الإضرابات العمالية في إيران.. هدوء ما قبل العاصفة

السبت 17 نوفمبر 2018 20:17:07
الإضرابات العمالية في إيران.. هدوء ما قبل العاصفة


انتقلت عدوى الإضرابات التي تجتاح إيران، إلى القطاع التعليمي الذي شهد إضراباً عاماً للمعلمين في مناطق عديدة، احتجاجاً على سوء الحالة المعيشية، والاستمرار في اعتقال عدد من نشطاء نقابات المعلمين في إيران.
وشارك في الإضراب معلمون في مدن طهران ومشهد وتبريز وأصفهان وشيراز وكرمانشاه وإيلام وياسوج وسنندج وسميرم وهمدان وآمل وزرين شهر وغناباد وإسلام شهر وتربت حيدرية ومريوان وسروآباد وكرمه.
ويأتي إضراب المعلمين تزامناً مع الاحتفال الرسمي الذي حضره "روحاني" بمناسبة بدء العام الأكاديمى الجديد فى جامعة طهران، حيث قرر منظموا الإضراب أن يستمر عدة أيام، ونشروه تحت "هاشتاغ" "#تحصن_سراسري_معلمان" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر مستخدموه عن امتعاضهم من الغلاء والتضخم وانخفاض القدرة الشرائية للمعلمين واستمرار اعتقال نشطاء نقابات المعلمين.
ويدخل المعلمون في إضرابهم، في أول إسبوع من بدء العام الدراسي الجديد في إيران، حيث يحضرون إلى المدارس لكنهم يمتنعون عن الذهاب إلى الصفوف، وحمل بعض المعلمين لافتات كتب عليها أنهم لا ينتمون لا لليمين ولا لليسار، وأنهم يطالبون فقط بتحسين ظروفهم المعيشية.
يأتي إضراب المعلمين تزامناً مع موجة الإضرابات الواسعة لمختلف القطاعات والتي اتسعت نتيجة إنعدام الثقة بين المواطن من جهة والحكومة والنظام من جهة أخرى بسبب الأوضاع الاقتصادية المتأزمة، وصراع محتدم بين أجنحة السلطة يُبشر باقتراب العاصفة التي ستطيح بنظام الملالي قريباً.
ويؤكد محللون على وجود فجوة كبيرة بين المواطنين والجهات الرسمية تتسع تدريجيا لا سيما بعد تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية بصورة غير مسبوقة، وسط ردود أفعال شعبية كبيرة على قرارات الملالي وسلب ونهب أموال الشعب من أجل تمويل مليشياته المُسلحة التي يريد بها زعزعة أمن واستقرار المنطقة العربية. 
وتشهد مدن وبلدان إيران إضراباً واسعاً للكثير من الأسواق التجارية، في تداعيات الأزمة الاقتصادية التي ضربت إيران نتيجة فساد نظام الملالي، وتبنيه سياسة تجويع الشعب مقابل إمداد مليشياته الإرهابية التي ينشرها في البلدان العربية بالمال والسلاح، وصعدت دعوات واسعة بين فصائل الشعب الإيراني للقيام بإضراب عام لأصحاب المحلات التجارية والعاملين وسائقي الشاحنات، بهدف إحداث شلل اقتصادي تام يكون تمهيداً لانتفاضة عارمة لإسقاط النظام الإيراني واختلاعه من جذوره، وفقاً لما ورد بتلك الدعوات.
وفي تصريح خاص لـ"المشهد العربي"، قال خبير الاقتصاد الإيراني الحسيني أصفهاني، أن الإضرابات الحالية التي تشهدها البلاد على مستوى القطاعات التجارية تهدد الاقتصاد الإيراني بشكل جدي، موضحاُ أن موجة الاحتجاجات والإضرابات وصلت إلى المقاطعات الشمالية، التي يسكنها أساساً الأذربيجانيون.
وأضاف "أصفهاني"، أن الوضع الاقتصادي في إيران يتجه نحو الانهيار والإفقار الهائل للسكان، فبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو الماضي، وتوسيع العقوبات الأمريكية على إيران، فقدت العملة الوطنية الإيرانية نصف قيمتها، مؤكداً أن الحصار الذي تنفذه أمريكا والدول العربية على النظام الإيراني، وطلب أمريكا من جميع الشركات العالمية وقف استيراد النفط الإيراني يهدد بإنزال الضربة الكبرى على رأس الملالي.
وخلال حديثه أكد، أن البنك المركزي الإيراني، الواقع الآن تحت العقوبات الأمريكية، يواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ المعاملات المالية حتى داخل البلد، بيد أم الشعب الإيراني بشكل جماعي، يسحبون ودائعهم ويشترون الدولار واليورو، فتفاقم نقص العملات الأجنبية، وأن انخفاض قيمة الريال الإيراني أدى إلى ارتفاع أسعار بعض السلع المستوردة بنسبة 100 .%فيما انخفض نشاط بورصة السلع الإيرانية إلى أدنى حد. وزاد الطين بلة قرار الحكومة رفع رسوم مغادرة البلاد. 
وأكد الخبير الاقتصادي "الحسيني أصفهاني"، أن الإضرابات التي يقوم بها الشعب الإيراني ضد نظام الملالي تأتي نتيجة متوقعة لما يعانيه من فساد وزيادة أسعار غير طبيعية، مشدداً على خطورة أن يدير نظام الملالي ظهره لتلك الاحتجاجات الشعبية، التي توقع أن تعصف به قريباً، لأن العقوبات جعلت الوضع الاقتصادي غير قابل للتنبؤ، وبالتالي فإن السكان باتوا يخشون من الاستمرار في ذلك المنحدر الخطير.
وخلص "أصفهاني" إلى أنه لا مؤشرات على أن الحكومة تعرف المخرج، فكل شيء يتجه نحو الإفلاس وإفقار جماعي للسكان، قائلاً: "إذا كانت الولايات المتحدة حددت حًقا هدف تغيير السلطة والنظام السياسي لملالي إيران، فإن الوضع الآن يعمل لصالحها تماماً فالسكان في وضعهم الاقتصادي الحالي سيدعمون أي تدخل خارجي، فقط للتخلص من "النظام الفاسد" ووقف الأزمة.
ولبّت عدد من الأسواق في المدن الإيرانية دعوات لإضراب عام شهدته البلاد تضامناً مع سائقي الشاحنات المضربين منذ 16 يوماً نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار، وبدأت المبادرة من التجار في مدن مشهد وكرمانشاه وزنجان وسنندج، وتبعهم تجار السوق في سردشت وبيرانشهر بانتظار انضمام التجار في مدن أخرى.
وأظهرت مقاطع فيديو تداولها ناشطون إيرانيون عبر شبكات التواصل الاجتماعي، منذ أول ساعات الصباح، إضرابات واسعة في أسواق عدد من المدن الإيرانية، في حين وصفت الوكالات الرسمية المحسوبة على الحكومة و«الحرس الثوري» أوضاع سوق طهران بـ«العادية»، رغم أن قوات الأمن انتشرت في عدد من المدن الإيرانية، وأطلقت حملة أمنية استهدفت تجارا وسماسرة في السوق، لا سيما في سوق المال والعملة.
وتتهم المعارضة نظام الملالي بنهب ثروات الشعب وتبديدها في تمويل الحروب والتنظيمات الإرهابية في المنطقة، وقمع الحريات والإنفاق على المشاريع النووية التي لا طائل منها، مما زاد غضب الشارع الإيراني، المشتعل أصلا.