برزاني: الأولوية في تعزيز العلاقات مع العراق وليس استقلال كردستان
بعد مرور عامين على فشل مساعي الاستقلال التي دفعت كردستان العراق إلى أتون اضطرابات استمرت شهوراً، قال رئيس الوزراء الجديد للإقليم إن أولويته تتمثل في تعزيز العلاقات مع بغداد، مما يشير إلى أن أحلام الاستقلال يجب أن تنحى جانبا.
وأدى مسرور برزاني اليمين اليوم الأربعاء، رئيساً لوزراء الإقليم. وكشف برزاني في حديث مع وكالة "رويترز" أن التركيز تحت قيادته سينصب على إقامة "علاقات قوية وبناءة" مع بغداد، مما يشير إلى تنحية مسألة الاستقلال جانبا في الوقت الراهن.
وقال برزاني متحدثاً في قصره في قرية صلاح الدين قرب أربيل عاصمة الإقليم: "حدث ذلك (أي الاستفتاء على الاستقلال) في الماضي، وهو انعكاس لتطلعات الأمة".
وأضاف: "لكن تركيز حكومتي سينصب على كيفية إقامة علاقات وشراكة أقوى مع بغداد"، مؤكداً أنه يتطلع لإصلاح "تلك الأمور التي تبقينا متباعدين".
وقاد مسعود برزاني، والد مسرور، مسعى الاستقلال، وتنحى عن رئاسة كردستان العراق في 2017، بعد أن أثار استفتاء على الاستقلال رد فعل عكسي تمثل في هجوم عسكري شنته بغداد.
ويواجه رئيس وزراء إقليم كردستان العراق الجديد خلافات قديمة بشأن الاستقلال وصادرات النفط والمشاركة في الإيرادات والأمن والأراضي، مما تسبب في توتر العلاقات بين بغداد وأربيل منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح بحكم صدام حسين عام 2003.
وكان دور مسعود برزاني رئيسياً في ترتيب استفتاء سبتمبر/أيلول عام 2017 الذي أجري رغم اعتراضات بغداد وقوى إقليمية. واعتبر تتويجا لجهود المنطقة على مدى سنوات.
لكن رد الفعل جاء سريعاً ودفع البلاد إلى شفا حرب أهلية هددت بالقضاء على الحكم الذاتي غير المسبوق الذي تمتع به الإقليم على مدى سنوات. وتحسنت العلاقات بعد ذلك مدعومة بتغيير الحكومة على الجانبين.
وضع مربح للطرفين
وكانت صادرات إقليم كردستان من النفط على مدى طويل مصدر توتر مع بغداد. وكان الأكراد، الذين يملكون خط الأنابيب النفطي العراقي الوحيد في الشمال، يصدرون النفط بشكل مستقل منذ عام 2013. واستأنفت الصادرات في 2018 بعد تجميدها على مدى عام وسط خلافات ما بعد الاستفتاء على الاستقلال.
ووافقت حكومة الإقليم في ميزانيتي عامي 2018 و2019 على إرسال 250 ألف برميل يوميا للسلطة الاتحادية في مقابل أن تدفع بغداد رواتب العاملين في الحكومة في كردستان.
لكن المسؤولين العراقيين، ومنهم رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، شكوا من أن الإقليم لم ينفذ التزامه بموجب الاتفاق إذ لم يرسل برميلا واحدا من النفط لبغداد.
وفي هذا السياق، أكد برزاني أن المفاوضات الخاصة بالنفط والغاز جارية بالفعل وأنه يرى فرصة "لإحراز تقدم سريع" في هذا الملف. وأضاف: "هناك فرصة كبيرة لنتوصل إلى وضع مربح للطرفين.. بالعمل معا والتعاون فيما بيننا يمكننا زيادة إنتاج النفط".
والمزايا المتبادلة بين الطرفين موضوع كثيراً ما يردده برزاني فيما يتعلق بالأمن في المنطقة.
فبعد نحو عامين منذ إعلان العراق النصر على مقاتلي تنظيم داعش، شهدت البلاد تدهورا في الوضع الأمني في المناطق المحيطة بإقليم كردستان.
تهديد داعش لم ينته
وقال برزاني، الذي كان يتولى في السابق مسؤولية أمن إقليم كردستان، إن التهديد الذي يمثله تنظيم داعش لم ينته بعد. وأوضح أن التنظيم استغل الخلاف بين الأكراد وبغداد. وكان الطرفان حاربا جنبا إلى جنب لهزيمة مقاتلي التنظيم في 2017.
في سياق آخر، يتطلع برزاني إلى تأسيس آلية أمنية مشتركة في "الأراضي المتنازع عليها، وهي المناطق التي تطالب بها بغداد وأربيل. وأوضح أنه يسعى لسد الفجوة بين الطرفين بشأن هذا الملف.
ومسرور هو الأحدث بين أفراد عائلة برزاني الذي يرأس حكومة الإقليم. وما زال والده مسعود، وهو أيضا ابن زعيم كردي بارز، يتمتع بنفوذ كبير على الساحة السياسية.
وكان ابن عمه نيجيرفان برزاني يتولى رئاسة الوزراء حتى الشهر الماضي عندما أدى اليمين رئيسا للإقليم بعد انتخابات برلمانية في سبتمبر/أيلول 2018.
وعائلة برزاني واحدة من أسرتين تهيمنان على الحياة السياسية في الإقليم منذ عقود. ورغم تمتع كل منهما بتأييد قواعده الشعبية، أثار وجودهما في السلطة لسنوات مزاعم بين الناخبين عن فساد وسوء إدارة.
وعن هذا الموضوع، قال برزاني إن كسب التأييد يحظى بالأولوية الأولى إلى جانب مكافحة الفساد. وأضاف: "أريد إصلاحات.. لضمان تنامي ثقة الناس في الحكومة".