عندما تنتصر بيحان!

راسك خلق مرفوع يا بيحان ما لحظة دنق 

في صفحة الامجاد يا بيحان تاريخك عريق 

ومهما البلاء اتكالب وظله فوقنا سد الأفق 

الحرب والحمى وخذلان الأقارب والرفيق 

(شاعر من بيحان) 

تأبى بيحان الأبية إلا أن تكون مرفوعة الرأس مهما تكالب عليها الأعداء، وجثمت صنوف المعاناة والقهر عليها في زمن الحرب،  فها هي  بـ (أسودها ونمارها) أبية، عصية، رفضت العيش تحت لواء الذل والخنوع، وقدمت خيرة شبابها قرابين لحياة العز، وشاركهم في ذلك كثير من المرابطين من مختلف مديريات محافظة شبوة، ومن التحق بهم من أحرار الوطن، لنصرتها، وتخليصها من وهاد الاحتلال البغيض، بعد أن أنكشف زيف من يركبون  موجة جبهات (الورق) التي لا تسمن في معركة، ولا تغني عن جور (الفضيحة)! 

في بيحان، حقق المرابطين النصر العظيم على مليشيات القهر والانقلاب، وفي نصرهم ظهرت عظمة من قدموا حياتهم قرابين لدينهم ووطنهم وحرية الأجيال من بعدهم، أختلطت الدماء في ميادين المعركة، وأنتفت ألوان التمزق، لأن من ذهبوا هناك حملوا أرواحهم على كفوف الشهادة، ولم ينظروا للدنيا وزخرفها الفاني، تساقطت أرواح أكثر من 400 شهيدا في طريق التحرير (نحتسبهم كذاك عند الله)، وتناثرت أجساد الجرحى بالمئات، وكم كانت صور الشجاعة والإقدام جلية وهي تنقل قصص المحاربين  وهم يركضون نحو الموت ركضاً.. وكثيرين منهم ذهبوا إلى ساحة  المعركة  يحملون على ظهورهم ديون أسلحتهم الشخصية في صورة أخرى من صور البطولة التي صنعت في جبهة بيحان العز والشرف ! 

 

بعد النصر العظيم تستحق بيحان الحياة، فهي عاشت وضع إنساني معقد، أختفت فيه معالم الحياة الحقة، وأنتفت الحقوق وسبل العيش  الكريم، بفضل جبروت وغطرسة مليشيات الإنقلاب، وسط صمت مطبق من جميع الجهات والمؤسسات والمنظمات الباحثة عن الحق الإنساني، وإبعاد المدنيين عن مطاحن الحرب، وفي ذلك ترتسم صورة غريبة أخرى لحجم التخاذل المهين، لأن بيحان من عاشت إرهاصاتها!.

  بيحان بمديرياتها الثلاث (بيحان، عسيلان، العين)  تطهرت من أنجاس الانقلاب، بعد عامين ونصف العام،   وهي المديريات المنكوبة  التي لم تنل حقها في الظهور الإعلامي الإحادي، ونظرة السياسيين الخرقاء لها، باعتبارها (بنت) الخالة، ومحرومة من جنة اهتمامهم ودعمهم!، ولن نجافي الحقيقة إذا ما أكدنا أن جبهتها كانت أقل الجبهات حصولا على الدعم والإسناد، و في هذا المقام نرفع صوت الجرس لتنبيه المنظمات الإنسانية الدولية  بهول ما حدث هناك من حصار فظيع، وانعدام المواد الغذائية، وإختفاء المشتقات النفطية، وقطع الطرقات بين المديريات، إضافة إلى الحال البائس الذي وصلت إليه المستشفيات ذات الإمكانات الصفرية، على الرغم من الجهد المبذول من بعض ملائكة الرحمة هناك، الجرس ذاته ينبغي سماعه من قبل كبرى الفضائيات العربية، فهناك قصص إنسانية تصلح أن تتصدر عناوين النشرات الإخبارية، قصصا حقيقية، وليس من نسج الخيال.. هناك قتل، ظلم، إذلال، مورس تجاه  المدنيين من قبل عصابات الإجرام الحوثية، فمنع عنهم الدواء في ظل حصار عتيق، وتقطع الطرقات بين مديرياتها، وانتهاكات صارخة، حقوق مغيبة، أسر ضحايا للطرق الوعرة وقسوتها، لم يسمع لها صدى عبر الأوساط السياسية والإعلامية اليمنية والعربية، ولو كانت في مكان أخر لأعلنها الساسة والإعلاميين منطقة منكوبة في زمن قياسي، وسيصل نواحهم لمن به صمم...! 

تستحق بيحان اليوم تسليط الضوء عليها، وكشف حجم الكارثة طوال سنوات الاحتلال الغاشمة، وفيها لم يسلم الإنسان، الشجر، الحجر، من شرور الانقلابيين، وحتى مساجدها ما أنفك يرتعون فيها وتناسوا عظمتها وقدسيتها.. هي اليوم تحتاج للدعم والمساندة بصورة عاجلة كي تستعيد عافيتها ودورها الهام في عملية البناء والتنمية باعتبارها منطقة نفطية تضخ في جسد الاقتصاد المنهك أموالا طائلة.

هناك في بيحان سطر الأبطال معاني  العز والشموخ، وأعلنوها مدوية: بيحان محررة، المجد والخلود للشهداء،  الشفاء العاجل للجرحى.. والدعاء بتخليص الأسرى من سجون أعداء الحياة.