بنادق في ظهر الأمم المتحدة.. صورة فاضحة تكشف زيف إدعاءات الحوثيين

الأحد 10 فبراير 2019 02:08:00
بنادق في ظهر الأمم المتحدة.. "صورة فاضحة" تكشف زيف إدعاءات الحوثيين
تعرف مليشيا الحوثي الانقلابية السلاح جيدًا، لا تتقن إلا هذه اللغة، تربّت عليها في إيران، وجاءت ترسّخ بها سياساتها العبثية في حسناء شبه الجزيرة العربية، في اليمن.
اليوم السبت، التقطت صورةٌ نشرتها وسائل إعلام ناطقة بلسان المليشيات، لمؤتمر صحفي زعم الانقلابيون أنّه للإعلان عن توزيع سلال غذائية، وهو تصرّف لا يمكن اعتباره دعماً هو في لمن حاجة لمساعدة عاجلة لكنّها محاولة يائسة للمليشيات التي سرقت المساعدات وباعتها في السوق السوداء لتمويل حربها العبثية.
لم يكن المشهد عبثياً، جلس قيادي بالمليشيات الحوثية يُدعى القاسم عباس في المنتصف، على يمينه مدير برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في اليمن ستيفن آندرسون، وعلى يساره الممثل المقيم للأمم المتحدة منسقة الشؤون الإنسانية ليز جراندي.
في الخلفية، لم تُعلّق الورود ابتهاجاً بتوزيع المساعدات، لم تهب رياح الإغاثة لبشرٍ يدفعون ثمن حرب المليشيات، لكنّ مسلحاً حوثياً انقلابياً ظهر حاملاً لسلاحه، وهو على أهبة الاستعداد، وكأنّه يجبر الضيفين الدوليين للإدلاء بقولٍ ما في وقتٍ ما بلغةٍ ما، مفاده محاولة غسل أيدي المليشيات المتسخة بالحرب التي أشعلتها في البلاد بتمويل وتخطيط من إيران.
إتباع المليشيات الحوثية "لغة التهديد" ليست جديدة، فأغلب سياساتهم تعتمد على هذا النهج، وأبرزها مثلًا كيفية تجنيد الأطفال، حيث يجبرون أسرهم على الاستغناء عنهم كوقودٍ للحرب، في مشهد يخالف كافة المواثيق والأعراف الدولية.
وإذا كانت المليشيات قد حملت السلاح خلف مسؤولين دوليين، فهي كانت قد أطلقت رصاصاتها على مسؤولين أمميين كانوا في طريقهم إلى الحديدة قبل أسابيع، وهو مشهدٌ أكّد النوايا الحوثية نحو تصعيد الأزمة وفرض "طلقات النار" لغةً رسميةً؛ استمراراً للحرب التي أشعلتها منذ سنوات.
المليشيات التي تدعي توزيع مساعدات إنسانية رفقة منظمات دولية ومن خلفهم البنادق، تأتي في وقتٍ بيّنت فيه دراسةٌ استقصائيةٌ كان قد أجراها برنامج الأغذية العالمي على مستفيدين مسجّلين، أنّ العديد من سكان العاصمة لم يحصلوا على استحقاقاتهم من الحصص الغذائية، وفي مناطق أخرى حُرم الجوعى من حصصهم بالكامل. 
في هذا السياق، صرح ديفيد بيزلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي: "هذه الممارسات هي بمثابة سرقة الغذاء من أفواه الجوعى.. يحدث هذا في الوقت الذي يموت فيه الأطفال في اليمن لأنهم لا يجدون ما يكفيهم من الطعام، وهذا اعتداء بالغ.. يجب العمل على وضع حد فوري لهذا السلوك الإجرامي". 
الأمم المتحدة نفسها - على لسان وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية مارك لوكوك - كانت قد أعربت أمس الأول الخميس، عن القلق البالغ بشأن عدم قدرة الأمم المتحدة في الوصول إلى مطاحن البحر الأحمر في الحديدة، والتي يوجد بها حبوب تكفي لإطعام 3.7 مليون شخص لمدة شهر، وقال إنّ كميات الحبوب مخزنةً في صوامع في مطاحن البحر الأحمر منذ أكثر من أربعة أشهر وقد تتعرض للتلف، فيما يشرف نحو عشرة ملايين شخص في أنحاء اليمن على المجاعة.
وشدّد "المسؤول الأممي" على الضرورة الملحة للوصول إلى المطاحن مع مرور الوقت وزيادة مخاطر تلفها، لافتًا إلى أنّ المليشيات الحوثية رفضت السماح للأمم المتحدة بعبور الخطوط الأمامية إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة للوصول إلى المطاحن. 
الجرائم الحوثية في الصوامع يُنظر إليها بأنّها ثلاثية الأبعاد، أحدها إنساني يتعلق بتعريض كميات هائلة من الحبوب للتلف في وقتٍ يعيش فيه كثيرٌ من السكان تحت خطر الجوع، وثانيها سياسي يتعلق بمنع الأمم المتحدة من الوصول إلى المنطقة رغم أنّ المنظمة الدولية يُفترض أنّها تلعب دوراً في حل الأزمة. 
وفي جريمةً لا تقل بشاعةً وتكشف مدى الانتهاك الحوثي في هذا الملف، كُشف النقاب في يناير الماضي، عن تورّط المليشيات في سرقة 13 ألفًا و815 سلة غذائية حسبما أعلنت اللجنة العليا للإغاثة التي أشارت إلى أنّ المليشيات تاجرت بهذه الكميات في السوق السوداء خلال الفترة من 2015 إلى 2018، واللافت أنّها كانت تُباع وهي تحمل شعار و"لوجو" المنظمة، كمن يسرق في وضح النهار دون خشية ملاحقة. 
وخلال الفترة نفسها، احتجزت المليشيات 65 سفينة كما تمّ الاستيلاء على 615 شاحنة إغاثية وتفجير أربعة منها، بالإضافة إلى 16 واقعة اعتداء على منظمات تابعة للأمم المتحدة، تنوّعت بين القتل والخطف وإغلاق المكاتب بالقوة، وتركّزت الانتهاكات في صنعاء وتعز والحديد وإب. 
وخلال حملات الرصد التي أجراها برامج الأغذية العالمي، جمع المسؤولون عدداً من الصور الفوتوغرافية وغيرها من الأدلة التي تثبت قيام الشاحنات بنقل المواد الغذائية بشكل غير مشروع من مراكز توزيع الأغذية المخصصة لذلك.
كما اكتشفوا أيضاً أنّ مسؤولين محليين يتلاعبون أثناء عملية اختيار المستفيدين ويتم تزوير سجلات التوزيع، وقد تم اكتشاف أن بعض المساعدات الغذائية يتم منحها لأشخاص غير مستحقين لها ويتم بيع بعضها في أسواق العاصمة لتحقيق مكاسب. 
وفي مطلع يناير الماضي، وجّه مدير البرنامج العالمي، رسالة تحذيرية شديدة اللهجة لمليشيا الحوثى عبر موقعه الرسمى، بتعليق شحنات المساعدات إذا لم تتوقف المليشيات عن سرقة المساعدات وعدم توزيع المواد الغذائية. 
تكشف هذه الجرائم الحوثية صراحةً وبدون أي مواربة مدى الانتهاكات التي ترتكبها المليشيات الانقلابية الساعية نحو مزيدٍ من التصعيد، وتعميق الأزمة الإنسانية في البلاد، ما يُكبّد المدنيين أثمانًا فادحة، وهو الأمر الذي يستدعي تدخلاً دولياً، لا يجب أن يتأخّر أكثر مما تأخّر.