الدبلوماسية اليمنية وبعثاتها إلى اين ؟

كثرت الفضائح المالية والفساد وتجاوز الأعراف في بعثاتنا الدبلوماسية، اذ لا يمر يوم إلاٌ ونقرأ عن مشكلة جديدة، لماذا كل هذه الفضائح ؟ مأاسبابها ومن المسؤول عنها ؟
 القاعدة تقول إن السياسة الخارجية هي إنعكاس للسياسة الداخلية، وهي البعد الإدراكي لصناع القرار، فالدولة تعرف بأشخاص صانعي قراراتها الرسميين، ومن ثم فإن سلوك الدولة هو سلوك الذين يعملون باسمها، وبهذا فالسياسة الخارجية تصنع داخل الدولة. فما يحدث اليوم في بعثاتنا الدبلوماسية هو إنعكاس لواقع حال ''دولة الشرعية'' وتركبية قياداتها التي تعبر عن ضحالة كفاءاتهم العلمية والمهنية وإنعدام الخبرة العملية وتغليب مصالحهم الشخصية على المصلحة الوطنية.
تخيلوا من مهنة إداري أو مربط حقائب،او محاسب أو رجل أمن او سكرتير مكتب  إلى سفير دولة. ماذا ستقدم هذه الشخصية، وماذا يستطيع ان ينجز او يحلل او يكتب حول مايدور في محيطه؟ ماذا يمكن ان يقدم لصالح تطوير العلاقات الثنائية ورعاية مصالح وطنه ومواطنيه؟ وهي المهمة الاساسية والأولى لأي دبلوماسي أين كان لقبه أوموقعه في البعثة. ما نراه اليوم في بعض السفارات يشكل فشل ذريع للمبعوث الدبلوماسي، هذا الفشل أدى إلى إفتعال المشاكل لاسيما في ضل غياب المحاسبة، وبالتالي إلحاق الإسائة للعلاقات الثنائية، (تهريب الممنوعات، التحايل على القوانين، نهب الدخل القنصلي، نهب مخصصات الطلاب، فرض رسوم غير قانونية ( تحت مسمى الدخل الإضافي ). لن نقول ان كل هذه السلبيات هي من صنع ''الشرعية '' فالكثير منها من مخلفات نظام علي عبد الله صالح ولكنه وجد في الشرعية من يغذبها ويدعم استمراريتها.
لم تكتفي 'الشرعية"  بهذه الفضائح بل اقدمت على توظيف الأقارب وأولاد المسؤلين والتعيين الغير قانوني وتمديد الخدمة لمن تم احالتهم إلى المعاش وفقا لقانون الخدمة، واصبح غالبية السفراء هم من خارج وزارة الخارجية ومنهم من هو يحمل الجنسيات الاوربية ''و الامربكية ، ومنها البريطانية، الكندية ،الفرنسية، الهولندية وغيرها. اما السياسة الخارجية اليمنية وما تعنيه من تمثيل للوطن فهذا ليس في سلم الاولويات، ولا في حسبان من يرون ان الفرصة (المالية ) محدودة وزمنها مرتبط بهذه الأوضاع المزرية الذي يعيشها الوطن.

ان الدبلوماسية هي فن وعلم معا، وهذا العلم وهذا الفن يحتاج إلى دراية علمية ومؤهلات متخصصة ضف الى التجربة العملية، فلابد للدبلوماسي من معرفة المواضيع المتعلقة بالشؤون المهنية، وهذه المهمة كان يقوم بها ''المعهد الدبلوماسي اليمني" الذي من مهامه ان يهيئ الدبلوماسي اكان سفيرا او غيره من معرفة التالي:
 1 تاريخ الدبلوماسية، ومعرفة الاتجاهات السياسية لمسار الاحداث في العالم ، القانون الدولي العام، والقانون الدولي الخاص، والاتفاقيات الدبلوماسية والقنصلية المنظمة للعلاقات الدولية، ايضا قواعد البرتكول والإتكيت، وأصول المراسلات الدبلوماسية التي تستوجبها علاقات الدول، هذا بالاضافة إلى فنون التفاوض الدبلوماسي، وكيفية مواجهة الازمات، والثقافة العامة في الجغرافيا والعلاقات الاقتصادية وكيفية التعامل مع وسائل الاعلام الحديثة، وعلى ان يجيد إحد اللغات العالمية، وان يتحدث الدبلوماسي لغة الدولة التي سيبعث اليها. فأين نحن اليوم من هذه المواصفات.
تعيينات الشرعية اثارة غضبا بين الدبلوماسيين المتخصصين من ذوي الكفاءات
 والخبرات، وفي الوقت نفسه خلقت انتقادات واتهامات متبادلة بين اوساط الناس، هناك من يقول ''جنوبا'' ان محافظة ابين استحوذت على كل التعيينات، وهناك من يقول ''شمالا'' ان الجنوب سيطر على كل السفارات، ودوليا نرى ان التعيينات العشوائية تسببت في الإساءة لتاريخ الدبلوماسية اليمنية
  حدث كل هذا بعد ان ابتعدت التعيينات عن التقاليد المتبعة في الخارجية اليمنية وتجاوزت قانون السلك الدبلوماسي المنظم للتنقلات والتعيينات.
 خلال هذا الاسبوع كشف الصحفي نبيل الاسيدي حقيقة ما يحدث في سفاراتنا في كلا من القاهرة والاردن وطوكيو، شي مؤلم ان تنزلق الدبلوماسية اليمنية إلى هذا المستوى المتدني من الأفعال ونهب المال العام، بل الأخطر هو وصول التجاوزات حد الإساءة للعلاقات الثنائية مع دول الاعتماد وتلقي المذكرات الإحتجاجية من قبل الدول المضيفة، ضد ممارسات بعثاتنا  الدبلوماسية  فهل من منقذ لهذا الانفلات ؟.
السفير علي عبد الله البجيري