دواوين الزعامة

في المعارك المصيرية لا شيء أسوأ من التخلي عن الاستراتيجي واللهث واء التكتيكي ، وفي مستواه من السوء يعد تلميع الأفراد لتنمية الاحساس بالحاجة إلى زعامة ، من أي نوع كان، سلوك لا يستند إلى قواعد المواجهة الشاملة والواعية بجسامة ما تتعرض له البلاد من مخاطر . إن إعادة تلميع الأفراد على أي مستوى قد يخفي تخبطاً من ذلك النوع يفضي إلى الكوارث ، وفي كثير من الأحيان يضيع فيه التكتيكي إلى جانب الاستراتيجي .


في اللحظة الراهنة ، ومع التدهور الذي أصاب جبهة الانقلابيين ، كانت الشرعية موفقة في فتح خط لتوافقات سياسية واسعة تقوم على إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة للجميع ، غير أن بعض الاطراف المعنية لم تكن موفقة في عدم التقاط هذه اللحظة التاريخية والتعاطي معها بمسئولية ، كما أنها لَم تكترث لحقيقة أن مركز المواجهة ،الذي لم تقرره الصدفة - ولكن قرار المقاومة منذ اليوم الأول ، هو الشرعية وقيادتها . 


إن ما نشهده من تخبط عند هذه الاطراف لا يجب أن يقود إلى موقف سريع منها ، فلا بد من إبقاء الباب مفتوحاً والاستماع إليها ، فلربما رأت من الموقع الذي كانت فيه ما يسلط الضوء على زوايا كانت محجوبة ، كما أن سنوات التعبئة الطويلة تحتاج إلى تفكيك بنفس طويل . غير أن الشيء الذي لا يجب ألتعاطي معه ورفضه هو نزعة إنتاج زعامات خارج الإطار الشرعي للدولة . ففي هذه اللحظات الحاسمة المطلوب هو الموقف .. وتبقى الزعامة قضية مؤجلة إلى حين تتوفر شروطها وتفتح دواوينها.