عيدروس

عيدرس قاسم هو الرجل الوحيد الذي استطيع ان امتدحه ولا أشعر بخجل ، أو أخشى ان أُتهم بالنفاق ، فعلى الصعيدين العام والخاص يجبر أبوالقاسم كل من عرفه على احترامه.
قبل ان نتشرّف بالتعرف إليه كانت سمعة الرجل العطرة قد سبقته إلينا ، كرجل شجاع ، مقدام ، صاحب مآثر وأخلاق عظيمة.
عيدروس قاسم ربما كان الرجل الوحيد ، الذي ذهب المنصب إليه يستجديه ان يقبل به ، دون ان يهتم لأمره ، بعد ان ارتعدت فرائص جميع من يزايدون عليه اليوم ، من تولي مهام إدارة عدن بعد استشهاد البطل جعفر.
وحين جاء الى الكرسي ، جاءه بتواضع العظماء ، كانت دموعه ، وهو البطل غليظ القلب الذي جندل عشرات الرؤس من خصومه ، تدمع وهو يستمع إلى شكوى أم او رجل عجوز يأتيه في مكتبه في ظل ظروف صعبة ومعقدة ومؤلمة.
بدا السياسة من نقطة الصفر ، فأبحر فيها بمهارة جعلته رباناً يشار إليه بالبنان، فأسعد رجاله وشعبه وأبكى خصومه.
أكثر مايشد من يتعرف عليه -وهذا ما قلته له -انه يمارس السياسة بأخلاق ورجولة وإنسانية على عكس كثيرين ممن ينطلقون من قناعة ان السياسة بلا أخلاق وان الفهلوة والبلطجة عنوان السياسي الناجح.

في تعامله الخاص يذهلك ابا القاسم في حُسن تربيته ونبل أخلاقه ، فلا يستطيع أحدهم ان يدّعي يوماً انه سمعه يذكر شخصاً بكلمة غير طيبة وان كان يستحقها.

في مواقف ومناسبات ومآزق شديدة أذهلنا ابو القاسم برباطة جأشه ، كان المحيطون به يأتونه في حالة إحباط ويأس وربما انكسار وما ان يرونه مبتسماً بهدوء ، وكأن شيئاً لم يحدث يخرجون بوجه آخر مرددين الأمور طيبة والدنيا بخير.
مواظب على الصلوات الخمس ويمارس الرياضة ، ولا يتعاطى القات ولا الدخان ، ولكل ذلك يبدو الرجل نشطاً وحيوياً وصافي الذهن على مدار الساعة.
أكثر ما كنت أعتبره مأخذاً على أبي القاسم هو أنه يتعامل بخجل وأدب مع بعض من الناس الذين لا يخجلون فيوغلون في استغلال دماثة أخلاقه ، وكرمه وشهامته فيرد مبتسماً " الناس تعبت وتعاني ".
حفظكم الله أخي أبا القاسم في حلك وترحالك وسدد خطاك ونصرك فأنت هدية هذا الزمان لأهلك ووطنك بعد طول عناء .