محمد ردمان في منتدى بن جازم الثقافي في فعالية عن النقد الأدبي

الأربعاء 15 أغسطس 2018 23:32:00
محمد ردمان في منتدى بن جازم الثقافي في فعالية عن النقد الأدبي
أقام منتدى بن جازم الثقافي عصر اليوم الإربعاء فعالية ثقافية بعنوان النقد الأدبي في  مجلة (المستقبل) أدارها الأستاذ أحمد السعيد وقدمها الباحث الدكتور محمد ردمان علي  تطرق فيها إلى الدور الفاعل الذي قامت به المجلة في النهوض بالحركة الأدبية والثقافية .

وأشار الدكتور ردمان "إلى أن مجلة المستقبل ((صُدرت  عام 1949م- 1950م ، وصدر منها عشرين عددا، وكان مديرها المسؤول عوض سالمين باسنيد أما رئيس تحريرها كان عبدالله باذيب. 

وقال :على الرغم من عمرها الزمني القصير إلا أن دورها في الثقافة كان كبيرا، إذ فتحت على صفحاتها مجالات التجديد الثقافي والأدبي))  وعلى هذا الأساس يشير ردمان إلى أن مجلة المستقبل أحدثت  تحولا في المسار الثقافي بصورة عامة، والنقد بصورة خاصة ، فقد كان نهج المجلة  التجديد الشامل في مختلف مناحي الحياة، هذا الأمر سنلمسه من خلال ما كتب عن غاية هذه المجلة: " غاية هذه المجلة هو التجديد ..

التجديد الشامل الواعي في نظريات المجتمع ومقاييس الأدب وطرائق الفكر. ويؤكد هذا الاعتقاد دعواتها المتلاحقة لتكوين ثقافي مستعجل، وإنشاء أدبي سريع."().

وفي مجال النقد الأدبي، اتضحت فيها الصورة التجديدية أكثر ، فنجد فيها ركنا أدبيا أسمته (الغربال) على غرار غربال ميخائيل نعيمة في مجلة (الفنون الأدبية) التي كانت تصدر في المهجر الشمالي، ففي هذا الباب ظهرت كتابات نقدية  لعبد الله باذيب  وجهت لنقد النتاجات المحلية، فظهر فيها مصطلح (التجديد) ()، إذ كتب باذيب تحت عنوان "التجديد في الشعر العدني"؛ مرحباً بالمنحى التجديديِّ في ديوان لطفي جعفر أمان ( بقايا نغم)، يقول: "قارئ هذا الديوان يستطيع تماماً أن يقرأ فيه أدب العصر الذي يلينا، ويدرس فيه أيضاً هذه الروح الشِّعريَّة في الجيل الذي يتبعنا إذا وافقني حضرة القارئ – وما أظنه إلا فاعلاً- في قولي إنَّ هذا الشَّاعر سابقٍ لعصره"(). 

مضيفا :في هذه المجلة كان يكتب عبد الله باذيب بابه الشهري في ( الغربال) إلى جانب الباب الثاني ( معرض الشهر) ، ففي الباب الأول قدّم على سبيل المثال قراءات نقدية عن ديوان ( بقايا نغم) للطفي أمان ، وعن رواية( يوميات مبرشت) للطيب أرسلان وعن مسرحية( بجماليون) لعلي لقمان وعن شعر أبي نواس، وكتب عن ( التجديد في الشعر العدني)، وفي الباب الثاني قدّم قراءات عن النتاجات الأدبية والفكرية التي كانت تنشر عربياً ومحلياً، فكتب عن مسرحية( اليوم خمر) لمحمود تيمور ، وكذلك كان على اطلاع بالأدب الأوروبي، فقد كتب- مثلاً_ مقالاً تناول فيه الأدباء( فولتير وتولستوي، وولز)()، وآخر عن الشاعر الفرنسي( بودلير) يقول فيه " وقد حوكم هذا الشاعر أمام القضاء بعد صدور ديوانه " أزهار الشر" لأن الحرية لم تستطع أن تتكيف في إطار القوانين، فغايتها الامتداد والبعث"() .

كما تحدث الباحث ردمان عن كتابات عبد الرحيم لقمان   (أثر علم النفس في الأدب الحديث) و (الأدب والمجتمع) و(لغة الشعر الأفرنجي)، ثم أشار إلى كتابات لطفي جعفر أمان التي أظهر موقفه من بعض القضايا ففي العدد الرابع مثلا من المجلَّة سيكتب لطفي عن الأسلوب الفني مستعرضا فيه رؤيته للأديب الذي يشترط عليه أن "يمتلك القدرة التي تثير القوى المعبرة الكامنة في مادته، وعليه أن يدير من الفكرة الواحدة شرائط من الصور والمعاني والإيحاء، وينفث في اللفظة الواحدة ظلالا من الخيال والحياة, فيكتب شيئا مبتكرا"، وبناء على ذلك يرى أن الأدب " فن وتعبير" وعلى الأديب أن "يطلق خلجات نفسه في مسابح الخيال، حيث تتمثل معانيها في صور تكاد تلمس.. ثم يلتقف الألفاظ التي تهبط من فنه لتعبر عن تلك الأحاسيس والصور"، أما الأسلوب الفني عنده لا يكون فنيا "إلا إذا كانت الألفاظ محكمة في سبكها، بحيث تلقى إشعاعا واضحا من المعاني والصور"، فيصير الأسلوب الأدبي "أفكار ومشاعر متمازجة"(). 

وهو يرى أنَّ "المعاني سلعة مباحة بين الناس، وأما المشاعر فلكل إنسان عالمه الخاص الذي تعيش فيه"، فالمعاني سلعة مباحة يتوافق مع رؤية الجاحظ (ت 255هـ) قديما؛ فقد كان يرى "أن المعاني مطروحة في الطريق يعرفها العربي والعجمي"(). ويهاجم الأدباء الذين "يحملون على التعابير الفنية التي تمزج الفكر والشعور، ويفسرون الغرض من الأدب بأنَّه توضيح الفكرة، فيرى أن هؤلاء "كأنهم يحلون مسألة رياضية أو هندسية، فتسير الألفاظ في جمل منطقية متجهمة"().

وقد قدمت عقب المحاضرة عدد من المداخلات والتفسيرات كانت كفيلة بإغناء الموضوع .