الوحصي .. التاريخ يحترق..!

* لا أملك من حطام هذه الدنيا الفانية سوى التعاطف مع الأستاذ (هاشم الوحصي)، ذاكرة الرياضة الجنوبية واليمنية ، وهو يقدم في حالة يأس على إعدام تاريخ رياضي كتبه وأرشفه بدموع الليالي الحالكات ..
* تمتلك البلد التي أبتلاها الله بقيادات رياضية (جاهلة) و وجهات سياسية متخلفة ذاكرة تاريخية تحتفظ بكل تجليات الرياضة اليمنية قديمها وحديثها ، لكن هذه الذاكرة الأرشيفية محنطة في العزلة ، وبعيدة تماما عن عين وقلب كل قيادي (أونطة) قادته السياسة للعب في ملعب ليس ملعبه ..
* تفخر الأمم بأعلامها ورموزها وتولي مسألة (التوثيق) الرياضي اهتماما كبيرا ، إلا في هذا البلد المنكوب الذي يركل فيه بلهاء السياسة كرة النار إلى ملعب الرياضة ..
* ربما كان المؤرخ الرياضي (هاشم الوحصي) هو اليمني الوحيد الذي عايش وعاشر وعاصر الرياضة الجنوبية بعد الاستقلال ، وهو الوحيد الذي أمسك ببدايات الرياضة في الشمال ، وهذا التراث المعرفي يفرضه قيمة تاريخية لا تقدر بثمن ..
* إذا بحثنا عن أصل وفصل رياضتنا بعد الثورتين فلن نجد لها أرشيفا كاملا موثقا صورة وصورة وكلمة سوى عند هذا المؤرخ الرياضي الجنوبي الذي أفنى حياته المهنية في تتبع أثر ومسير الرياضة في الشطرين سابقا وفي اليمن لاحقا ..
* حسبي أنني أجزم أن لا قيادي رياضي و لا خراط سياسي يعلم أن (هاشم الوحصي) انتهى من تأليف الكثير من الكتب التي تحكي تاريخنا الرياضي بلسان الواقع ، لا أحد من هؤلاء المتطفلين يدري أن (الوحصي) أنكب على أرشفة تاريخ الرياضة اليمنية لأكثر من خمسين عاما ..
* كتب (الوحصي) تاريخنا الرياضي بحلوه ومرة بدموعه وأنفاسه اللاهثة وأعصابه وتجليات عزلة طويلة أنسته حتى بيته وحياته الخاصة ليقدم لوطنه عملا إعلاميا دقيقا يحكي للأجيال القادمة تراثنا الرياضي المتنوع ..
* كم ضاجع (الوحصي) أنينه الخافت وهو يمني نفسه بلفتة كريمة تتبنى كتبه التاريخية (السمينة) ، وكم شكا لليل ظلم ذوي القربى وهو يختزل من حياته سنوات طويلة من الجد والاجتهاد ، ثم يجد عمله أسيرا لدرج مكتبه ، قابعا في الظل في حين تصرف الدولة على مهجنين يسبحون بحمد من سرقوا اللقمة من أفواهنا ..
* اعتكف (الوحصي) في محرابه يرتب ويوثق تاريخ بلد وتراث أمة ، صادر نبضه وتحمل ضغطه ، ولم يوقفه (السكر) عن معركته مع الأرشفة ، انحنى ظهره وتحدب جسده وشاب رأسه وعاده شباب ، بحث ونقب ودقق ومحص وحيدا دون تشجيع أو تقدير لما يعمل ، أهدى وطنه تاريخا باذخا بالمشاهد الدراماتيكية، في حين أهدانا السياسيون الصواريخ والعبوات الناسفة والضحك على ذقون كل الرياضيين ..
* يقيني أن (هاشم الوحصي) أشرف وأنبل من هذه القيادات الرياضية المهجنة التي تبول وتتغوط على رياضتنا ، شوفوا الفرق : هاشم يبني وطنا للتاريخ ، والدخلاء يهدمون بيوت العز والشرف ..
* أرسل لي المؤرخ الجنوبي (هاشم الوحصي) رسالة تقطر ألما وتنزف دما ، قرأت في رسالته القصيرة عذابه الخالد مع محيط لا يقدر عمله ولا يستوعبه ، وبكيت معه بحرقة لأنه لامس وترا في قلبي يعزف مقطوعة النحيب على اللبن الرياضي المسكوب ..
* يقول (الوحصي) : عزيزي محمد ..أعلن أنا (هاشم الوحصي) عزمي على إيقاف نشاطي الإعلامي في كتابة تاريخ كرة القدم اليمنية اعتبارا من يوليو القادم ، حتى لا أكون أكثر حرصا على تاريخنا الرياضي من قيادات الدولة ، كما أعلن أنني سأتلف كل ما تم تجهيزه من كتب تاريخيه يوم ميلادي في يوليو القادم ..والدعوة عامة للجميع ..
* ( هاشم الوحصي) مثله مثل (أبي حيان التوحيدي) الذي أحرق كتبه بعد أن أستبد به اليأس ولم يجد من تشغله كتب الامتاع والمؤانسة فيوليها اهتمامه ، لهذا أحرق كل كتبه في سوق الوراقين وأمام أعين السلطة والعسس ..
* نداء لكل الجهات الوطنية الرياضية جنوبا وشمالا ، تاريخنا الرياضي سيغدو بعد أربعة شهور رمادا في مهب الريح ما لم يتم إنقاذ الموقف والتواصل شعبيا وحكوميا مع المؤرخ (هاشم الوحصي) كي يعدل عن حرق وإتلاف كل أعماله التاريخية الرياضية ، الموضوع لا يحتمل التأخير إما فتح نافذة أمل أمام (الوحصي) قبل قوات الأوان ، أو حضوركم في يوليو القادم لتشاهدوا (الوحصي) وهو يضرم النار في كتب تاريخية لا تقدر بثمن ، اللهم أني أبلغت ، اللهم فأشهد ..!