عند خور المكلا يا قلبي تسلى

ثلاثة أيام قضيناها في المكلا عروسة البحر العربي، مدينة ساحرة مسالمة وجدناها تنعم بهدوء واستقرار إلى حد مقبول ومعقول ومشجع، فلا مظاهر مسلحة منتشرة هنا وهناك كما هو هنا في عدن وغيرها من مدن الجنوب، ولا زحمات مفتعلة وغير مفتعلة حتى أجرة المواصلات بدت لنا أرخص مما هو في عدن بكثير... لم نسمع إطلاقا للرصاص خلال وجودنا هناك، حتى ثقافة المطبات غير شائعة هناك.. ولا تجد تشوهات عشوائية وسطواً على الشوارع والأماكن العامة كما هو شائع في عدن. على ضفاف خور المكلا ينتعش الناس عصرا ويزدحم الخور إلى منتصف الليل، أجواء منعشة وحضارية افتقدناها من زمان. تشعر وأنت هنالك بأنك في مدينة جنوبية حقيقية بدأت تتشكل وتتخلص من آثار حكم صنعاء القبلي والقاعدة التابعة لأطرافه المتناحرة. 

سمعنا من المواطنين هنالك قصصا عجيبة وغريبة عن حكم القاعدة للمدينة لمدة عام كامل، حيث أدخلوا المدينة في رعب وألبسوها ثوبا أسود، وتخلصت من ذلك الكابوس بحمد الله تعالى وفضله وببسالة أبناء حضرموت وإخوانهم من أبناء الجنوب في النخبة الحضرمية التي أنشأها وبناها التحالف العربي.

تكاد المكلا تخلو من القات ولم نرَ تجمعا وازدحاما بسببه في أي شارع من شوارعها لا في الظهيرة ولا في المساء.. لقد خصصت المحافظة مكانا بعيدا عن المدينة  بعشرات الكيلو مترات لبيع القات، وقد كنت واحدا من مرتاديه ومن الذين شدوا الرحال إليه، ولكنني أثني على هذه الخطوة المسئولة التي تشجع أولا على ترك القات،  وثانيا تخلص المدينة من المشاكل التي تسببها أسواقه المتخلفة المزدحمة.

في اليوم الأول حضرنا ضيوفا في الجلسة الافتتاحية للدورة الثانية للجمعية الوطنية الجنوبية، وقد كانت جلسة تاريخية بالنظر إلى المدينة التي عقدت فيها وإلى المرحلة المهمة التي تمر بها قضيتنا الجنوبية بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي.
وجدت هنالك عددا من زملائي المناضلين بعد انقطاع من أعضاء الجمعية ومن الضيوف الذين جرت دعوتهم من كل محافظات الجنوب لاسيما حضرموت نفسها.

 سألني البعض لماذا تعلق كرت الضيوف على صدرك؟ ألست عضوا في الجمعية الوطنية؟!
وكنت أرد مبتسما لو كنت عضوا معكم فقد عرفتم من قبل، لكن ذلك لا يهم فنحن معكم ومنكم وفيكم وإليكم على كل حال.

 في المكلا تجد حبا للجنوب كلها، وتقرأ الفرحة في وجوه الناس بوجود قيادات الانتقالي وكوادره هناك.. كان الناس يعرفوننا بشكل تلقائي فيحيوننا، وكانت أعلام الجنوب تزين سواري ومباني المدينة الجميلة.
وجدنا الناس يتوقعون نصرا قريبا بتحرير وادي حضرموت وصحرائها من قوات القاعدة وألوية علي محسن المفرخة لها.

وفي يوم الأحد عصرا الموافق 17 فبراير 2019م كنا على موعد مع مؤتمر تأسيس وإشهار اتحاد أدباء وكتاب الجنوب فرع حضرموت الذي انعقد في مقر الفرع في المكلا.. لقد شاركنا زملاءنا الأحباء هناك في حضور مؤتمرهم، إذ جاءوا من مختلف مديريات حضرموت ساحلا وواديا وصحراء ليصنعوا هذا المجد الثقافي الجنوبي المتميز.
سلاما لحضرموت عمق الجنوب التاريخي وللمكلا خير قبلة وداع.