحل السيرافي، وهو الحسن بن عبد الله بن المرزبان مع أبي القاسم الزجاحي.

مؤدّب عبد الملك بن مروان في طبقة الكوفيين

وبعد أن يسرد 56 اسماً من النحويين البصريين، يبدأ بأسماء المدرسة الكوفية النحوية، ويشمل فيها 25 اسماً بست طبقات. يبرز في أول طبقاتها "أبو مسلم مؤدب عبد الملك بن مروان" ومعاذ بن مسلم الهروي والرؤاسي محمد بن الحسن بن أبي سارة.

ثم يضع الكسائي، في الطبقة الثانية من النحويين الكوفيين، وهو علي بن حمزة. وتأتي الطبقة الثالثة بأسماء شهيرة كيحيى بن زياد بن عبد الله بن المنصور الفرّاء، وعلي بن مبارك الأحمر، وإسحاق البغوي، وقتيبة النحوي. نفطويه، وهو إبراهيم بن محمد بن عرفة بن سليمان، فيأتي في الطبقة السادسة من النحويين الكوفيين.

اللغويون البصريون.. الأصمعي وخلف الأحمر ومحمد بن سلام

وعلى غرار ما فعله في ذكر النحويين، مبتدئاً بالبصريين منهم، ثم الكوفيين، كذلك يفعل في ترتيب اللغويين الذين ذكر منهم 31 اسماً على سبع طبقات، تبدأ الأولى منها بالمنتجع الأعرابي.

ويرد في الطبقة الثالثة من اللغويين البصريين: خلف الأحمر وهو خلف بن حيان، وأبو زيد الأنصاري، وهو سعيد بن أوس بن زيد.

ثم يظهر الأصمعي الشهير وهو عبد الملك بن قريب، في الطبقة الرابعة من اللغويين البصريين، إلى جانب أحد كبار اللغويين العرب القدامى وهو معمر بن المثنى.
أما الطبقة الخامسة فيتسيدها محمد بن سلام.

طبقة اللغويين الكوفيين.. محمد بن حبيب والمفضل الضبي

ويجمل من اللغويين الكوفيين 39 اسماً يقسمها على خمس طبقات، يبرز اسم المفضل الضبي في ثانيها، إلى جوار أبي عمر الشيباني وهو إسحاق بن مرار، ومحمد بن زياد الأعرابي ومحمد بن حبيب.

وفيما يظهر أبو عبيد القاسم بن سلام، في الثالثة من طبقات اللغويين الكوفيين، إلى جوار الشيباني وهو عمرو بن أبي عمرو، نجد الطوسي، علي بن عبد الله، في الرابعة، إلى جوار أحمد بن يوسف الثعلبي وأحمد بن يحيى ثعلب.

النحويون واللغويون المصريون

ويذكر الزبيدي 13 اسماً نحوياً ولغويا مصريا، ويرتبهم في ثلاث طبقات، تبدأ بولاد المصادري التميمي، ومحمود بن حسان، وأبو الحسن الأعز، في الطبقة الأولى. أما الثانية فيرد فيها من النحويين واللغويين المصريين: أحمد بن جعفر الدينوري، وأبو بكر بن المزرع، وعبد الله بن فزارة، ومحمد بن الوليد بن ولاد التميمي، وأبو الطاهر أحمد بن إسحاق الحميري.

ويرد في الطبقة الثالثة من المصريين: أبو العباس بن ولاد، وهو أحمد بن محمد بن الوليد. ثم أبو القاسم بن ولاد، وأبو جعفر النحاس الشهير، وهو أحمد بن محمد بن إسماعيل، ثم محمد بن إسحاق بن أسباط، وعلاّن، وهو علي بن الحسن.
وجعل الزبيدي بابا خاصاً للغويين والنحويين القرويين، ذكر فيهم 28 نحوياً ولغويا على أربع طبقات.

وجعل للأندلسيين باباً يخصّهم وحدهم

وكذلك يجعل للأندلسيين بابا خاصاً فيورد أكثر من 100 اسم من نحويي ولغويي الأندلس موزعين على ست طبقات، يبرز منهم: جودي النحوي، وهو جودي بن عثمان. والغازي بن قيس، وأبو موسى الهواري، وبكر الكناني، وعباس بن فرناس، ومحمد بن محمد بن أرقم، وابن وقاص القرشي، ومحمد بن غانم الأذيني، وأحمد بن موسى الرازي، والحكيم الأزدي، عبد الله بن عبيد الله.