في حوار خاص لـالمشهد العربي.. مخرج10أيام قبل الزفّة: تحدينا الواقع لمساعدة عدن في مخاضها العسير

الثلاثاء 18 سبتمبر 2018 11:05:58
في حوار خاص لـ"المشهد العربي"..  مخرج"10أيام قبل الزفّة": تحدينا الواقع لمساعدة عدن في مخاضها العسير
خاص المشهد العربي

 خلال أيام عيد الأضحى المبارك تدافع الآلاف من المشاهدين في عدن جنوب اليمن أمام صالات عرض فيلم "10أيام قبل الزفّة " للمخرج الشاب "عمر جمال ".

 وتدور قصّة الفيلم الذي كلف انتاجه 17مليون ريال( 32 ألف $ تقريباَ) حول شاب وفتاة حالت ظروفهما المادية الصعبة وتداعيات الحرب التي ما فتئت تفتك بمقدرات البلد وأهلها شمالاً وجنوباً دون تمكنهما من إتمام مشروع زواجهما .

نجاح الفيلم جماهيريّا فاجأ الجميع بما فيهم أبطال الفيلم أنفسهم ، جاء عرض الفيلم في توقيت حرج بعد أربع سنوات من الحرب، وصراع شرس للناس مع الموت والدمار والأزمات المتتالية التي عصفت بمدينة عدن، وما تزال أمنيا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وهو ما حاول الفيلم معالجته ومناقشته في قالب كوميدي ساخر على نحو ما أكده مؤلف ومخرج الفيلم في ثنايا حوار أجراه معه موقع "المشهد العربي" الإخباري.

 وإلى نص الحوار:

 هل فاجأكم نجاح الفيلم شعبيّاً ؟

 بالفعل لم أكن أتوقّع وأسرة العمل هذا الإقبال الكبير من الجمهور- يبتسم - فوجئنا كثيراً بردود أفعال الناس وبالنجاح الجماهيري الباهر الذي حققه الفيلم وتوافد الجمهور من مختلف الأعمار إلى صالات العرض - خصوصا وأن هذه  الفعالية الثقافية هى الأولى منذ اندلاع حرب مارس  2015م ، فقد كنا نخشى بأن يؤثر واقع الحال في عدن والظروف المعيشية الصعبة وأعباء الحرب والهاجس الأمني سلباَ على نجاح الفلم جماهيرياً ، بالفعل كانت مفاجأة سارّة وعبر " المشهد العربي " أشكر أهالي عدن ومحيطها الذين ساندونا وكانوا سببا رئيسا في نجاح الفلم .

 هل تعتقد بأن الناس الذين اكتظت بهم قاعات العرض لأكثر من شهر باتت لا تعبأ بالتفجيرات والتهديدات الأمنية خاصة تلك التي تطلقها الجماعات المتشددة والتي تعتبر السينما حراماً ؟

 هناك حالة من التهويل والمبالغة في وصف تردي الوضع الأمني على صفحات " السوشيال ميديا " تحديدا اعتقدنا  بأنها ستحول بين الجماهير وحضورها لمشاهدة الفيلم،  لكن ما حدث كان العكس تماماً ، ونحن كنا قد انقطعنا عن المسرح وعن الفعاليات الثقافية منذ بداية الحرب تقريباً، كطاقم فني خاطرنا بحياتنا وقررنا تحدي الواقع والوضع السيئ في مدينة طال الدمار غالب بنيتها التحتية ولازالت الأزمات تلاحق أهلها البسطاء ، ومع ذلك نزلنا إلى الشوارع والحواري وصوّرنا غالب لقطات الفيلم في الأزقة ووسط المباني المهدمة دون خوف .

 من المعروف أن المرأة في عدن قبل الوحدة شكّلت " نموذجا " فريداً في المنطقة وكانت رائدة في العديد من المجالات الفنية والإبداعية اليوم هناك تراجع لافت للمرأة في عدن تحديدا.. إلى أي مدى يمكن أن يؤثر ذلك سلباً على المجال الإبداعي والفني عموماً  ؟

 بالفعل بعد حرب صيف 94ميلادية واجتياح الجنوب نمت ظواهر التطرف والتشدد والانغلاق والغلو وتحولت جميعها بعد ذلك إلى أعمال عنف وإرهاب وبدأت بعض الجماعات بفرض قناعاتها على الأخرين بالقوة وسمعنا منها  مسائل تحريم الفنون بينها السينما .

 بالتأكيد هنا وضع صعب ونحن من خلال  استمرارنا وإصرار الشباب على خوض مجال السينما والمسرح أردنا أن نؤكد أن عدن بخير وبإمكانها أن تنهض من بين الركام والدمار الفكري والمادي بسواعد أبنائها ، أكرر نحن نملك طاقات كبيرة - لو أتيحت لها الفرصة - أنا على ثقة بأنه يمكنها المنافسة عربيا وربما دوليّا وستنجح بالتأكيد بدون المرأة لا توجد سينما ، كذلك غياب السينما كصناعة في أي بلد يشكل أيضاً عائقاً وكابحاً للمشتغلين فيها-  و في المجال الفني عموما - يحول دون إمكانية احترافهم وحصولهم بالتالي على موارد مالية جيدة ودخلاً مناسباَ ، هذا العامل أصبح اليوم معياراً أساسيا للبناء وللتطوير والإبداع والتفوق..إننا نملك طاقات شابة جبارة وموهوبة بالفطرة يمكنها حال وجدت الرعاية والبيئة المناسبة أن تبدع وتتفوق .

 هل هناك خشية من وجود معارضة للأمر برمته من الجماعات المتشددة ؟

 بالتأكيد هذا يقلق الجميع  ونحن بطبيعة الحال نسعى إلى تقديم أعمال راقية سواء على المسرح أو السينما تعكس واقع الحال كما هو،  ونرفض  أن تحول التفجيرات والاغتيالات وأعمال القتل بيننا والتحرك للقيام بشيء ما، حالة التقوقع والسكون والجمود تعني شيئا واحداً أننا نستسلم لهذا الواقع والسماح  له بتسيّد المشهد وبالمحصلّة فأنت حين تلقى حتفك وأنت تؤدي عملاً تحبه وفكرة دافعت عنها تكون قد فعلت ما تراه أنت صواباَ ثم أنني أؤمن بقضاء الله وقدره لذلك لن نسمح للخوف بأن يقتل إرادة الحياة فينا .

 وهل تعتقد بأن الإيرادات ستغطي التكلفة الإنتاجية للفيلم ؟

نعم الإيرادات كانت جيّدة وغطت تكلفة الإنتاج .

 هل سيتم عرض الفيلم في الخارج ؟

نحن حاليّا نركز على المشاركة في المهرجانات - حال وُجهت لنا الدعوات بالطبع – وأيضا استمرار عرض الفيلم في السينما والعروض الخاصة وحال الانتهاء من ذلك يمكن أن نفكّر بعرض الفيلم على شاشة القنوات الفضائية ، تلقينا اتصالات من الخارج وقبلها نحن بصدد إعداد "بروموهات " للفيلم بعدّة لغات بينها الإنجليزية والألمانية والتركية والفرنسية نعتقد بأنها ستساهم في الترويج للفيلم خارجيّا .

 في الجوانب الفنية هل  أثرت  التقنية ونقص الأجهزة ونوعيتها بالنسبة للموسيقى التصويرية وأدوات الصوت ونوع الكاميرات والإضاءة على جودة الفيلم ؟  

بالطبع لا مقارنة البتّة بين الإمكانات التي تراها في هوليود أو "بوليود " أو مصر على سبيل المثال هناك حيث أضحت السينما صناعة - كما أوضحت لك سابقا – طاقم عمل الفيلم في عدن بسيط جداً وبعدد محدود، إنتاج الأفلام كما تعلم يتطلب اليوم جيشا من الفنيين المحترفين ومع ذلك سعينا إلى أن تتوافر في فيلم " 10 أيام قبل الزفّة " متطلبات الحد الأدنى فيما يتعلق بجودة الصورة والصوت والإضاءة وأعتقد بأن الفيلم يملك مقومات العرض المتعارف عليها سينمائيّاً ، بالعموم العمل حاز على إعجاب المشاهدين وهذا هدف رئيسي بالنسبة لأي فيلم .

هل تُعد لعمل فيلم آخر ؟

من المبكر الحديث عن العمل القادم  أنا اعتقد أن فيلم " عشرة أيام قبل الزفّة " يستحق الرعاية و الاهتمام و تسخير الجهود والوقت لتسويقه خارجيّا ، هدفنا أيضا يتعدى المجال الفني وهو تعريف العالم بهذه البقعة من الأرض وتسليط الضوء على معاناة أهلها وإبراز الجانب الجمالي لهذه المدينة الرائعة عدن بشوارعها وأزقتها وسعيها الدؤوب للخروج من المخاض العسير الذي تعيشه الآن لذلك نحن نحشد كل الطاقات من أجل عرض الفيلم في أكثر من دولة حول العالم .

 لا يعلم كثيرون هنا أن مهندساً شاباً من أبناء عدن اقتحم عالم الفن وبرع فيه إلى درجة الإجادة والاحترافية ، أتذكر بداياتك الأولى حين كنا نتحدث عن الموسيقى التصويرية سوياً وأتذكر أنك كنت تنصت باهتمام إلى ملاحظاتي حينها باعتباري مشاهد.. السؤال ..هل نحن بصدد ظهور طاقات جبارة ونوعية في عدن يحول بين انطلاقها وإبداعها واقع الحال عمرو؟

 بالفعل الفن والإبداع بحاجة إلى بيئة مناسبة وإمكانات مادية واستقرار وعوامل أخرى كثيرة مساعدة للنجاح، أعرف العديد من المواهب الشابة في عدن لو أنها وجدت رعاية وتدريب وتأهيل وتشجيع ودعم لتفوقت ونافست على المستويين العربي والدولي، على سبيل المثال الشباب المشاركين معنا في الفيلم سواء في الموسيقى التصويرية أو الجرافيك أو المونتاج الفني هم شباب مبدعون بالفعل وبصماتهم إن شاهدت الفيلم ستجدها حاضرة بقوّة واثق لو أنهم وغيرهم كثير حصلوا على الرعاية والدعم والتأهيل لتفوقوا كثيراً .