الحوثيون وقصف المطاحن والحل السياسي.. يدٌ تراوغ وتكذب وأخرى تُصعِّد وتقتل

الجمعة 22 فبراير 2019 03:23:54
الحوثيون وقصف المطاحن والحل السياسي.. يدٌ تراوغ وتكذب وأخرى تُصعِّد وتقتل
في تطورٍ أشبه ما يكون بالكوميديا السوداء، جمعت مليشيا الحوثي الانقلابية بين تناقضين أحدهما سياسي والآخر عسكري، فُضحت من خلالهما مؤامرتها نحو تصعيد الأزمة وإطالة أمد الحرب.

البداية كانت مع بيان صدر عن المتحدث باسم المليشيات، المدعو محمد عبد السلام الذي روّج - كذباً وتضليلاً - أنّ الانقلابيين يحرصون على الحل السياسي ودخول البلاد في المرحلة المقبلة، مروِّجًا أنّه قدّم خطة إلى الاتحاد الأوروبي زعم أنّها تضمّن تصوراً للحل السياسي، وهي مزاعم حاولت الأبواق الإعلامية الموالية للمليشيات نشرها على صعيد واسع من أجل نشر صورة بأنّهم حريصون على الحل السياسي.

لكنّ المليشيات الإرهابية أثبتت "كذبها" الذي يندرج ضمن مؤامرة تحركها إيران للعبث بأمن اليمن وإطالة أمد الحرب التي أشعلها الحوثيون منذ صيف 2014، حيث قصف الانقلابيون - في توقيت متزامن مع إعلان البيان "الكاذب" - بقذائف هاون، مطاحن البحر الأحمر الواقعة في الأحياء الشرقية للحديدة، حيث سقطت قذيفة بجوار صوامع الغلال المليئة بكميات كبيرة من مادة القمح والتابعة لبرنامج الغذاء العالمي والتي تلبي احتياجات أكثر من ثلاثة ملايين جائع.

استهداف المليشيات لمطاحن البحر الأحمر جاء بعد ساعات قليلة من قصف شنّته على مجمع إخوان ثابت التجاري في شارع صنعاء متسببةً في احتراق أحد الهناجر وإتلاف محتوياته.

ويعتبر الهجوم الحوثي على مطاحن البحر الأحمر هو الرابع خلال شهرين، حيث قصفت المليشيات قبل أيام، قصف صوامع الغلال في المطاحن ومستودعات الحبوب التابعة لبرنامج الغذاء العالمي في الحديدة، وذلك بعد ساعات فقط من مغادرة مبعوث الأمم المتحدة مارتن جريفيث، صنعاء.  

وفي 25 يناير الماضي، قصفت المليشيات شركة مطاحن البحر الأحمر ما أسفر عن احتراق إحدى صوامع الغلال وتلف كميات كبيرة من مادة القمح، ووقع الهجوم الثاني في أول فبراير الجاري حين جدّدت المليشيات استهداف المطاحن، بقذائف مدفعية أطلقتها من كلية الهندسة وباحة معهد التدريب المهني شمالي المدينة، متسببة بحدوث أضرار في الصوامع.  

أدركت المليشيات أهمية تصعيد الأزمة الإنسانية ومضاعفة معاناة المدنيين، في محاولة واضحة منها لإطالة أمد الأزمة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب المادية والسياسية وذلك على حساب ملايين المواطنين، ويثبت الاستمرار الحوثي في قصف الصوامع أنّ المليشيات أدركت يقينًا بأنّ المجتمع الدولي سيقف صامتًا ما يمنحها رخصةً للاستمرار في انتهاكاتها.  

وتمثل هذه الجرائم تأكيداً أنّ المليشيات لا تغشل بالاً لحل الأزمة في البلاد، وتسعى قدر المستطاع إلى إطالة أمد حربها العبثية في محاولة لكسب الوقت من أجل تحقيق أهداف سياسية وعسكرية بعدما تعرّى وجهها الذي يُوصف بـ"القبيح" أمام المجتمع الدولي.

هذه الهجمات جاءت بعد أسابيع من اتهام مليشيا الحوثي بسرقة شحنات مساعدات الإغاثة والأغذية المخصصة للشعب الذي يواجه معاناة إنسانية.  

وذكر بيانٌ صدر عن برنامج الغذاء العالمي أنّ الحوثيين يسرقون الأغذية من أفواه الجائعين ويحوِّلون شحنات الطعام، مؤكدًا وجود أدلة على استيلاء الانقلابيين على شحنات الإغاثة، وارتكابهم هذه الانتهاكات فى المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.  

وطالب البرنامج، بوضع حد فوري للتلاعب في توزيع مساعدات الإغاثة الإنسانية في اليمن، وأضاف: "تمّ الكشف عن التلاعب في تخصيص مواد الإغاثة الغذائية، في مراجعة أجراها برنامج الأغذية العالمي خلال الأشهر الأخيرة، وأجريت هذه المراجعة بعد ازدياد التقارير عن عرض المساعدات الغذائية للبيع في أسواق العاصمة".  

اكتشف البرنامج هذا التلاعب من قبل منظمة واحدة على الأقل من الشركاء المحليين الذين يكلفهم بمناولة مساعداته الغذائية وتوزيعها، المؤسسة المحلية تابعة لوزارة التربية والتعليم في صنعاء، التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي.  

وفي هذا السياق، صرح ديفيد بيزلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي: "هذه الممارسات هي بمثابة سرقة الغذاء من أفواه الجوعى.. يحدث هذا في الوقت الذي يموت فيه الأطفال في اليمن لأنهم لا يجدون ما يكفيهم من الطعام، وهذا اعتداء بالغ، يجب العمل على وضع حد فوري لهذا السلوك الإجرامي".  

اللافت أنّ المليشيات أخذت تبيع هذه المنتجات في السوق السوداء بالأسواق لتحقيق أرباح حتى وإن كانت على حساب أوجاع الشعب، ورغم المزاعم الحوثية بنفي تورطها في هذه الجرائم، لكنّ المليشيات حاصرتها أدلة كثيرة على سرقتها لطعام المواطنين وتحويل المساعدات إلى وسيلة للابتزاز والضغط على الأسر المحتاجة للدفع بأبنائها للانخراط معسكرات الحوثيين وإرسالهم إلى جبهات الموت.  

وفي شأنٍ غير بعيد، اتهمت الحكومة - في مطلع يناير الماضي - مليشيا الحوثي بنهب واحتجاز نحو 697 شاحنة تحمل موادًا إغاثية، ومنع 88 أخرى من الدخول، خلال أكثر من ثلاث سنوات.  

وقال بيانٌ صدر عن اللجنة الإغاثية العليا التابعة للحكومة، إنّ مليشيا الحوثي احتجزت ومنعت دخول أكثر من 88 سفينة إغاثية وتجارية ونفطية إلى مينائي الحديدة والصليف بمحافظة الحديدة في الفترة من مايو 2015 إلى ديسمبر 2018، ومن بين هذه السفن، 34 سفينة احتجزها الحوثيون لأكثر من ستة أشهر حتى تلفت معظم حمولاتها، إضافةً إلى استهداف سبع سفن إغاثية وتجارية ونفطية بالقصف المباشر.  

وخلال نفس الفترة، قام الحوثيون بنهب واحتجاز 697 شاحنة إغاثية في الطرق الرابطة بين محافظات الحديدة وصنعاء وإب وتعز وحجة وذمار، ومداخل المحافظات الخاضعة لسيطرتهم.