تهرب الحوثي من اتفاق الحديدة.. المليشيا تبحث عن جولة «مناورات» جديدة  

الثلاثاء 26 فبراير 2019 20:01:00
تهرب الحوثي من اتفاق الحديدة.. المليشيا تبحث عن جولة «مناورات» جديدة   
رأي المشهد العربي
لم يكن التأجيل الثاني الذي أعلنته مليشيا الحوثي بشأن المرحلة الأولى من اتفاق الحديدة أمرا غريبا أو مفاجئأ لدى العديد من السياسيين، بالرغم من كون الأمر مرحليا وليس نهائيا، وهناك مرحلة ثانية للاتفاق تبقى هي الأهم، لكن المليشيا الانقلابية تسعى بشكل أساسي من خلال تأجيلاتها المتتالية لطي صفحة اتفاق السويد، وجعلها اتفاقية ماضية وليست حاضرة في أي مفاوضات جديدة.
التكتيك الحوثي يرتبط بالبحث عن جولة جديدة من المفاوضات أو ما يمكن تسميته بالمناورات من أجل نسيان الماضي والتفكير في المستقبل لتبدأ من جديد في عمليات التأجيل والمراوغة وإلقاء الاتهامات بشكل عشوائي هنا وهناك للبقاء في المواقع التي تسيطر عليها، أو انتظارا لقلب موازين القوى داخل الحديدة تحديدا لصالحها.
ما يساعد الحوثي على مناوراتهم المتكررة يرتبط بوجود طرف أممي مساند لما تسعى إليه، وكان ذلك يجري في الماضي بشكل خفي لكن هذه المرة الأمر بات مفضوحا بعد أن أشارت مصادر حكومية عن وجود تحركات دبلوماسية يقودها سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن والداعمة لمقترح مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث بعقد جولة مشاورات جديدة نهاية شهر مارس القادم في إحدى الدول الأوروبية.
وقال المصدر إن غريفيث وضع مقترحاً على الرئيس عبد ربه منصور هادي بعقد جولة مشاورات قادمة في برلين أو جنيف نهاية شهر مارس القادم لكن الرئيس اليمن عبد ربه منصور هادي رفض المقترح وشدد على ضرورة تنفيذ اتفاق ستوكهولم أولا"ً، مضيفاً: "يبدو أن غريفيث طلب من سفراء الدول الـ18 مساعدته في إقناع الأطراف اليمنية بضرورة عقد مشاورات قادمة".
وأفاد المصدر بأن التحركات الدبلوماسية لعدد من السفراء بينهم السفير الأمريكي، ووزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط اليستر بيرت ولقائهم الرئيس عبد ربه منصور هادي ونائبه ب الدولة كرست لمناقشة العملية السياسية وضرورة العودة إلى طاولة المشاورات وصولاً إلى تحقيق السلام الدائم والشامل.
هذه التحركات التي تقودها الأمم المتحدة تبرهن على أمرين، الأول أن الإرادة الدولية لإنجاز الحل السياسي في اليمن مازالت غائبة، وأن المليشيا الحوثية تنجح في التسويق لنفسها وإقناع الطرف الآخر ولو ظاهريا بأنها تسعى إلى الحل السياسي، وهو أمر لا بد أن تقابله الحكومة والتحالف العربي بمزيد من المستندات والتأكيدات التي تبرهن على كذب حجج المليشيا الانقلابية.
ولكن على أرض الواقع حتى وإن استجابت الأمم المتحدة للرغبة الحوثية، فإننا نكون أمام عناصر إنقلابية مسلحة تقوم بالتخريب والتدمير من جانب وتراوغ دبلوماسيا على الجانب الآخر، وقد يكون الأمر بحاجة إلى الحسم العسكري بشكل أكبر حتى لا يكون هناك مزيد من الفرص للمناورات، وكذلك فإن استجابة الحكومة اليمنية لأي تفاوضات مقبلة يعني تخليها عن ما سبق التوصل إليه من توافقات.
ووصل مارتن غريفيث، إلى صنعاء، اليوم الثلاثاء، بعد أن أعلنت المليشسا تأجيل اتفاق إعادة الانتشار لأجل غير مسمى، في خطوة تبرهن على أن الأمم مازالت ترفض اتخاذ موقف حاسم تجاه العناصر الانقلابية.
وقالت مصادر دبلوماسية إن المبعوث الأممي سيبحث مع قيادات الحوثي تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق إعادة الانتشار في الحديدة، وإتمام التبادل الجزئي للأسرى والمعتقلين.
وكان من المقرر أن يبدأ تنفيذ المرحلة الأولى من إعادة الانتشار في محافظة الحديدة أمس الإثنين، والتي تقضي بانسحاب مليشيات الحوثي من ميناءي الصليف ورأس عيسى لمسافة 5 كيلومترات مقابل انسحاب القوات الحكومية لمسافة كيلومتر واحد بالتزامن مع عملية نزع الألغام من المناطق المنسحب منها والتحقق من ذلك.
وكانت مليشيات الحوثي حالت دون تنفيذ اتفاق السويد الخاص بالحديدة منذ أكثر من شهرين بعد وقف إطلاق النار، في مسعى منها للالتفاف عليه ومحاولة تنفيذ انسحاب صوري لا يضمن عودة الحديدة وموانئها الثلاثة إلى كنف السلطات الحكومية الشرعية.
الحوثي لجأ إلى أسلوب المناورة في بداية الأمر بعد أن أدعى انسحاب مليشياته من ميناء الحديدة، وهو ما ثبت عدم صحته، قبل أن يلجأ إلى الرفض الصريح لتنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، واعتبر عضو الوفد الحكومي في مشاورات السويد عسكر زعيل إن “ادعاء الحوثيين انسحاب مليشياتهم من ميناء الحديدة يمثل بداية سلبية تجاه التطبيق العملي لاتفاقيات مشاورات السلام في السويد”.
ويشير مراقبون إلى أن العناصر الانقلابية تسعى لأن تغيب القضية الأساسية وهي إنهاء إنقلابهم على الشرعية وسط توالي المفاوضات، بحيث ينخفض سقف مطالب الحكومة اليمنية في كل مرة تذهب للجلوس على طاولة المفاوضات معها، وهو تكتيك إسرائيلي وإيراني معروف منذ سنوات عديدة وتريد تكرار نجاح إسرائيل في تغييب القضية الفلسطينية واستطاعت أن تحقق نجاحات على الأرض انتهي بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
وهو ما يبرز الحاجة إلى وجود موقف حاسم وقوي من الاستمرار في التجاوب مع مليشيا الحوثي، والتعلم من دروس القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا الإقليمية جيدا حتى لا يضيع الحق اليمني وسط كل هذه المناورات.