التحدي الأبرز للانتقالي

من أجل بلورة أفق أوضح للمجلس الانتقالي، ينبغي وقبل كل شيء انفتاحه على كل ما هو جنوبي، بروح الحوار الهادف. فهذا هو الشق الآمن في صنع مرجعية جنوبية حقيقية تستطيع أن تتقدم الصفوف ولسان حالها معبر عن الإجماع الوطني الجنوبي الذي لن يشذ أبدا عن تقرير المصير وفق أدوات عمل تستلهم الواقع والمتاحات، ولا تقفز على المرحلة أو تحرقها بالشعارات الرنانة التي تتلاعب بمشاعر وعواطف الناس أو استخدامها لتأجيج الشارع لمكاسب لحظية تدخلنا في نفق الاحتقان الجنوبي-الجنوبي الذي راهن عليه علي عبدالله صالح دائما.

لاشك أن اللقاءات الرمضانية التي أجراها قادة المجلس في الإمارات العربية مع قيادات تاريخية جنوبية امثال الرئيس علي ناصر محمد وحيدر العطاس وسالم صالح محمد وعبدالرحمن الجفري وآخرين مفيدة جدا للجميع، وبالاخص للمجلس لكي يتموضع في سياق الحركة السياسية الجنوبية لا تكرارا للتاريخ ولا بديلا له، وإنما جاذب سياسي عريض تلتقي عنده التفاهمات والآراء الجنوبية كلها لتصب في الوعاء الاوسع (تقرير المصير للجنوب) دون أدنى ريبة من الآخر الجنوبي طالما لديه هذه النية وهذا الاستعداد لتقبل الآخرين.

ينبغي أن تستمر هذه اللقاءات لرسم ما هو تكتيكي في مشروعنا الجنوبي القادم، وما هو استراتيجي، مستلهمين الواقع والظروف المحيطة داخليا (جنوبيا) ويمنيا وإقليميا ودوليا، لنكون على بينة ووضوح مما نريده نحن ومما يراد لنا .
ليس هناك أدنى شك ان المجلس بتركيبته التي ظهر فيها إلى العلن كان اكثر انفتاحا واستيعابا لقوى وأفراد ما كان بالإمكان التصور - مجرد التصور - ان تلتقي تحت مظلة سياسية واحدة، وهو ما يعطينا الأمل في إمكانية تمدد المجلس سياسيا و جماهيريا للاقتراب واستيعاب القوى الجنوبية المختلفة على قاعدة وطنية عريضة متحركة وفعالة في إطار المشروع الجنوبي المنشود.

ولا ضير أن تتم مراجعات مسئولة في إطار المجلس لإصلاح أي نتواءات قد ظهرت عند تأسيس المجلس بإعطاء عدن حجمها الحقيقي كأصحاب مشروع مدنية وفدرالية الجنوب القادم، بالاعتماد على عدن وإعادة الاعتبار لها، لا أن نكرر أخطاء الماضي ونقزم من تاريخية مشروعنا القادم للجنوب بإعطاء عدن ما تستحقه بالقول والفعل معا.

إن الاقتراب من لحظة الصدق التاريخية لإنضاج مشروعنا القادم يعتمد على هذه القراءة الواعية لفعل وطني كبير نستطيع أن ننجزه معا لصالح الإنسان على هذه الأرض.
وباستطاعة المجلس أن يتخذ الخطوة الأولى من خلال استفادته من المعطيات والخبرات والتجارب التي تصل إلى مرحلة (الحكمة) لدى قيادات جنوبية لا شك أنها ستكون عونا لكل جهد يؤدي إلى صنع غدٍ آخر مغاير للجنوب، يخرجه من الفوضى المخيفة اليوم.

ولعلني لا أجد حرجا من تسمية البعض ممن هم في مرحلة الاستشارة وإبداء النصح والمراجعة حتى وإن كان البعض منهم يتربع على مكون سياسي أو حزبي، مثل الإخوة علي ناصر محمد وحيدر العطاس وعبدالرحمن الجفري، وسالم صالح محمد وصالح عبيد أحمد وصالح شائف، وشخصيات أخرى من أبناء الجنوب من أحزاب وشخصيات نضالية واجتماعية لن يعجزنا البحث عنها، لتكون بمثابة مجلس حكماء للجنوب.​

*عن "الأيام".