مشاريع أم متاهات..؟!

الخطر كل الخطر على قضية الجنوب من أبنائه الذين يسعون إلى ابتكار مشاريع تمزيق ليس الهدف منها بأي حال إنصاف أي طرف أو شريحة جنوبية مهما قيل، فالأمر لم يكن يأتي رفقاً وإحساساً بحال أحد من أبناء شعبنا ولا حرصاً على مصالحهم كما يدعي أصحاب تلك المشاريع التي لا تتفق مع فكرة إعادة الحق الجنوبي أولاً.. هؤلاء يضعون العربة أمام الحصان ولا يمتلكون رؤية فيها إنصاف لأحد من منظور التوقيت الذي يستبق إعادة الحق الجنوبي أولاً، فهؤلاء ليسوا مع التوافق الجنوبي بأي حال وليس في وارد مشاريعهم الانتصار لقضية شعبنا، إلا أنهم يسوّقون الوهم مستغلين المشاعر الجنوبية ويعزفون على وتر الماضي وسلبياته ومظالمه يحدثون أثراً في نفوس من يخاطبونهم بما لديهم من مشاريع.

مع أن فكرة عودة الحق الجنوبي لا يعني عودة الماضي وآلية الدولة التي كانت، كما أنها لا يمكن أن تكون دولة بوليسية قمعية شديدة المركزية لا تتفهم المطالب العادلة الداخلية التي على أساسها تقوم الدولة القادمة وفق الكثير من المعطيات التي تشير إلى أنها تحمل طابعا فيدراليا داخليا يستوعب خصوصيات الجنوب التي ربما شكل تجاوزها في الماضي سبيلاً لممارسة الظلم والاستحواذ على الموارد التي ينبغي أن تكون للجزء الذي تأتي منه خصوصية وأولوية في عائداته.

إذن، هل من يطرحون مشاريع الخلط والتشظي الجنوبي هدفهم استعادة الحق وإنصاف المظلومين أم أن للدعوات أجندة مختلفة تماماً تصب في خانة الماضي وترتدي جلبابه؟.. بمعنى أدق، تلك الدعوات لا يمكنها أن تحقق الإنصاف طالما والحق الجنوبي بصفة عامة ضايع، والفكر التجزئي القائم من أبرز أهدافه أن لا يقدم الجنوبيون أنفسهم للعالم بصورة توافقية تضمن عودة الحق وتخلق تطمينات للداخل والعالم بما تحمل في أفقها من مشاريع سياسية تستوعب كل هذه التشعبات وتبعث الأمن في هذا الجزء من العالم الذي يرتبط بمصالح عالمية واسعة أبرزها تأمين هذه الممرات المائية ذات الأهمية ومنع استمرار عوامل الفوضى وعدم الاستقرار والتطرف.. وهي دون ريب ضمن حسابات الجنوبيين الرئيسية في حال استعادة دولتهم.

من هنا يأتي التشويش والخلط والتشكيك وتبرز مشاريع مصغرة كعوامل معرقلة لمسيرة شعبنا وتضحياته الجسام.
من هنا تبرز ضرورة المضي باتجاه خلق توافق جنوبي يتجاوز تلك المعوقات التي تتنامى في هذه الأثناء، آخذين في الاعتبار حساسية هذه المرحلة الدقيقة، ومدركين أن سبيلنا إلى الحرية تحيطه الكثير من التحديات التي هي امتداد للماضي ومعبرة عنه.​