عادت عقوبة الكهرباء

كما يقوم مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على بعض الدول التي تهدد أمن جيرانها او الأمن الدولي برمته، والذي يهدف من وراءها كبح جماح غطرسة تلك الانظمة والضغط عليها كي لا تتجاوز حدودها وتكف عن تهديد الأمن والسلم العالميين، ودائماً ما تنعكس الآثار السلبية لتلك العقوبات على الشعوب قبل الأنظمة . بالمقابل تقوم بعض أنظمة الحكم بفرض عقوبات على شعوبها دون ان ترتكب تلك الشعوب اي جرم، وتكون اسباب ودوافع هذه العقوبات في بعض الاحيان غير موجهة بشكل مباشر نحو الشعب وانما انعكاس لسياسات خاطئة واحيانا اخرى تكون دوافعها مقصودة واهدافها موجهة بشكل واضح نحو الشعب، فالاسباب التي تؤدي لعقوبات غير مقصودة غالباً ما تستمد بواعثها من مواقف سياسية طائشة أو فساد مالي واداري متفشي في نظام الحكم ونتيجة تلك الاخطاء يحدث خلل وانكماش اقتصادي ونهب للمال العام فتحل آثار ما احدثه عبث النظام مشاكل يدفع ثمنها المواطنين ، أما دوافع العقوبة المقصودة والموجهة نحو المواطنين هي قيام السلطة بانتاج ازمات وكذلك تعمدها اهمال توفير حلول عملية وجذرية لبعض القطاعات الخدمية المتعثرة والتي تفاقمت مشاكلها واستفحلت، بالرغم من قدرتها اذا وجدت النوايا الصادقة، توفير الامكانات ووضع معالجات سليمة وحلول شافية ولكنها تتعمد افتعال واستمرار الازمات وبالتالي تكون تلك عقوبات مقصودة خلفها دوافع واهداف سياسية. الجدير بالذكر ان أهم ما تتضمنه حزمة العقوبات التي فرضت على ابناء عدن والمحافظات الجنوبية هو عجز الطاقة الكهربائية، ورعب الانفلات الأمني، وإهانة واذلال المواطنين وتذويقهم مرارة العوز للراتب والمعاش المفقود وغير المنتظم، ومعظم تلك العقوبات دوافعها مقصودة وان تدثرت باسباب فساد مالي واداري فذلك مجرد هدف ثانوي وغطاء يخفي وراءه الاهداف المباشرة الموجهة نحو الشعب. لقد ظهرت بوادر لفيح الحر في اجواء عدن وذلك مؤشر دخول صيف مبكر ومعتاد في مثل هذا الوقت من كل سنة، ومعها عادت عقوبة قطع التيار الكهربائي بعد ان خفت وطاتها وكادت ان تختفي وتسقط من حزمة العقوبات في فصل الشتاء الذي بطبيعتة تنخفض فيه الاحمال الكهربائية بشكل واضح ، ومع عودة تكرار الانقطاعات بقوة وبمعدل كبير في اليوم في حين ان حرارة الجو لم تبلغ الحد العالي الذي ستصله في الاسابيع القليلة القادمة، شعر المواطنين وخاصة في محافظة عدن بصدمة حيث كان توقعهم حدوث انخفاض في معدل العجز هذا العام وذلك بناءً على تصريحات سابقة لحكومة (هي حاطب ليل) تشير فيها الى اقامة مشاريع وتوسعة في انتاج الطاقة الكهربائية واعمال تحديث لبعض المنشآت في محطات التوليد ولم يكن ذلك سوى زرع امل كاذب سرعان ما يقطفه الواقع . مع العلم ان قضية الكهرباء في محافظة عدن وما حولها لم تكن بالأمر المستحيل التي يصعب معالجته، فعدن عاصمة ومقر لقيادة التحالف العربي ومن السهل على السعودية والإمارات وبعض دول الخليج الذين سبق وقدموا إسهامات كبيرة ودعم سخي في مجالات عديدة ان يقوموا بانشاء محطة كهربائية تغطي معظم العجز في صيف عدن الحار، وترفع عن ابناءها عبء هذه المعاناة وهمها الثقيل، ولكن، وكما يبدو ان الدوافع السياسية تريد استمرار العقوبة وبقاء المواطنين تحت هيمنة المعاناة والاوجاع، فلا حول ولا قوة الا بالله.