صمام أمن المنطقة

يجاهر الحوثيون اليوم بالعلن عن شكرهم لدور قطر المساند لهم اعلامياة ودوليا وحتى عسكريا"، وهم بذلك لايشكرونها على دور قريب بقدر ما يمتنون لها بالشكر والجميل على دور بعيد كان منذ ماقبل النشأه واستمر في اطوار التكوين والنمو حتى التوحش والتدمير.


اتذكر محادثة دارت بيني وبين احد الاصدقاء في الخارج عبر الواتس اب، وتحديدا" في الاشهر الاولى بعد النصر في عدن، كان صديقي يحدثني ان مخططا" اجراميا" ستدخل فيه عدن وسائر مناطق الجنوب التي سيحررها ابطال المقاومة الجنوبية والتحالف العربي، ذلك المخطط سينشر الفوضى والتفجيرات والاغتيالات وقد جرى التجهيز له بعنايه وبتمويل قطري بالتعاون مع احزاب محلية وتنفيذ جماعات تتبعها قامت بخزن الاسلحه وتم تهريب المعدات والمواد اللازمة اليها عبر قوارب صيد بحرية.


لم استصغ حينها صديقي الذي كان بالنسبة لي منافيا" للمنطق حينها. ولان صديقي هذا من الشخصيات ذائعة الصيت في الثورة الجنوبية شعرت ان كلامه قد يكون من باب التهويل والمزايده السياسية، فكيف بالله لدولة من دول التحالف الذي قام من اجل هذه الحرب لحماية الامن القومي العربي ان تفعل هكذا؟.. مخطط مثل هذا لن يخدم سوى شراكة العصابات الانقلابية المدحورة في الحرب، وبالتالي فهو يخدم المد الفارسي الداعم لها والمترقب الفرصة لهدم الخليج والعروبة ككل.


مرت الايام والشهور والسنين وعشنا ذلك المخطط بكافة تفاصيله واوجاعه المؤلمة ، وعشنا الكثير والكثير غيره، مرت الايام لتثبت صدق صديقي وخيبة تحليلاتي التي كنت اظنها منطقية ومقنعه، فكان كلامه واقعيا" وكان واقعي تخيلا" حالما".


اثبتت الاحداث حينها ان قطر ومن حالفها ماكانوا سوى خنجر مغروس وسط خاصرة التحالف والعرب بل وخاصرتنا كشعب عانى وعانى وكان يظن ويظن فخابت كل ظنونه واماله وصدقت معاناته بكل جروحها ونكباتها.


عدت سنينا" الى الوراء لأتذكر الحروب الست التي شنها نظام صالح لسنوات مابين 2004 و2009 ضد الحوثة وتذكرت حينها الدور القطري الذي كان يروج على انه يحاول ان يحقن الدماء ويصلح الشأن بين المسلمين مضحيا" ب300مليون دولار لايقاف الحرب واعادة اعمار صعدة، والتي اظهرت الايام انها ماكانت سوى حيلة لتمكين الحوثة وتهيئة اظهارهم كطرف سياسي يتم التحاور معه مايعني الاعتراف به اقليميا" واعطائه حجما" اكبر من حجمه ذلك الوقت الامر الذي ظهر بوضوح في مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد في عام 2013 والذي ساوى بين قضية صعدة التي لاتحمل حينها ابعاد القضية بالقضية الجنوبية ثقيلة الحجم والابعاد والتراكمات.


تبادر الى ذهني حينها سؤالا" حول طبيعة موقف قطر في حرب 94 لاجد الاجابة على صفحات لمواقع بحثية وصحفية على شبكة الانترنت، والتي تتفق جميعها على حقيقة ان قطر كانت الدولة الخليجية الوحيدة التي وقفت مع صف الشمال في حربه ضد الجنوب.


كيف لاتقف مع الشمال ووراء المخططات الاجرامية وهي الراعية للفكر الجهادي التكفيري في المنطقة ومن وقفت معه في تلك الحرب الظالمة كان مستوردا" كريما" جوادا" لبقايا الافغان العرب في حربه ضد شعب الجنوب، ذلك الشعب الذي اعطيت ارضه لمجاهدين حينها كغنيمة للانتصار فعاشوا ووهبوا الرتب العسكرية وبنوا المعسكرات وهاجموا العالم اجمع انطلاقا" من ارض ماكانت بيوم تحتضن افكارهم او حتى تتفق معها.


هنا يتمثل الرابط العجيب الذي كان يظهر يوما" على قناة الاطفال ليربط مكونات بعيدة عن بعضها البعض، ليظهر بعدها الرابط بما لايتصوره منطق مواطن بسيط، فالرابط بين عناصر الجهاد التكفيري وبين الحوثة والاخوان وبين القتل والتدمير وطول امد الحرب ، ذلك الرابط مع الزمن لم يعد غريبا" فقد تمثل بوضوح في قطر .


نعم حق للحوثه والاصلاح ان يمجدوا دور قطر فكلاهما وجهين لعملة واحدة تدفع لاجل القتل والدمار والابتزاز والخيانة منذ القدم وحتى اليوم ، تدفع ثمنا" لاوجاعنا وشتاتنا ومصائبنا ، وحق لنا ان نقاوم ونتمسك بمن وقف معنا وساندنا ومصيره يرتبط ارتباطا" وثيقا" بمصيرنا، فما بدأ بحرب 94 وما يجري اليوم متصلان بابعاد عمقتها السنين والمواقف وكشفت ملابساتها ومكامن تعقيداتها، لنصل الى المرحلة الحالية المؤكده بان الجنوب صمام امن المنطقة.