سفراء النهب.. الدبلوماسية اليمنية في خطر

الأحد 12 أغسطس 2018 20:32:06
سفراء النهب.. الدبلوماسية اليمنية في خطر

 رأي المشهد العربي

على الرغم من تغول الفساد الذي ينخر في سفارات وقنصليات وملحقيات اليمن في الخارج بشكل واضح، إلا أن ذلك لم يحرك ساكنا لدى حكومة الشرعية للحد من هذه المشكلة، والتي تتمحور في غياب المعايير في وضع السفير المناسب في المكان المناسب، الأمر الذي يشكل خطراً على المهام الطبيعية للدبلوماسية اليمنية.

 ولا يتورع كثير من سفراء اليمن بالخارج عن الممارسات الغير قانونية التي أصبحت حق مكتسب لهم وسط لامبالاة منهم ومن وزارة الخارجية التابعة للحكومة الشرعية في ظل ما يعاني منه اليمن من أزمات.

وتُتهم الطواقم الدبلوماسية العاملة في كثير من السفارات اليمنية بالفساد وتأخير صرف المستحقات المالية للطلاب بغرض المتاجرة بها، كما تتهم حكومة أحمد بن دغر بتعيين موظفين دبلوماسيين يفتقرون إلى الكفاءة، في وقت يعاني الجهاز الدبلوماسي اليمني في الخارج من الترهل.

 وباستمرار نسمع عن فضائح فساد دبلوماسي بالسفارات بالخارج كان آخر هذه الفضائح في دولة الصين من خلال استيلاء بعض السفراء على منح ثقافية لصالح أبنائهم.

ولم تكن هذه هي الواقعة الأولى من نوعها وإنما أقدم كثيرا سفراء في الحكومة الشرعية على الاستيلاء على عدد من المنح الثقافية لصالح أبنائهم دون مراعاة لشروط هذه المنح التي لا تنطبق عليهم بحسب تقارير منشورة.

 وتداول رواد مواقع التوصل الاجتماعي، وثيقة تكشف استيلاء كلُ من سفير اليمن لدى الصين ونائبه والقنصل والملحقين "المالي والثقافي" على عدد من المنح الثقافية لصالح أبنائهم.

وأوضحت الوثيقة الرسمية المنح التي جاءت كالآتي: منحة دراسية في مجال الترجمة لـ(هيام) ابنة السفير محمد عثمان دبوان المخلافي، ومنحتين دراسيتين في مجال هندسة البناء والإنتاج الغذائي لـ (لمياء ولقاء) ابنتا نائب السفير أحمد مثنى قاسم.

وكذلك منحة دراسية في الهندسة الميكانيكية لـ (رائف) نجل الملحق الثقافي محمد عوضين ربيعه، وأخرى في طب الأسنان لـ (روان) ابنة المستشار المالي فارس طاهر درهم، ومنحة في إدارة الأعمال لـ(فارس) نجل القنصل عبدالله سنبل.

 ويأتي هذا القرار المذيل بالوثيقة بالعام الجديد 2018 رغم أن الحكومة اليمنية أعلنت رسميا منتصف العام الماضي وقف كافة المنح الدراسية والابتعاث إلى الخارج عدا أوائل الجمهورية، إلا أن طلاب يمنيون في الخارج يؤكدون اعتماد الحكومة منح دراسية خاصة لأبناء وأقارب مسؤولين.

 ويطالب مراقبون بضرورة تفعيل اللجان العليا للرقابة والمحاسبة والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة العليا لمكافحة الفساد التي لاتزال معطلة أعمالها حتى اليوم .

  وتشهد معظم السفارات اليمنية في الخارج والمنح الدراسية خصوصا منح التبادل الثقافي عمليات فساد كبيرة يقف خلفها سفراء ووكلاء ومستشارين في الحكومة الشرعية.

 

ويعتبر فساد السفارات بالخارج انعكاس واضح للحالة السيئة التي تعيشها الحكومة الشرعية التي أصبحت ترعى الفساد والمفسدين من خلال تعيينها لأعداد مهولة ورعايتها لهم بشكل مستفز حتى أصبحت السفارات تشبه محطات القطارات من زحام الموظفين بها.

وتعبث ما تسمى بالحكومة الشرعية بثروات البلد ومقدراته وخيراته ومكتسباته حتى سفارته بالخارج لم تسلم من هذا العبث في الوقت الذي يعيش فيه اليمن أسوأ كارثة إنسانية في العالم، بحسب وصف الاتحاد الأوروبي.

الغريب بل والعجيب أن الحكومة لا تزال تلتزم الصمت تجاه تقارير صحفية تحدثت عن فساد السفارات بالخارج، فضلا عن صمتها عن رواتب ومستحقات مهولة يتقاضاها الوزراء والمسئولين الأدنى والأعلى بالدولار الأمريكي، في الوقت الذي لم يتسلم فيه قطاع كبير من الموظفين رواتبهم لشهور طويلة.

ويعاني ما يقرب من مليون ومائتي ألف موظف يمني من عدم استلام رواتبهم بانتظام أو تأخرها فترات طويلة بسبب شح في الموارد، ونهب الوزراء والمسؤولين بالحكومة فضلا عن مليشيا الحوثي ثروات اليمن ومدخراته المالية.

ومع تدهور الأوضاع المعيشية لغالبية اليمنيين وتوقف صرف مرتبات الموظفين الحكوميين، اتسعت دائرة معاناة الطلاب اليمنيين الدارسين في الداخل والخارج على السواء.

ودشن ناشطون حملة على منصات مواقع التواصل الاجتماعي لمكافحة الفساد المستشري في السفارات والقنصليات اليمنية ووقف العبث الذي تمارسه بحق اليمنيين في الخارج والحد من التقصير الذي يشوب أدائها.

وخلال الشهور الماضية، نفذ طلاب يمنيون في بلدان عربية وأجنبية اعتصامات عدة داخل السفارات اليمنية للمطالبة بدفع مستحقاتهم المالية المتأخرة.

وطرح سياسيون من قبل بأن وزارة الخارجية لا تحتاج لهذا الكم من الدبلوماسيين، إذ أصبحوا يمثلون عبئاً مالياً كبيراً دونما فائدة تذكر، سيما في بعض الدول التي لا تربط اليمن بها أي تعاون في مجالات مهمة كالتعاون الاقتصادي والعسكري اللوجستي.

ولهذا كشف وزير الخارجية اليمني خالد اليماني في تصريحات صحفية عن عمليات تطوير وتغييرات ستشهدها الدبلوماسية اليمنية، خلال المرحلة القادمة.

وقال الوزير إن العمليات التطويرية ستشمل إعادة تقييم الأوضاع الحالية للسفارات وكوادرها، بما يضمن إعادة المكانة والشخصية الاعتبارية للدبلوماسية اليمنية باعتبارها رافداً حقيقياً للجهد العسكري والمجتمعي لاستعادة الدولة.

وتوصف الحرب التي تشهدها البلاد منذ أكثر من 3 سنوات بالكارثة غير المسبوقة التي حلت باليمنيين في الداخل والخارج ومنهم الطلاب المبتعثون الذين تبدو معاناتهم مضاعفة، خصوصًا مع استمرار توقف المنح المالية لكثير منهم بالتزامن مع توقف رواتب ذويهم في الداخل.