بمقال مسموم.. هكذا يسعى أردوغان لتقسيم سوريا (تقرير خاص)

الأربعاء 9 يناير 2019 21:27:28
بمقال مسموم.. هكذا يسعى أردوغان لتقسيم سوريا (تقرير خاص)
أظهرت تقارير دولية، حجم الكذب والتضليل الذي يتبعه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لتبييض وجهه أمام المجتمع الدولي حول أطماعه في سورية، والذي كتب مقالا زعم فيه أنه يحافظ على وحدتها، راسما خرائط لمستقبلها، على جثث المذبوحين تحت أقدام ميليشياته الإرهابية.
وروج أردوغان جملة من الأكاذيب والسيناريوهات السوداء لمستقبل سورية، في مقاله بعدد صحيفة أمريكية، منطلقا من أكذوبة أن تركيا الدولة الوحيدة التي تفهم الوضع المأزوم، والقادرة على رسم المستقبل السياسي والعسكري فيه، معتبرًا أن تعاون الولايات المتحدة وروسيا مجرد أداة مساعدة لأنقرة.
ميدانيًا، اقترح دمج الميليشيات الإرهابية المؤيدة له من عناصر “داعش” و”الجيش السوري الحر” في قوات عسكرية رسمية كحل عسكري مستقبلي، وسياسيًا، اقترح تشكيل مجالس محلية منتخبة تضم “جميع أطياف الشعب السوري” من وجهة نظره، ليس بينهم الأكراد الذين اعتبرهم غير جديرين بالتمثيل لأن “لهم صلة بالمنظمات الإرهابية” حسب زعمه.
استغل إردوغان المقالة في دعوة المجتمع الدولي لتأييد تدخله العسكري والسياسي في سورية، والسماح له بدور أكبر، زاعمًا أنه منع وصول “داعش” إلى أوروبا، وأنه السبب في هزيمة التنظيم.
وبدأ أردوغان المقالة بمحاولة إرضاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فقال إنه اتخذ “القرار الصحيح بالانسحاب من سورية”، ثم شرع في سرد الأكاذيب، فزعم أنه قاتل داعش “أدى تدخلنا لمنع مقاتلي التنظيم من الوصول إلى حدود دول الناتو، فضلا عن تقويض قدرته على شن هجمات إرهابية في تركيا وأوروبا”.
الرئيس الواهم دعا لتنفيذ الانسحاب الأمريكي بسرعة و”بعناية شديدة وبالتعاون مع الشركاء المناسبين لحماية مصالح الولايات المتحدة والمجتمع الدولي والشعب السوري”، ما بدا أنه طلب ضمني للموافقة على عملية “شرق الفرات” العدوانية التي يريد شنها رغم المعارضة الغربية الواسعة.
من جانبه قال الخبير في شؤون الشرق الأوسط مجدي رافع، في تصريح خاص لـ"المشهد العربي"، إن عبث الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، بمقدرات الأمة العربية، فاق الوصف وتجاوز كل الخطوط الحمراء، وظهرت أطماع الرجل وحزبه الإخوانى، فى احتلال الدول العربية، والتوغل بها وتحديدا العراق وسوريا ومصر وبعض الدول الخليجية، واعتبارها إرث أجداده العثمانيين، مستثمرا انتفاضات الشعوب في 2011 لتنفيذ مخططه.
وأضاف "رافع"، أن الدكتاتورية التركية عندما فشلت في التدخل ببعض الدول نتيجة وعي حكامها، بدأت فى تكثيف جهوده للسيطرة على ثروات ومقدرات سوريا والعراق، وانتهك سيادة أراضيهما، وأعطى لنفسه الحق فى أن يكون طرفا أصيلا فى معادلة المصير السورى السياسى، ويتدخل لدعم التنظيمات الإرهابية فى ليبيا، ويعبث فى منطقة القرن الأفريقى لخنق مصر، ثم والأخطر، انتهز فرصة تمرد وخيانة نظام الحمدين لأبناء عمومته فى الخليج بشكل خاص، وأمته العربية بشكل عام، واستطاع أن يضع أقدامه فى الدوحة.
حاول أردوغان تبرئة نفسه من العلاقة مع داعش، على الرغم من تأكيد تقارير دولية تقديمه أسلحة ومساعدات للتنظيم، وتدريب عناصره في معسكرات تركية، قائلا :”استهدف (التنظيم) المواطنين الأتراك ونهج حياتهم الحضارية مؤخرا، ومنذ عدة سنوات وصفني بـ(الشيطان الخائن)”.
روج إردوغان لقوة تركيا العسكرية، التي باتت موضع شك وتقليل من شأنها عالميا، معتبرا أنها “الدولة الوحيدة التي لديها القدرة والنية للالتزام بمهمة قتال الإرهابيين في سورية”.
وأضاف “لن ينتصر الإرهابيون، طالما تواصل تركيا ما يجب عليها فعله لضمان أمنها ومصالح المجتمع الدولي”.
التقارير الدولية تؤكد تدمير تركيا للمدن السورية، فضلا عن قتل المدنيين واختطافهم، وتحويل المدارس إلى معسكرات لتدريب الإرهابيين، فيما ردد إردوغان أن “النهج العسكري الذي اتبعته حال دون تدمير البنية التحتية وجعلها نابضة بالحياة في غضون أيام”.
وراح يروج لعكس الصورة قائلا :”شهدنا عودة الأطفال للمدارس، فضلا عن بناء مستشفى بتمويل تركي لمعالجة المرضى، وإقامة المشاريع الجديدة، التي خلقت فرص عمل، وعززت الاقتصاد المحلي”، متجاهلًا سرقة قواته للنفط السوري وتخريبها للمصانع.
إردوغان قدم نفسه على أنه أكثر دراية بالوضع السوري، بقوله: “على الصعيد العسكري، فإن تنظيم داعش هُزم، لكن تتزايد المخاوف من وجود قوى خارجية تسعى لاستخدام فلوله كذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية بسورية” وكأنه يصف نفسه تماما.
وأضاف “تحقيق النصر العسكري ضد داعش مجرد خطوة أولى، فالدرس المستفاد من العراق، الذي شهد انبثاق الجماعة الإرهابية، هو عدم التسرع في الإعلان عن النصر، ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يتحمل نفس الخطأ مرة أخرى اليوم”.
مروجا لدور سياسي في سورية، كتب يقول: “اقترحت تركيا استراتيجية شاملة للقضاء على الجذور المسببة للتطرف، ونسعى لبث الشعور في نفوس الأفراد العاديين بأن المستقبل سيكون مستقرا، للحيلولة دون شعور المواطنين بالانفصال عن حكومتهم”.
ثم جاء بيت القصيد، فاقترح دمج الإرهابيين في قوات عسكرية رسمية بديلا للجيش السوري، بقوله: “يجب إنشاء قوة استقرار، تضم مقاتلين من كل أطياف المجتمع، لأن التنوع وحده القادر على خدمة السوريين وبسط القانون والنظام بمختلف أنحاء البلاد”.
بشأن الأكراد، قال: “لا يوجد لدينا خلاف معهم في سورية، لكن لم تترك ظروف الحرب خيارًا للشباب سوى الانضمام إلى وحدات حماية الشعب (الكردية)”، معتبرا أنها “فرع حزب العمال الكردستاني” الذي تصنفه أنقرة منظمة إرهابية.
تجاهل إردوغان تقارير منظمة “هيومان رايتس ووتش” التي فضحت ممارساته القمعية في الداخل بقتل المعارضين واعتقالهم، إلى جانب جرائمه في سورية، وكتب نقلا عنها أن “الميليشيات الكردية استغلت الأوضاع لتجنيد الأطفال في انتهاك صارخ للقانون الدولي”.
نصب نفسه وصيًا على السوريين، مرددا “بعد الانسحاب الأمريكي، سنعمل على لم شمل الأطفال مع عائلاتهم مجددا، ودمج كل المقاتلين الذين لا صلة مباشرة لهم مع المنظمات الإرهابية ضمن قوة الاستقرار الجديدة”.
واصل أكاذيبه التي كشفت أطماعه في الهيمنة على سورية التي يريدها مجرد محافظة تركية “سنعمل على ضمان التمثيل السياسي لكافة أطياف المجتمع وعلى تشكيل مجالس محلية منتخبة”، وزعم أنه “بموجب دور تركيا، فإن الأراضي السورية الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية أو داعش ستحكمها مجالس منتخبة”.
“سيمثل الأكراد المناطق التي تقطنها أغلبية كردية في شمال سورية إلى جانب المجموعات الأخرى التي ستتمتع بتمثيل عادل ضمن المجالس، كما سيعمل المسؤولون الأتراك أصحاب الخبرة على تقديم المشورة في شؤون البلدية والتعليم والصحة وخدمات الطوارئ”.
مضى إردوغان في ادعاءاته “الدولة الوحيدة القادرة على العمل مع الولايات المتحدة وروسيا في الوقت نفسه”، زاعما “تطوعت أنقرة لتحمل العبء الثقيل في وقت حرج في التاريخ، ونعول على المجتمع الدولي للوقوف إلى جانبنا”، مروجًا بأنه يحافظ على “وحدة أراضي سورية”.