الفضيلة عندما توظَّف لخدمة الرذيلة

لم يكن أمام الحكومة اليمنية والتحالف العربي لدعم الشرعية سوى إعادة ترتيب أولوياتهم السياسية والعسكرية على طريق إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة من أيدي المليشيات الحوثية..

توافقاً مع ذلك فقد تزامنت تصفية الأجواء السياسية مع القرار الحاسم باستعادة الحديدة عسكرياً بعد أن فشلت الجهود الأممية في إقناع الحوثيين بتسليم الميناء للأمم المتحدة لإدارته وتجنيب المدينة وسكانها كارثة المواجهة العسكرية والعودة إلى مباحثات السلام.

كم هي المرات التي استخدم فيها "العامل الإنساني" لإحباط الحسم العسكري، وإنهاء الحرب، دون مراعاة لحقيقة أن هذا الاستخدام "المضلل" كان في الأساس غطاءً لتطويل أمد الحرب مع ما ترتب عليه من ظروف إنسانية كارثية، ذلك لأنه لم تصاحبه أي ضغوط على الانقلابيين للقبول بعملية السلام.

تطويل مدة الحرب بتحويلها إلى عمليات عسكرية انتقائية: تجوز هنا ولا تجوز هناك، مسموحة هنا وغير مسموحة هناك، ظل يطرح أكثر من سؤال لم نجد له إجابة واضحة عند كل من ناقشناهم ممن وظفوا "العامل الإنساني" للتمويه على جذر المشكلة التي قادت إلى هذا الوضع.

أصعب شيء هو حينما توظف الفضيلة لخدمة الرذيلة، ونبالة الموقف للتضليل على ما يصنعه المغامرون من خراب.

أنا هنا لا أتحدث عن العاملين في المجال الإنساني، لأن مهمتهم الأساسية تكمن في هذا الميدان ولا سواه، لكنني أتحدث عمن يهتمون بالشأن السياسي ولديهم ما يكفي من قوة للضغط على الأحداث بأدوات مختلفة، هؤلاء لا يجوز أن يتحركوا في النتائج بحثاً عن الحل، بل يجب عليهم الذهاب إلى أساس المشكلة للبحث عن حل جذري لها والذي لن يكون بكل تأكيد القبول بالانقلاب بعنوان مفبرك اسمه السلام.