إذا سبَّح القيطون!

(إذا سبح القيطون هم (بزلة)
فاحذر من القيطون حين يسبح).

بيت الشعر لا يعرف قائله، والقيطون شيء تعددت معانيه، فقيل إنه الثعلب، وقيل إنه طائر يلتهم أي شيء حتى بني جنسه، وقيل إنه حارس الخزنة، وفي تعريف آخر بأنه مخدع النوم. وبغض النظر عن التعريف الحقيقي للقيطون، فقد رسخ في وجدان الناس أنه شيء يحمل من الصفات غير الحميدة ما يجعله نذير شؤم، وأنه يتميز بقدرته على أن يخلق لدى الناس انطباعا مغايرا يلهيهم به عن طبيعته الحقيقية.

بداية نقول إن من يقدمون خدمة يلمسها الناس لا يحتاجون إلى (قياطين) تلهي الناس عن حقيقتهم مثلما يحتاجها من لا يعمل شيئا إلا لنفسه ومحاسيبه.

للحكومة الموقرة أكثر من قيطون، بين رسمي أو مقاول بالقطعة، يسبحون بحمدها، لكن الناس لا ترى من هذه الحكومة إلا (الزلل) المتكرر في كل شيء، فحين يسبح أي قيطون حكومي تعقب تسبيحته كارثة، وتختزن الذاكرة الجمعية للناس ما يكفي من الشواهد.

حين التحق رئيس الحكومة بمركب الشرعية وتولى رئاسة الحكومة في 4 أبريل 2016 هللت (قياطين) الحكومة بأن صيف ذلكم العام سيكون أول صيف بارد نعيشه بعد حرب تحرير عدن، ومن يومها لا شفنا صيفا باردا ولا حتى شتاءً باردا، بل إنه كلما سبح (القيطون) الحكومي بدخول مولدات جديدة أو وقود، تبعه تراجع في الخدمة لم يكن آخرها إعلان وصول مولدات جديدة بطاقة 120 ميجا، وتكرم الأشقاء في المملكة العربية السعودية بتزويد المحطات بالوقود حتى عادت الخدمة إلى المربع الأول (ثلاث ساعات لاصي وثلاث طافي).

وحين سبح القيطون الحكومي وبشر بمعجزات «اللجنة الاقتصادية» (لدى إخواننا في تعز مثل معاصر يقول: إذا تشتي تعجنها لجِّنها)، حينها ازداد الدولار ارتفاعا وفقد الريال مزيدا من قدرته الشرائية لتصبح 30 % فقط (ما كنا نشتريه بـ30 ألفا أصبحت قيمته مائة ألف)، وحتى فتات الزيادة في الأجور المقدرة بـ 30 % لا نتوقع أن ترى النور قريبا.

ودعونا نعرج على مسألة سبح لها (القيطون) الحكومي طويلا وهي (خدمة عدن نت)، فقد تمخض جبل الحكومة وولد فأراً، فهذه الخدمة لا تناسب إلا ذوي الرواتب الدولارية وليست في متناول عامة الناس كما هلل (القيطون).

قياطين الحكومة، الرسمية والمستأجرة، لا تمل من التسبيح والتهليل بطريقة تزداد سماجة يوما عن ذي قبله، وأصبحت تنحو باتجاه المماحكات والشخصنة ولغة المواخير، وتبتعد تماما عن الموضوعية والتناول الناضج لقضايا المجتمع الحياتية.

ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقد سألتُ أحد الأصدقاء عن السر في شراسة الهجوم على قوى الاستقلال من زملاء كانوا يوما في مقدمة صفوف هذه القوى؟ فقال ضاحكا: (هؤلاء حديثو العهد بالولاء الحكومي، لذلك يبالغون في إثبات ولائهم، تماما مثل حديثي العهد بالالتحاق بقوى الاستقلال)، وبهذه الابتسامة الساخرة نختم.​