احقنوا دماء أبناء تعز!

ثلاثة أيامٍ عصيبةٍ عاشتها مدينة تعز نزفت فيها دماء العشرات وأزهقت فيها عشرات الأرواح في حرب شوارع بين مكونات المقاومة (الشعبية) ظاهرها الحملة الأمنية وباطنها صراع أجنحة بين صفوف المقاومين للمشروع الانقلابي الحوثي وضحاياها عشرات المدنيين ممن سالت دمائهم وعشرات الأسر من المدنيين ممن عاشوا رعبا أسوأ من ذلك الذي عاشوه في ظل الحصار والقصف الحوثيين، ولا يبدو أن المواجهات ستتوقف في مدى قريب.
تنازع المكونات المقاومة للمشروع الانقلابي وادِّعاء كل منهم احتكاره للوطنية وللدين الاسلامي لا يعبر فقط عن ضحالة سياسية وانحراف فكري بل وعن نزوع عدواني لدى من يمارس هذا السلوك أما ادِّعاء احتكار الشرعية ونكرانها على الغير فإنما يعود بنا إلى العقلية الشمولية الموروثة منذ ما يقارب ثلث قرن من الزمان عندما كان الحاكم يعتبر كل من يخالفه الرأي غير شرعي وغير وطني بل وربما خائن وعميل لأعداء الوطن.
لا يختلف من يدعي احتكار الشرعية اليوم عمن كان يدعي أنه الشرعي الوحيد بالأمس، فالمدرسة نفس المدرسة والغاية نفس الغاية والوسيلة نفس الوسيلة، مهما اختلفت الشعارات والمواقع والظروف الزمانية والمكانية.
لن نشمت بإخوتنا من أبناء تعز والشمال عموما كما يفعل الكثيرون منهم عندما يقرأون منشورين متنقاضين ومتواجهين لناشطَين جنوبيَين على فيس بوك فيشرعون في الشماتة بأن الجنوبيين منقسمون وأنهم غير مؤهلين لبناء وإدارة دولة، وهم يعلمون بأن المواجهة بمنشورات الفيس بوك ليست كالمواجهة بالقذائف والمدفعية ولا حتى بالكلاشنيكوف، أقول لن نشمت بإخوتنا ولن نحرضهم على المزيد من المواجهة كما يفعل كثير من قادتهم مع المتخلفين الجنوبيين، لكننا ومن منطلق الشعور بالألم لما يعانيه المدنيون الأبرياء نقول لأشقائنا في تعز وفي كل محافظات الشمال، احقنوا دماء المدنيين وكفوا عن قتل الأبرياء، وكرسوا جهودكم لاستعادة دولتكم قبل أن تتنازعوا على من سيحكمها وهي ما تزال في علم الغيب.
رحم الله الشهيد الدكتور محمد عبد الملك المتوكل الذي كان غالبا ما يسخر من نزاعات الأحزاب المعارضة بالقول "أنتم تتضاربون على جلد النمر، والنمر ما يزال ضائعا في غياهب الغابة"