بيوت صنعاء المهجورة تتحول إلى أوكار حوثية لتعذيب اليمنيات الأبرياء
كشفت سجينة مفرج عنها من سجون المليشيات الحوثية عن تفاصيل صادمة بعد تعرضها للاختطاف على يد العناصر الانقلابية وممارسة جميع أنواع التعذيب والانتهاك بعد أن زُج بها داخل أحد البيوت المهجوة في صنعاء والتي حولها الحوثيين إلى سجون سرية يصعب الوصول إليها.
كشفت السجينة التي ظهرت في تسجيل مصور على أحد الفضائيات اليمنية، إنها تعرضت له على يد المليشيا الحوثية للاختطاف والتعذيب طيلة 11 شهراً بأحد سجون الحوثي السرّية في صنعاء، إلى جانب نساء أخريات، اختطفهن الحوثيون من منازلهن بالقوة.
وقالت الفتاة التي ظهرت في حالة نفسية وصحية متدهورة، إن ثلاثة من مسلحي مليشيا الحوثي، إحداهم (زينبية)، اقتحموا منزلها في صنعاء منتصف الليل، وأخذوها من بين أفراد أسرتها، واقتادوها إلى سجن بإحدى البنايات الحوثية في صنعاء، تقبع فيه مئات النساء المختطفات.
وتحدثت المرأة بصوت يخالطه البكاء والدموع والمرارة، عن أن اختطافها من قبل الحوثيين جاء بعد مشاركتها في تظاهرة نسائية في ميدان السبعين في صنعاء، في ديسمبر 2017، لمطالبة المليشيات بالإفراج عن جثمان علي صالح.
وذكرت الناشطة أن المسلحين الحوثيين اقتحموا منزلها بحجة أن لديهم أوامر قهرية من المكتب السياسي الأعلى للمليشيا الحوثية، وبعدها تم احتجازها في الطابق الأرضي (البدروم) لمدة 3 أيام دون أي تحقيق، ودون أي تهمة.
وأضافت أنه في وقت لاحق وجّه الحوثيون لها تهمة "التجسس" لصالح العدوان، في إشارة إلى التحالف العربي الداعم للحكومة الشرعية في اليمن، وهي تهمة تستخدمها المليشيات الحوثية لاختطاف المعارضين لها واضطهادهم والتنكيل بهم.
وأضافت :"كانت تقام لنا محاضرات عن الأخلاق والدين من قبل "الزينبيات"، وفي الليل يتم اقتيادنا واحدة تلو أخرى، إلى الطابق العلوي الذي يتواجد به مشرفو الحوثي، وهناك ينتهك شرفنا في ما يسمونه بجلسات "التطهير" "نكاح المجاهدين" وكان يتم هذا الأمر بشكل يومي لمدة 11 شهراً".
وكشفت المرأة، أنها تعرّضت خلال فترة الاختطاف للتعذيب الجسدي والنفسي، بطريقة بشعة، ومنها التعذيب بالكهرباء، وحلق شعر رأسها، وألوان أخرى من العذاب، وكان آخرها إحراق أجزاء من جسدها، مشيرة إلى أنها شاهدت الحوثيين وهم يعذبون الكثير من النساء أمام عينيها، وما يزلن يتعرضن للإهانة والتعذيب في تلك السجون حتى اللحظة، دون أن يعلم أحد عنهن شيئًا، ولا يستطيع أهاليهن الوصول إليهن.
وذكرت أن المليشيات الحوثية كانت توجّه كل يوم تهمًا جديدة للمختطفات، ومنها: تلقيح فيروس الإيدز والسرطان عبر منظمات دولية، والاشتراك في شبكة دعارة، وفي تجارة الحشيش، والسفر إلى القاهرة ضمن شبكات دعارة وبيع أعضاء بشرية، وتهم أخرى كثيرة.
وذكرت أن الفتيات اللاتي تم تجنيدهن، يجبرن على ممارسة ما يسمونه "نكاح المجاهدين" و"الطباخة للمجاهدين" ونقل السلاح، ويتم استخدام البعض منهن كـ"طعم للعدو" أي الإيقاع بخصوم المليشيات من السياسيين والنشطاء ورجال الدين.
وأضافت أن أسرتها طالبت الحوثيين بتسليمهم جثمان ابنتهم، بعد أن طالت فترة اختفائها، واستنفدوا كل السبل في البحث عنها، وكانت المليشيات تنكر وجودها لديها، مشيرة إلى أن المليشيات منعت أهالي المختطفات من الحديث عن اختفاء بناتهم، ومن يتكلم منهم في هذا الأمر يستحيل عودته إلى بيته".
وتأتي تلك الشهادات الصادمة في وقت كشف فيه تقرير حقوقي دولي، الأسبوع الماض، عن الانتهاكات التي تعرضت لها النساء المختطفات في سجون ميليشيات الحوثي تتنوع بين العنف الجسدي واللفظي والمعنوي، والانتهاكات الجسيمة المختلفة التي تدفعهن للانتحار.
ووثق التقرير الذي أصدرته «منظمة سام للحقوق والحريات» ومقرها جنيف، بعنوان «ماذا بقي لنا؟»، ما تتعرض له النساء في اليمن في سجون ومعتقلات الميليشيات الحوثية، بما في ذلك سجون أقسام الشرطة والنقاط العسكرية. وتضمن التقرير شهادات لضحايا وأقارب ضحايا وشهود عيان تحدثوا عن اعتقالات تعسفية وتعذيب نفسي وجسدي وانتهاكات جسيمة تتعرض لها النساء في سجون ميليشيات الحوثي. وأكدت المنظمة في تقرير لها، هو الأول من نوعه «أن نساء معتقلات تعرضن للتعذيب الشديد والمعاملة القاسية، مما دفعهن لمحاولة الانتحار».
وأشارت إلى أن الحوثيين شكلوا جهازا أمنيا خاصا بالنساء وظيفته المشاركة في اقتحام المنازل، واعتقال النساء، واستدراجهن، وجمع معلومات ميدانية عن الخصوم. وأوضحت أنها رصدت مواقع لاعتقال وإخفاء النساء شملت أماكن مهجورة تستخدم للتحقيق والتعذيب النفسي، وبيوت مواطنين تم إجبار أصحابها على تركها، وأقسام شرطة تسيطر عليها ميليشيات الحوثي، ودعت المنظمة الميليشيات إلى الإفراج عن جميع النساء السجينات على ذمة قضايا سياسية، والتوقف عن الزج بالمزيد من النساء في السجون، وتحسين ظروف النساء السجينات، بينما تستكمل إجراءات الإفراج عنهن.
وشددت المنظمة الدولية في تقريرها على ضرورة السماح للمنظمات الحقوقية والنسائية المتخصصة وناشطي حقوق الإنسان بالالتقاء بالنساء في السجون والاطلاع على أوضاعهن، وطالبت بالتوقف عن التشهير بالنساء المعتقلات وحذف الفيديوهات المسيئة إليهن.
يذكر أن الميليشيات الحوثية اختطفت مئات اليمنيات خلال العامين الماضيين في صنعاء ومحافظات أخرى لا تزال تحت سيطرتها، وتعرضن للتعذيب النفسي والجسدي وابتزاز أهاليهن وإجبارهم على دفع مبالغ مالية مقابل الإفراج عنهن.