تمويل المليشيات.. لعنة أصابت اقتصاد إيران وفجرت غضب شعبي (تقرير خاص)

الثلاثاء 11 ديسمبر 2018 02:06:00
"تمويل المليشيات".. لعنة أصابت اقتصاد إيران وفجرت غضب شعبي (تقرير خاص)







كشف تقرير رسمي صادر حديثا عن مركز بحوث برلمان طهران، عن وقوع نحو 12 % من أسر العاصمة الإيرانية طهران تحت خط الفقر المدقع أيضا بسبب انخفاض دخلهم الشهري عن مليونين و600 ألف تومان، تبعا لصعوبة تدبير أدنى متطلباتهم المعيشية.
كما أفاد أن أغلب سكان قري محافظة كهكيلويه وبوير أحمد الواقعة غرب إيران، يندرجون ضمن الأكثر فقرا في البلاد.
وصنف تقرير البرلمان الإيراني المنشور عبر موقعه الرسمي على شبكة الإنترنت، مؤشرات فقر سكان تلك القري تبعا لمعدل خط الفقر الغذائي، حيث إن 65 % من الريفيين في محافظات كهكیلویه وبویر أحمد، وأيضا سيستان وبلوشستان “شرق”، وإيلام “غرب” ، يحصلون على سعرات حرارية أقل من 2100 سعر حراري للفرد الواحد.
وتشهد مدن وبلدان إيران إضراباً واسعاً في الكثير من الأسواق التجارية، في تداعيات الأزمة الاقتصادية التي ضربت إيران نتيجة فساد نظام الملالي، وتبنيه سياسة تجويع الشعب مقابل إمداد مليشياته الإرهابية التي ينشرها في البلدان العربية بالمال والسلاح، وصعدت دعوات واسعة بين فصائل الشعب الإيراني للقيام بإضراب عام لأصحاب المحلات التجارية والعاملين وسائقي الشاحنات، بهدف إحداث شلل اقتصادي تام يكون تمهيداً لانتفاضة عارمة لإسقاط النظام الإيراني واختلاعه من جذوره، وفقاً لما ورد بتلك الدعوات.
وفي تصريح خاص لـ"المشهد العربي"، قال خبير الاقتصاد الإيراني الحسيني أصفهاني، أن الإضرابات الحالية التي تشهدها البلاد على مستوى القطاعات التجارية تهدد الاقتصاد الإيراني بشكل جدي، موضحاُ أن موجة الاحتجاجات والإضرابات وصلت إلى المقاطعات الشمالية، التي يسكنها أساساً الأذربيجانيون.
وأضاف "أصفهاني"، أن الوضع الاقتصادي في إيران يتجه نحو الانهيار والإفقار الهائل للسكان، فبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو الماضي، وتوسيع العقوبات الأمريكية على إيران، فقدت العملة الوطنية الإيرانية نصف قيمتها، مؤكداً أن الحصار الذي تنفذه أمريكا والدول العربية على النظام الإيراني، وطلب أمريكا من جميع الشركات العالمية وقف استيراد النفط الإيراني يهدد بإنزال الضربة الكبرى على رأس الملالي.
وخلال حديثه أكد، أن البنك المركزي الإيراني، الواقع الآن تحت العقوبات الأمريكية، يواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ المعاملات المالية حتى داخل البلد، بيد أم الشعب الإيراني بشكل جماعي، يسحبون ودائعهم ويشترون الدولار واليورو، فتفاقم نقص العملات الأجنبية، وأن انخفاض قيمة الريال الإيراني أدى إلى ارتفاع أسعار بعض السلع المستوردة بنسبة 100 .%فيما انخفض نشاط بورصة السلع الإيرانية إلى أدنى حد. وزاد الطين بلة قرار الحكومة رفع رسوم مغادرة البلاد. 
وأكد الخبير الاقتصادي "الحسيني أصفهاني"، أن الإضرابات التي يقوم بها الشعب الإيراني ضد نظام الملالي تأتي نتيجة متوقعة لما يعانيه من فساد وزيادة أسعار غير طبيعية، مشدداً على خطورة أن يدير نظام الملالي ظهره لتلك الاحتجاجات الشعبية، التي توقع أن تعصف به قريباً، لأن العقوبات جعلت الوضع الاقتصادي غير قابل للتنبؤ، وبالتالي فإن السكان باتوا يخشون من الاستمرار في ذلك المنحدر الخطير.
وخلص "أصفهاني" إلى أنه لا مؤشرات على أن الحكومة تعرف المخرج، فكل شيء يتجه نحو الإفلاس وإفقار جماعي للسكان، قائلاً: "إذا كانت الولايات المتحدة حددت حًقا هدف تغيير السلطة والنظام السياسي لملالي إيران، فإن الوضع الآن يعمل لصالحها تماماً فالسكان في وضعهم الاقتصادي الحالي سيدعمون أي تدخل خارجي، فقط للتخلص من "النظام الفاسد" ووقف الأزمة.
وبلغت نسبة الفقراء في المناطق الحضرية بمحافظة كهکيلويه وبوير أحمد الإيرانية نحو 1057 شخصا، وفي المناطق الريفية 4410 أشخاص، بينما سجلت نسبة الأسر الأكثر فقرا نحو 2953 أسرة فقيرة في المناطق الحضرية، و1775 أسرة فقيرة في المناطق الريفية لهذه المحافظة، ويعيشون أسفل خط الفقر المدقع، بحسب التقرير.
وأوضح التقرير البرلماني أن نسبة الفقر في هذه المحافظة الإيرانية تتجاوز 2.49 %، في الوقت الذي يتلقى قرابة 30 % من سكانها إعانات نقدية حكومية؛ فيما أظهرت النتائج وقوع نحو 12 % من أسر العاصمة الإيرانية طهران أسفل خط الفقر المدقع أيضا بسبب انخفاض دخلهم الشهري عن مليونين و600 ألف تومان، تبعا لصعوبة تدبير أدنى متطلباتهم المعيشية.
يشار إلى أن حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني كانت قد وعدت سابقا مع بداية توليه منصبه الحالي لولاية ثانية مايو 2017 بالعمل على خفض نسب القابعين أسفل الفقر المدقع، لكن يبدو أن برامجها قد فشلت في التوصل لحلول ناجزة لغاية الآن.
وتكشف إحصائيات وتصريحات رسمية داخل إيران في الآونة الأخيرة عن تجاوز معدلات الفقر المطلق بالبلاد حاجز الثلث، بمقدار 33 %، بينهم 6 % يعيشون أسفل خط الجوع في الوقت الذي تضاعفت مشكلات الأسر الإيرانية المعيشية إلى حد أن قرابة مليونا ونصف مليون إيراني باتوا عاجزين ماليا عن شراء القوت اليومي من الطعام.
حذر خبراء اقتصاد إيرانيون من قرب اندلاع اضطرابات داخلية في بلادهم، بسبب ارتفاع معدلات القابعين أسفل خط الفقر المطلق أو المدقع لأكثر من ثلث المجتمع، وتزايد المصاعب المعيشية بشكل غير مسبوق؛ فيما طالبوا نظام طهران بضرورة البحث عن حلول ناجزة.
وتداول إيرانيون على مواقع التواصل الاجتماعي تحذيرا حادا جاء على لسان محسن رناني، أكاديمي بارز في كلية الاقتصاد بجامعة أصفهان، يؤكد فيه أن إيران باتت على شفا “تمرد الحفاة”، في إشارة إلى تزايد نسب الفقراء والمشردين بشوارع المدن الكبرى ببلاده.
واعتبر “رناني” أن الاقتصاد المحلي لإيران يشهد حالة من الركود، وسط خشية الفاعلين الاقتصاديين من الإقدام على مجازفة قد تعصف بثرواتهم، قبل أن يؤكد غموض مستقبل البلاد بسبب ما وصفها بـ “الأزمات الخطيرة” التي قد تندلع من احتجاج غير متوقع أو حادث عرضي، وفق قوله.
وأشار الأكاديمي الإيراني إلى أنه حال انتفاضة ملايين العاطلين والمهمشين والفقراء لن ينتهي الأمر بالتفاوض بل سيكون الهدف التالي لهم واضحا وهو يتمثل حينها بإسقاط النظامين السياسي والاجتماعي.