الأزمة الإنسانية في الحديدة كما هي في جنوب اليمن

كنت أنوي كتابة مقالي هذا الأسبوع عن إحاطة المبعوث ألأممي الي اليمن مارتن غريفيث لمجلس الامن الدولي يوم الخميس الماضي ٥يوليو ولكن للأسف تمت الإحاطة لأعضاء مجلس الأمن الدولي في جلسة مغلقة لم يتسرب منها رسميا ما قاله  في المجلس

  فقط أشارت وسائل الإعلام كصحيفة “ الشرق الأوسط "عن نية المبعوث الدولي العودة الي المنطقة في جولة مكوكية أخري   يلتقي فيها يوم الأثنين في الرياض بالرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي “ لاستعراض مستجدات التسوية التي يرمي اليها في الحديدة والساعية الي تخفيف التوتر فيها والوصول إلي حل يحيدها عن العمليات العسكرية “ ؟ هذا الهدف الإنساني النبيل هو حق يراد به باطل !! وذلك من ناحية ان النزعة الإنسانية الأممية اذا كانت فعلاً الأمم المتحدة وليست إطرافا اخري إقليمية ودولية هي التي وراء هذا التوجه في تحييد الحديدة من العمليات العسكرية التي اشرفت  دول التحالف العربي والمقاومة الجنوبية مع المقاومة التهامية الي إلحاق الهزيم العسكرية بالحوثيين  في حين من المعروف ان حروب الدول الكبري خاصة في حرب الولايات المتحدة في فيتنام كانت تقوم سياسة وزير خارجيتها السابق هنري كيسنجر علي التفاوض في باريس من اجل السلام مع استمرار قصف طائرات  بي ٥٢ لفيتنام بشكل أعنف من الماضي وذلك تمشياً مع اقوال المنظر العسكري البروسي كارل فون كلاوزفيتز  في كتابه عن الحرب بانها “ عمليات مستمرة من العلاقات السياسية “!  مما يعني ما هو جائز لهم علي مستوي الدول الكبري لا يجوز العمل  به من قبل القوي الأخري 

وبالطبع لا يستطيع أحد ان ينكر التداعيات الإنسانية الخطيرة للحرب في اليمن  ولعل  دول التحالف العربي برئاسة المملكة العربية السعودية استشعرت  بتبعات الحرب علي المدنيين وجعلت المملكة تتصدر الدول المانحة لخطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن لعام ٢٠١٨ حسبما ذكر تقرير الأمم المتحدة لتنسيق الشؤن الإنسانية  وذلك بمبلغ ٥٣٠.٤ مليون دولار من المبلغ ألأجمالي ١.٥٤ مليار دولار

والسؤال المطروح هنا للمبعوث ألأممي وماذا عن الحاجات الإنسانية لأثار الحرب في جنوب اليمن  ؟ فالمفهوم الإنساني لا يتجزأ ومعانات المدنيين لا ينحصر علي المدنيين في ميادين العمليات العسكرية فقط مثل ما يحدث في الحديدة في الوقت الحاضر علي سبيل المثال

فقد انتجت الحرب الي زيادة مهولة من تدهور الخدمات الأساسية في جنوب اليمن من إنقطاع الكهرباء لساعات طويلة نهاراً وليلاً في درجات حرارة في الصيف في عدن خاصة تتراوح بين ٣٥-الي ٤٠ درجة دون إمكانية تشغيل المكيفا او المراوح الكهربائية إضافة الي ذلك انقطاع تدفق المياه وسوء الأوضاع الصحية وغلاء المعيشة بارتفاع الأسعار بسبب تدهور قيمة العملة اليمنية  ناهيك حرمان قطاعات كثيرة من استلام رواتبهم بشكل منتظم وعدم تشغيل الموانئى و بعض المطارات  كمطار الريان في المكلا في حضرموت  للسنة الرابعة علي التوالي كما اشارت بعض التقارير الي ذلك

والان بسبب معارك الحديدة تدفق الي مدينة عدن العاصمة المؤقتة لليمن اعداداً من النازحين هربا من أثار الحرب

وقد يتساءل البعض ما علاقة ذلك بالحرب والأزمة اليمنية ؟ وهل يمثل ذلك تهديداً للأمن والسلم الدوليين ؟ للإجابة علي هذا التساؤل المحوري نشير ان جميع قرارات مجلس الأمن الدولي بما فيها القرار ؛٢٢١٦ “ لعام ٢٠١٥ أكد في الفقرة ( ٨ ) بان المجلس “ يهيب بجميع الأطراف أن تمتثل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي ، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان الواجبة التطبيق “

فمفهوم الامن والسلم الدوليين لم يعد يعرف بمفهومه الضيق الذي تم صياغته بعد الحرب العالمية الثانية كعدوان مسلح وصراع بين الدول بمعني “ الحرب “  بل تجاوز ذلك وظهر مفهوم العلاقة بين النمو والسلم حيث هناك صراعات ليست ذات طابع عسكري تهدد الأمن والسلم الدوليين مصدرها الأبعاد الإنسانية والاقتصاد والبيئة  مما يعني ذلك ان تفسير مضمون المادة ( ٣٩ ) من الفصل السابع لم تعد حصريا تفهم كما كان يفسر في الماضي حالات تهديد السلم والاخلا ل به من الحرب ووقوع العدوان بل اصبح له مفاهيم اخري وفق ما اشار اليه الدكتور بطرس بطرس غالي الأمين العام للزم المتحدة السابق  في رسالته للندوة القيمة  التي عقدت في مدينة نانت بفرنسا في عام ١٩٩٥ حول “ الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة “وذلك بمناسبة مرور خمسون عاماً علي قيام الأمم المتحدة

وبناءاً علي ذلك واليمن قد وضعت تحت الفصل السابع في قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة  علي المبعوث الاممي مارتن غريفيث بقدر اهتمامه بالحالة الإنسانية لمعارك الحديدة عليه ان يركز ايضاً علي الأوضاع الإنسانية في جنوب اليمن كما يتطلع أبناء الجنوب من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان  بن عبد العزيز تخصيص جزءا من المبالغ المرصودة لعام ٢٠١٨ للشئون الإنسانية المذكورة سلفاً لتزويد مولدات كهربائية للعاصمة المؤقتة لمدينة عدن تخفف عن المواطنين وطأة حر الصيف وتبعاتها علي الصحة العامة والحياة الاقتصادية في الجنوب  بأمل ان يتم ذلك  بتنفيذ المملكة مباشرة هذا المشروع لضمان سرعة وكفاءة التنفيذ.