العرب اللندنية: ميليشيا الحوثي تناور سياسيا لتفادي الهزيمة بالحديدة

الاثنين 17 سبتمبر 2018 04:32:47
العرب اللندنية: ميليشيا الحوثي تناور سياسيا لتفادي الهزيمة بالحديدة

قوات العمالقة الجنوبية الساحل الغربي - ارشيفية

العرب اللندنية

وصل المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث إلى صنعاء في زيارة جديدة يلتقي خلالها قيادات الجماعة الحوثية في محاولة لجلبهم إلى طاولة الحوار السلمي، في الوقت الذي بعث فيه قيادي حوثي رفيع وعضو وفد المتمرّدين التفاوضي، عبدالملك العجري، برسائل وصفها مراقبون بأنها انعكاس سياسي للهزائم العسكرية التي تكبدتها الميليشيات الحوثية في مدينة الحديدة على الساحل الغربي اليمني.

وبدأ غريفيث الزيارة بلقاء مع وزير خارجية حكومة صنعاء الموازية هشام شرف ناقشا خلاله المقترحات المتعلقة بمشاورات السلام.

ويواجه المتمرّدون الحوثيون ضغطا عسكريا غير مسبوق في الحديدة على يد التحالف العربي والقوات اليمنية المدعومة من قبله، أفضى إلى تراجعهم في تلك المحافظة بالغة الأهمية الاستراتيجية، بعد تكبّدهم خسائر كبيرة في الأرواح والمعدّات.

وأُعلن، الأحد، عن مقتل ما يزيد عن ثلاثين من عناصر الميليشيا الموالية لإيران في اشتباكات متقطعة مع القوات الحكومية، وبغارات جوية شنتها طائرات التحالف العسكري بقيادة السعودية في محيط مدينة الحديدة التي تكاد تنقطع الطرق بينها وبين العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، الذين سيصبحون إذا تواصلت المعارك بنفس الزخم عاجزين عن إمداد الجبهات بالمقاتلين والسلاح.

وأشار العجري وهو قيادي بارز مقرب من زعيم الجماعة الحوثية في منشور له على موقع فيسبوك إلى رغبة الحوثيين بالتوصل إلى حلّ سياسي على قاعدة “إنهاء الانقلاب والعدوان” حسب تعبيره، وهي المرة الأولى التي يعترف فيها قيادي حوثي بأن ما حدث في 21 سبتمبر 2014 كان انقلابا وليست “ثورة” كما يصفها الإعلام الحوثي.

وقال العجري في منشوره الذي يعدّ تحولا في الخطاب السياسي للجماعة الحوثية “لماذا لا نتفق على حل وسط ينهي مظاهر الانقلاب مقابل إنهاء مظاهر العدوان ويستأنف الحوار السياسي من حيث توقف قبل العدوان”، وقدم القيادي الحوثي الذي التقى المبعوث الأممي في مسقط قبل أيام، ما يشبه المبادرة للحل السياسي، بدأها بخطوات لإنهاء مظاهر الحرب التي وصفها بـ”العدوان” وتضمنت تحييد التحالف العربي وسحب قواته من اليمن وتفكيك الجيش الوطني الذي وصفه بالميليشيات وسحب أسلحته، وإعادة الإعمار، وتشكيل “لجنة تحقيق دولية مستقلة للتحقيق في جرائم الحرب وملاحقة مرتكبيها”.

واعتبر مراقبون سياسيون أن “خطة” القيادي الحوثي هي بمثابة محاولة لإحياء خطة وزير الخارجية الأميركي جون كيري التي رفضتها الحكومة اليمنية في حينه ووصفت بالمنحازة للحوثيين.

وترفض الحكومة اليمنية أي حل سياسي خارج إطار المرجعيات الثلاث المعروفة: المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، والقرار الأممي 2216، كما تشترط بدء أي اتفاق سياسي بتفكيك الانقلاب قبل الدخول في أي إجراءات أخرى، وهو الأمر الذي يرفضه الحوثيون.

وفي تعليقه على زيارة غريفيث لصنعاء، وصف الباحث السياسي اليمني فارس البيل الزيارة بأنها “محاولة متجددة ضمن سيناريو الاسترضاء الذي تبذله الأمم المتحدة لإقناع الحوثي بالانخراط في أي مشاورات حتى لو لم تحقق أي حلول حقيقية للازمة اليمنية”.

ولفت البيل في تصريح لـ"العرب" إلى أن “الأمم المتحدة تسعى لتحقق ولو مجرّد اللقاء بين الأطراف، كما أنها من جانب خفيّ تبدي رغبة في أن تنقل الحوثي إلى المستقبل السياسي بأقل الأضرار عن طريق أي صفقة سياسية أو حل سياسي يضمن مشاركة الحوثي في السلطة القادمة دون أن ينكسر أو يتحمّل عواقب الجرائم التي اقترفها بحق اليمنيين”.

وفيما اعتبرته الحكومة اليمنية مظهرا آخر من مظاهر الانحياز الأممي للميليشيات الحوثية، وقّعت منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي في صنعاء على مذكرة تفاهم بين الانقلابيين والأمم المتحدة لإنشاء جسر جوي طبي، دون تنسيق مع الحكومة الشرعية.

وعلّق نشطاء يمنيون على هذه الخطوة بأنها بمثابة مكافأة للحوثيين على عدم حضور مشاورات جنيف، بينما وصف وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني في تغريدة له على تويتر هذه الخطوة بأنها “تطوّر خطير وسقوط مدوٍّ”.

ربطت دولة الإمارات العربية المتحدة بين تحقيق السلام في اليمن ووقف تسليح إيران للحوثيين، مشدّدة على أن الهدف الأساسي من خوض التحالف العربي للحرب في اليمن هو تحقيق السلام.

ودعت الإمارات في رسالة وجهتها مندوبتها الدائمة لدى الأمم المتحدة لانا زكي نسيبة إلى رئيسة مجلس الأمن الدولي لهذا الشهر المندوبة الأميركية نيكي هايلي، المجلس إلى بذل أقصى الضغوط على الحوثيين، بما في ذلك ضمان الوقف الفوري لإمدادات السلاح والتمويل والمساعدة التقنية التي تصلهم من إيران، مؤكدة على أن هذه الخطوة ستسهم في تسهيل مهمة المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث وفي إحراز تقدّم على طاولة المفاوضات.

وأكدت الرسالة التي وُجهت نسخة منها إلى أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على التزام دولة الإمارات بالعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، على الرغم من تجاهل الحوثيين لمحادثات جنيف الأخيرة التي نظمها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث معتبرة عدم حضور الحوثيين لهذه المحادثات السياسية، بمثابة نكسة خطيرة وخيبة أمل كبيرة للشعب اليمني وتحالف دعم الشرعية في اليمن الذي يتوق إلى إيجاد نهاية للنزاع. وأكدت نسيبة على استعداد تحالف دعم الشرعية في اليمن دعم إجراء هذه المحادثات متى تمكّن المبعوث الخاص من ضمان المشاركة الفعّالة للحوثيين بها، معربة عن أملها في أن يتمكّن من تحقيق ذلك.

ولفتت إلى أن أي تقدم ممكن إحرازه على طاولة المفاوضات، يعتمد على استمرار الضغط على الحوثيين، معتبرة أن التقدم في تحرير معظم مناطق ساحل البحر الأحمر من قبضتهم يشكّل عاملا مفيدا لأنه يسهم في وقف عمليات تهريب الأسلحة والأموال للحوثيين ويسهّل من عمل المبعوث الخاص.

كما شددت المندوبة الإماراتية في رسالتها على الأهمية الحاسمة التي تحظى بها عملية تحرير الحديدة لحمل الحوثيين على التوجه إلى محادثات السلام منوّهة إلى أنه وتحقيقا لهذه الغاية، قامت قوات الحكومة اليمنية المدعومة من قبل تحالف دعم الشرعية في اليمن الآن بتكثيف العمليات العسكرية ضد الحوثيين في منطقة الحديدة وعلى جبهات أخرى.