خمس سنوات على استشهاد نبيل الجنوب الشاعر والفارس المقدام نبيل الخالدي

من ينساك أيها الفارس المقدام والشاعر الثائرنبيل حسين عبدالرب الخالدي (أبو سيف) وأنت قد خلّدت اسمك بالكلمات وبالدماء الزكية التي سالت في أكثر من موقع في أرض الجنوب العربي، في ردفان ويافع والضالع وانتهاءً بأرض شبوة الأبية، المحطة الأخيرة التي ارتقيت فيها شهيداً في معارك وادي جنه في عسيلان دفاعاً عن أرض الجنوب وحريتها واستقلالها.
مرت ذكراك الخامسة في الأول من يوليو الجاري وقد جرت مياه كثيرة، وأصبح الجنوب الذي حلمت به الآن بيد أبنائه وقاب قوسين أو أدنى من استعادة دولته، بعد أن تحرر من الغزاة الحوثيين وقوى النفوذ الزيدية وطردهم شرد طردة..
لقد لحقت بك قوافل من الشهداء الذي صنعوا النصر وفي مقدمتهم قادة أفذاد تقدموا صفوف الفداء والتضحية، نذكر منهم القائد الشهيد علي ناصر هادي، والقائد الشهيد جعفر محمد سعد والقائد الشهيد أحمد سيف المحرمي والقائد الشهيد سيف علي العفيف (سُكَّرة) ومئات الشهداء والجرحى ممن حملوا الراية من بعدك.. 
كنت أيها النبيل سباقاً في مواجهة الاحتلال بروح الإقدام المتوثبة والشجاعة المنقطعة النظير منذ انضمامك الى سرايا المقاومة الجنوبية المسلحة بداية تأسيسها، وكنت في العام٢٠٠٩م مع ثلة من رفاقك تحرزون أول انتصار بطرد قوات الأمن المركزي الشمالي من لبعوس –يافع بعد مناوشات أرغمتهم على الانسحاب من الأرض التي ترفض وجودهم.
وفي ٢٠١١م كنت ضمن صُناع أول انتصار عسكري جنوبي في معركة تحرير جبل (العُر) من قوات الاحتلال الشمالي المتمثل بالحرس الجمهوري، وهو الانتصار الذي عزز صمود شعبنا في ثورته السلمية المحمية وهيأت أبطالها الصناديد ممن أظهروا لنظام الاحتلال القدرة على المواجهة والرد على جرائمه التي ارتكبها بحق شعبنا المسالم، ورأينا كيف كان ردكم الشجاع والحاسم على المجزرة البشعة التي ارتكبها المحتلون بحق مخيم العزاء في سناح الضالع وراح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى، فما كان منكم أنت ورفاقك وإزاء هذا العمل الإرهابي الجبان إلا أن قمتم أواخر عام ٢٠١3م بعملية عسكرية بطولية لاقتحام معسكر القطاع الغربي الواقع في الحبيلين وتلقين قوات نظام الاحتلال درساً لن ينساه وهو ما أثار الرعب بين جنوده، وقد استشهد في تلك العملية من رفاقك الشهيد حسين قنداس العياشي، والشهيد عوض الطيري، وكان حاضراً فيها القائد المقاوم وليد عبدالرب الطفي الذي استشهد لاحقا في معركه الخزان في الضالع في العام ٢٠١٥، وكذا رفيق دربك القائد المقاوم احمد يحيى الكبدي الذي استشهد لاحقا في جبهة جعولة وهو يصول ويجول مع رفاقه لصد هجمة الحوثيين في عدن، ونعرف جيداً أنك أُصبت في تلك المعركه في فخذك كما أصيب رفيقك الشهيد الكبدي ونجوتما من موت محقق بأعجوبة نظرا لصعوبة اسعافكما حينها من أرض المعركة، وأتذكر زيارتنا لكما وتقبيل رأسيكما في غرفة التمديد بمستوصف "ديان" في فرزة لبعوس..
لم يمر وقت على تشافيك من الإصابة حتى عدت مسرعاً إلى صفوف المقاومه، رغم أن جراحك لم تلتئم بعد، ولأنك مناضل بحجم الجنوب العربي الذي يسكنك وتسكنه وتناضل من أجل حريته واستقلاله فقد كنت أول من هب لنجدة أهلنا في شبوة من قبيلة قبيلة بلحارث الجنوبية حينما تعرضت للاعتداء من قبل قوات الفرقة الأولى مدرع التابعة لعراب الإرهاب علي كاتيوشا، وبشهادة رفاقك الأبطال كنت مثالاً للشجاعة والإقدام وأنت تخوض غمار المعركة مع بقية رفاقك أفراد المقاومة الجنوبية، حتى ارتقيت شهيداً مقبلاً غير مدبر في صبيحة 1 يوليو 2014م. فرسخت باستشهادك على تراب شبوة الأبية مفهوم الانتماء ﻟﻠﻮﻃﻦ ﺍﻟﺬﻱ حملته ﺑﻴﻦ ﺟﻮﺍنحك، وكما قال زميلي أحمد عمر بن فريد لم نستغرﺏ أن نقرﺃ ﻧﺒﺄ ﺍﺳﺘﺸﻬﺎﺩك ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺍﺏ ﺷﺒﻮﺓ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﺓ ﻭﻓﻲ ﻭﺳﻂ ﺃﺑﻨﺎﺀﻫﺎ ﻣﺪﺍﻓﻌﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﻭﺍﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻬﻢ ﻭﺷﺮﻓﻬﻢ ﻭﻛﺮﺍﻣﺘﻬﻢ ..ﻷ‌ﻥ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻟﺪى ” ﻧﺒﻴﻞ ” ﻗﻴﻤﺔ ﻧﺒﻴﻠﺔ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺎ ﻭﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺎﻫﻮ ﺃﻋﻠﻰ ﻗﻴﻤﺔ ﻭﺃﻛﺜﺮﺍ ﺳﻤﻮﺍ .
وغنى عن القول أنك كنت أحد أبرز شعراء الثورة الجنوبية ومن أكثرهم حضوراً في كل الفعاليات الحجنوبية التي ترددت فيها قصائدك وزواملك الحماسية التي ألهبت الهمم لمواصلة النضال ضد الاحتلال ومن أجل الحرية والاستقلال.
وكنت أيضاً مشروع كاتب اهتم بالبحث والتأليف منذ وقت مبكر، حيث صدر لك كتاب (الحرية) 2014م، وكان لي شرف تشجيعك وتقديم ذلك العمل الذي نُشر في حياتك، فضلا عن كتاب في التاريخ سلمت مخطوته كما علمت منك للمناضل علي هيثم الغريب، وما زالت الأمانة بحوزته كما أخبرني في لقاء جمعني به قبل اشهر، أما اشعارك العديدة فقد كنت حريصا على تدوينها منذ البدايات الأولى وأنت ما تزال طالبا في الثانوية، كما نشرت كثير منها في صفتك الخاصة في الفيسبوك، وسيكون من الواجب والوفاء أن يتم تجميع أعمالك لنشرها، باعتبارها جزء من تراثك النضالي الذي نعتز به وتضاف إلى صفحات تاريخ شعبنا ونضاله المجيد من حريته واستقلاله.
استشهد (نبيل الجنوب) في الوقت الذي أكمل فيه العقد الثالث من عمره فغادرنا في عز شبابه وعنفوان نضاله وحماسه لانتصار الثورة الجنوبية، علما أنه منذ تخرجه من الجامعة 2009 لم يحصل على عمل وتفرغ للنضال الثوري الذي كان شغله الشاغل، وترك أسرته ونجله الطفل الصغير(سيف) والواجب أن يلتفت إلى أسرته وأمثاله من الشهداء الذين استرخصوا دمائهم الزكية من أجل الوطن وانتصار قضيته... 
ختاما ..لقد تمنى في حياته الحرية أو الشهادة في سبيلها، وكان صادق القول في أشعاره ومواقفه التي توجها بالشهادة من أجل الحرية.. وهو القائل: 

دم الشهيد الحر ما با يرحل

ولو طويناها بطي الكتمان

عاد البنادق عندنا والجرمل

با نقهر المحتل كائن من كان

والله ما نقبل بغازي محتل

ولا بحكم البلطجة والطغيان

لو الجبال العالية تتزلـزل

وإلأ السماء يمطر علينا نيران

واجب نقاتل عالشرف ونقتل

والموت عالمبدأ طباع الشجعان

ذي ما يقاتل عالشرف يا عُوَّل

يا للخزأ يلبس ثياب النسوان