في الذكرى الـ75.. هل سيواصل كلاً من البنك الدولي وصندوق النقد قدراتهما على الابتكار لتجاوز الأزمات؟
صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مؤسستان شقيقتان ضمن منظومة الأمم المتحدة تشتركان في هدف واحد، هو رفع مستويات المعيشة في بلدانهما الأعضاء، وتتبع المؤسستان منهجين متكاملين لتحقيق هذا الهدف، حيث يركز الصندوق على قضايا الاقتصاد الكلي بينما يركز البنك على التنمية الاقتصادية طويلة الأجل والحد من الفقر.
ومن المفترض أن يواصل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الابتكار لتجاوز أزمات من نوع جديد بعد مرور 75 عام على تأسيسهما، مثل الهجرة بسبب المناخ، وكذلك من أجل التكيف مع ظهور أدوات غير مسبوقة مثل العملات الافتراضية.
وتأسست المؤسستان الماليتان في يوليو 1944 خلال الحرب العالمية الثانية في مدينة بريتون وودز بولاية نيوهامشير في الولايات المتحدة بمبادرة من 44 بلدا لتجنب أزمة شبيهة بتلك التي حدثت في 1929.
وكلف صندوق النقد الدولي حينذاك بضمان الاستقرار المالي العالمي، بينما على البنك الدولي العمل من أجل إعادة الإعمار والتنمية قبل أن يتكرس لخفض الفقر.
وتثير المؤسستان باستمرار تشكيكا وانتقادات تعتبر أنهما صممتا لتكونا أداتين بأيدي القوى الغربية.
وقال أوجستان كارستنز، الخبير الاقتصادي المكسيكي والرئيس السابق للجنة النقدية والمالية في صندوق النقد الدولي: إن "هاتين المؤسستين شهدتا تطورا إيجابيا إلى أبعد حد"، وهما تعملان بأعضائها الـ189 من أجل كل أمم العالم تقريبا.
ويبدو أن الصندوق يستخلص من دروس الماضي، فقد اتهم لمدة طويلة بالتضحية بالسكان لصالح الإصلاحات القاسية التي يطالب بها مقابل تقديم قروض، وبات يتمسك اليوم بحماية الشق الاجتماعي كما حدث مؤخرا في برنامج للأرجنتين.
قال كارتسنز إن "صندوق النقد الدولي يبدو شريرا لأنه يفاوض على بعض الشروط" لكنه "يشبه طبيبا يصف علاجا مؤلما".
أما البنك الدولي، فيؤكد رئيسه ديفيد مالباس أن حصيلة أدائه إيجابية بشكل عام، من زيادة معدلات الإعمار إلى خفض وفيات الأطفال والأمهات وتعليم أفضل.
وقال إن "البنك الدولي نجح في تحسين حياة الناس وجعلها أكثر ازدهارا".
من جهته، ذكر مدير صندوق النقد الدولي بالوكالة ديفيد ليبتون خلال الأسبوع الجاري أن التعددية أخرجت أكثر من مليار شخص من الفقر. وأضاف أن "نسبة إجمالي الناتج الداخلي العالمي للفرد أصبحت أكبر بخمس مرات مما كانت عليه في 1945".
وأكد المدير السابق للشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي مسعود أحمد أنه "في تاريخ العالم، لم يسجل تقدما في تحسين مستويات المعيشة مثل ذاك الذي حدث في السنوات الـ75 الأخيرة".
لكن ما لبس أن اعترف بأنه ما زال يجب القيام بعمل كبير للقضاء على الفقر المدقع وخصوصا في إفريقيا.
من جهة أخرى، يجب إدخال تغيير على إدارة مؤسستي بريتون وودز، فصندوق النقد الدولي يديره دائما أوروبي والبنك الدولي أمريكي، وهو توزيع يواجه اعتراضا، إذ إن دولا أخرى مثل الصين لديها وزن كبير في الاقتصاد العالمي.
وبينما يبحث صندوق النقد الدولي عن مدير خلفا لكريستين لاجارد التي أصبحت مديرة للبنك المركزي الأوروبي، يمكن أن يعزز تمثيلا أفضل للدول، شرعيته، في مرحلة مفصلية، بما أنه يمكن أن يواجه تغييرا في النظام المالي العالمي تحت تأثير العملات الافتراضية.
وقال ليبتون إن "الأرباح من هذه العملات واضحة: استخدام أسهل وكلفة أقل".
لكن المخاطر المرتبطة بالعملات الافتراضية مثل الليبرا التي أعلن عنها فيسبوك، كثيرة، حسبما يرى وزراء مالية دول مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، بمن فيهم الأمريكي ستيفن منوتشين، وهم يشيرون إلى استخدام البيانات الشخصية لجمع أموال وخطر النشاطات غير القانونية وتهديد الاستقرار المالي.
أما البنك الدولي، فعليه مضاعفة الجهود لمعالجة تغييرات المناخ التي تؤدي إلى هجرات جماعية للسكان.
وإذا لم يتحقق أي تقدم، سينزح 143 مليون "مهاجر بسبب المناخ" بحلول 2050 في إفريقيا جنوب الصحراء وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية بسبب تراجع الإنتاج الزراعي أو نقص المياه أو ارتفاع مستوى البحار.
ويرى مسعود أحمد أنه على البنك لدولي "التأثير" على سياسات البلدان النامية في هذا المجال.
وأخيرا، يعترف البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بضرورة الأخذ في الاعتبار المتضررين من العولمة الذين يؤدي غضبهم إلى تصاعد الشعبوية في الدول المتطورة.
وأكد "ليبتون" أن التفاوت الطبقي "كبير جدا"، داعيا الحكومات إلى "ضمان المساواة في الفرص".
وقال: "إن الحلفاء أسسوا في نهاية الحرب العالمية الثانية مؤسستين تعتمدان على التعاون الاقتصادي لمنع وقوع حروب في المستقبل، لكننا "نواجه خطر لحظة تراجع لبريتون وودز".
مهمة الصندوق: يعمل الصندوق على تشجيع التعاون النقدي الدولي، ويقدم المشورة بشأن السياسة الاقتصادية والدعم في مجال تنمية القدرات لمعاونة البلدان الأعضاء على بناء اقتصادات قوية والحفاظ عليها. كذلك يقدم الصندوق قروضا للبلدان الأعضاء ويساعدها على وضع برامج لسياساتها الاقتصادية بغية حل مشكلات ميزان المدفوعات حين يتعذر عليها الحصول على التمويل الكافي بشروط معقولة لتغطية مدفوعاتها الدولية الصافية. ويقدم الصندوق قروضا قصيرة الأجل ومتوسطة الأجل تموَّل في الأساس من مجموع المساهمات التي تدفعها البلدان الأعضاء في شكل اشتراكات للعضوية. ومعظم موظفي الصندوق من الاقتصاديين الذين يتمتعون بخبرة واسعة في السياسات المالية والاقتصادية الكلية.
مهمة البنك الدولي: يعمل البنك الدولي على تشجيع التنمية الاقتصادية طويلة الأجل والحد من الفقر من خلال توفير الدعم الفني والمالي لمساعدة البلدان الأعضاء على إصلاح قطاعات معينة أو تنفيذ مشروعات محددة - مثل بناء المدارس والمراكز الصحية وتوفير المياه والكهرباء ومكافحة الأمراض وحماية البيئة. والمساعدات التي يقدمها البنك الدولي هي مساعدات طويلة الأجل بصفة عامة، وتمول من مساهمات البلدان الأعضاء ومن خلال إصدار السندات وأغلب موظفي البنك الدولي من المتخصصين في قضايا أو قطاعات أو تقنيات معينة.