من يتحمل مسؤولية فشل تشكيل الكابينة الوزارية بالعراق ؟ ( تقرير خاص )

الثلاثاء 4 ديسمبر 2018 22:54:00
من يتحمل مسؤولية فشل تشكيل الكابينة الوزارية بالعراق ؟ ( تقرير خاص )
وصف مراقبون التخبط الذي وقع داخل البرلمان العراقي، اليوم الثلاثاء، خلال جلسة التصويت على الحقائب الوزارية الثمانية المتبقية بالفشل، بعد تأجيل جلسته إلى الخميس المقبل عقب المشادات التي وقعت بين الكتل السياسية وأعلنت خلالها كتلة "سائرون" النيابية التي يتزعمها مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، مقاطعتها لجلسة مجلس النواب العراقي الخاصة باستكمال الحقائب الوزارية الشاغرة في حكومة عادل عبدالمهدي التي نالت ثقة المجلس في ٢٤ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وجاءت خطوة سائرون، اعتراضاً على مرشحي رئيس الوزراء العراقي وكتلة الفتح لشغل وزارتي الدفاع والداخلية.

وقبيل ساعات من الجلسة البرلمانية المؤجلة والمخصصة للتصويت على استكمال تشكيل الحكومة، وفي حين لم يتم حتى الآن حسم أسماء المرشحين لتولي الوزارات الأمنية ووزارة العدل، وجّه زعيم تيار الصدري، مقتدى الصدر، رسالة إلى رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، حمّله فيها مسؤولية قراراته للحكومة المقبلة.

وقال الصدر في رسالته إنه تم اختيار عبد المهدي، لتولي الحكومة كونه شخصية مستقلة ولا يميل إلى أي جهة، ولا يسعى إلى إرضاء أي طرف من الأطراف، مشيراً إلى عبد المهدي ملزم بالبقاء في هذا التموضع وبعدم الانصياع إلى جهة.

ودعا الصدر عبد المهدي إلى اختيار وزراء تكنوقراط للوزارات المتبقية، لاسيما وزارتي الدفاع والداخلية، وما يتعلق بهما من مناصب أمنية.

وأشار إلى وجوب عدم نسيان أسماء القادة العسكريين، الذين شاركوا في تحرير المحافظات من داعش عند ملء المراكز الأمنية الشاغرة، مبيناً أنهم الأولى بها.
كما حمّل الصدر عبد المهدي مسؤولية أي تقصير أو قصور ينتج من التسويف في استكمال تشكيل الحكومة، مستدركاً بأنه سيدعمه في حال السعي لتوفير الخدمات الضرورية وحماية الحدود، وإعادة العراق إلى حاضنته العربية والإقليمية والدولية.

وطالب الصدر بأن تكون قرارات رئيس الوزراء "عراقية" بعيدة عن الإملاءات الخارجية، والسير على خطى حكومة سلفه حيدر العبادي بخطوات فعلية وجادة في مجال الأمن والخدمات.

وأمهل الصدر حكومة عبد المهدي ستة أشهر قابلة للتمديد إلى عام واحد لإثبات نجاحها، مبيناً أن الفشل سيكون مصيرها في حال كان الوزراء متحزبين ويعلمون لإرضاء جهات طائفية.

وفي ختام الرسالة الموجهة إلى رئيس الوزراء العراقي الجديد، أشار الصدر إلى عدم تقديمه ورئيس "تحالف الإصلاح والإعمار" أسماء محددة لتولي الوزارات المتبقية، بغية استقلالية الحكومة.

وعلى صعيد متصل، دعا الرئيس العراقي برهم صالح إلى "الخروج من نفق السجالات السياسية العقيمة"، حسبما جاء في حسابه على موقع "تويتر".

وقال الرئيس العراقي: "استقبلنا ممثلين عن أهلنا من السماوة، واستمعنا للواقع المؤلم المقترن بالمحرومية والفقر ونقص الخدمات والبطالة".

وأضاف: "آن الأوان للخروج من نفق السجالات السياسية العقيمة، ودعم القرار الوطني لاستكمال تشكيل حكومة مهنية ومتوازنة تنطلق نحو تحسين الخدمات ورفع الحيف عن المواطنين".

من جانبه قال الخبير في الشأن العراقي عصام المطيري، في تصريح لـ"المشهد العربي"، إن الأسماء المرشحة التي تم الكشف عنها من قبل رئيس الوزراء العراقي، هي ذاتها التي لم يصوت عليها كتل سائرون والنصر والحكمة والوطنية في جلسة منح الثقة، والتي انعقدت في الرابع من أكتوبر الماضي.
وأكد "المطيري"، أن إعادة ترشيح هؤلاء والذي تزامن مع تهديدات الصدر لحكومة عبد المهدي تعني أن العراق أمام أزمة سياسية شبه مستدامة، مشيراً أن رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي مسير ولا يمتلك أي قرار.
وأوضاف أنه يجب جعل العراق اولاً وليس الشخصيات، وعلى عبد المهدي الاتيان بأكثر من مرشح للوزارات، مبينًا أنه هناك خلل في النصاب وتم اكتشاف ذلك بعد جمع ٥٠ توقيعا لإعادة احتساب الحضور.
تدخل الدوحة وطهران
يذكر أن حكومة عادل عبد المهدي المؤلفة من 22 وزيرا، تمكنت من كسب الثقة على 14 وزيرا في بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فيما بقيت الوزارات شاغرة، وأهمها وزارات الدفاع والداخلية والعدل، وهي رهن الاتفاقيات بين الكتل السياسية التي لم تخلُ من التدخلات الإيرانية والقطرية لفرض فالح الفياض على رأس وزارة الداخلية، ورئيس مجلس النواب السابق سليم الجبوري في الدفاع.
وفي ذات السياق قال المحلل السياسي هشام الهاشمي إن "عبد المهدي يواجه جملة من التحديات المرتبطة بظروف اختياره لرئاسة مجلس الوزراء وما طرأ على الخارطة السياسية العراقية من متغيرات، أبرزها صعود عدد من الكتل كـ"صادقون" (الممثل الساسي لميليشيا عصائب أهل الحق) والمحور الوطني السني".
وأشار الهاشمي إلى أن "فشل التوافق في جلسة الثلاثاء سيؤدي إلى تلاشي تفاهم تحالفي "الفتح" بقيادة هادي العامري، و"سائرون" المدعوم من الصدر، مبيناً أنه "لن يكون بعدها أي معنى لأي اتفاق سياسي، إلا بمقدار إرضاء طموح القيادة في البيت السياسي الشيعي وسياسييه التقليديين، بعد أن وجدوا أن التفاهم ساهم في ابتزاز مواقفهم السياسية، ولعل الاستمرارية لن تعود بالمنفعة المادية عليهم".
وتابع الهاشمي أن "عبد المهدي محق بالتهديد بالاستقالة، إذ ينبغي على كل حكومة تنفيذ برنامجها بعيداً عن الوصاية السياسية والحزبية والدينية".
وكان رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، قد أخفق اليوم الثلاثاء، في تمرير باقي تشكيلته الوزارية داخل البرلمان العراقي، بسبب الخلافات العميقة بين الكتل السياسية بشأن المرشحين.
وأرجأت رئاسة البرلمان جلسة التصويت على المرشحين إلى الخميس؛ إثر فشل انعقاد الجلسة لعدة مرات؛ نتيجة عدم اكتمال النصاب القانوني لعدد الأعضاء الحاضرين المقدر بـ165 من أصل 329 هم إجمالي عدد النواب.
ورفضت عدة كتل سياسية، وعلى رأسها “سائرون” التي تصدرت الانتخابات (54 مقعدًا) وتحظى بدعم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، دخول قاعة البرلمان؛ احتجاجًا على المرشحين لشغل الحقائب الوزارية الثمانية المتبقية، وخاصة المرشح لوزارة الداخلية فالح الفياض.