رحيل مؤلف “الأهداف السامية والأحداث الدامية”
د. علي صالح الخلاقي
صدمت اليوم لخبر وفاة صديقي ووالدي القائد والمناضل الوطني الصلب (العم) اللواء محمد قاسم بن عليو، الذي ربطتني به علاقة شخصية على مدى العقدين الماضيين، وكنت أحرص على التواصل معه وزيارته في بيته بمدينة الشعب في المناسبات، وكان هو الآخر يتواصل معي تلفونيا، خاصة خلال السنوات الأخيرة التي انشغل فيها بكتابة مذكراته.
غادرنا فارس وطني وبطل من أبطال زماننا بعد مسيرة حافلة وزاخرة قضاها في خدمة وطنه منذ شبابه المبكر وحتى آخر لحظات حياته..إذ بدأ حياته العسكرية منذ العام 1952، وهو في ريعان شبان، وتدرج في المناصب العسكرية، حتى وصل إلى رتبة وكيل قائد (رائد). ثم انخراط مع كثيرٍ من رفاق السلاح في النضال ضد قوات الاحتلال البريطاني لأرضنا، عبر تنظيم الضباط في الجيش والأمن، قطاع الجبهة القومية. ثم بعد انتصار ثورة (14 أكتوبر 1963م)، شارك في الدفاع عن الجمهورية الوليدة والانتصار لها؛ ليتم بعد ذلك تعيينه ملحقاً عسكرياً مقيماً لبلادنا في موسكو، ثم القاهرة، وغير مقيمٍ في العراق وسوريا والسودان.
ثم جاءت بعد تلك المرحلة من النضال والعمل العسكري والدبلوماسي، مرحلةٌ التنكر لنضاله وغيره من المناضلين الشرفاء في إطار الصراعات السياسية التي التهمت كثيراً من الأبطال، فقد تَمَّ الزَّجُ به في المعتقل وبقي خلف القضبان حتى تِمَّ الإفراج عنه من دون تهمة أو تحقيق، وتحويله إلى العمل المدني في شركة التجارة الداخلية، وقبيل إعلان الوحدة بيومٍ واحدٍ أعيد له الاعتباره ضمن طابور طويل من الشخصيات الوطنية والسياسية، كثيرٌ منهم كان قد فارق الحياة.
العم محمد بن عليو، كما كنت أخاطيه، رغم تقاعده القسري ظل جذوة من النشاط كشخصية اجتماعية وقيادية، وكانت له بصماته الملموسة في ثورة شعبنا السلمية، وحضوره الفاعل في اللقاءات والفعاليات رغم كبر سنه، وكان خير ما قام به خلال فترة تقاعده كتابه ذكرياته، في كتابه المثير للجدل (الاهداف السامية والاحداث الدامية) الذي صدر عام 2008معن دار جامعة عدن للطباعة والنشر، وهو كتاب توثيقي جمع فيه بين التوثيق لسيرته الذاتية والتاريخ الوطني الذي كان مشاركا فيه وشاهدا عليه، وبعد أن استلم كمية قليلة من نسخ الكتاب، تم الحجز عليه ومنع توزيعه بأمر رئيس الجامعة حينها عبدالعزيز حبتور، وكنت لحسن الحظ قد حظيت بنسخة منه أهداني إياها (العم محمد) رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
وتكمن أهمية كتابه في كونه قرر فيه، كما جاء في تقديمه، أن يُعيد الحقَّ – ولو من خلال الكتابة لكثيرٍ من المناضلين والوطنيين الشرفاء، الذين طحنتهم رحى الحروب والمعارك المؤسفة، التي قادها فطاحلة النظام، عبر مراحل متعددة من الصراع السياسي، الذي كان – دائماً ما – ينتهي بتصوير المنتصر مناضلاً وطنياً شريفاً غيوراً على شعبه. فيما يذهب المنهزم بكل تاريخه النضالي الوطني والقومي إلى غياهب النسيان. تلاحقه – زوراً وبهتاناً – تُهَمُ النظام له بالخيانة والعمالة والرجعية، وغيرها من التهم التي ألِفناها في تلك المراحل.
ومن دروس نهاية العمر، وبعد أكثر من أربعين عاماً من الخبرة، في العمل العسكري والوطني والمدني، توصَّل، كما قال، إلى حقيقة، هي:” إذا كان النظام صالحاً، يكون السجنُ مكاناً للمجرمين، والمفسدين في الأرض .. وإذا كان النظام فاسداً، فإنَّ السجنُ، يكون مكاناً للمناضلين والشرفاء والوطنيين”.
رحم الله فقيد الوطن الشخصية الوطنية والعسكرية اللواء محمد قاسم بن عليو، وانزله فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وهذه سطور من سيرته، كما دونها بنفسه ونشرها في كتاب مذكراته:
الاسم : محمد قاسم محمد محسن بن عليو اليافعي. من مواليد عام (1930م) في يافع، قرية (عثارة).
لم يدخل المدرسة؛ بسببٍ عدم وجود مدرسة، لا في القرية، ولا في يافع بأكملها.
عمل راعياً للأغنام، ثم فلاحاً.
بتاريخ (5/8/1952م) التحق بجيش محمية عدن، الذي كان يُعرف باسم (جيش اللِّيوي) جندياً نظامياً يحملُ رقماً عسكرياً هو (6809). وبعد ذلك بثلاث سنوات، تحول من الخدمة في سلاح المشاة، إلى الخدمة في سرية الإشارة على جهاز (لاسلكي). حتى عام (1958م).
في العام (1959م) التحق بأول دورة لتعلم اللغة الإنجليزية، على يد (الفليت لفنن تكول) مقدم مع مجموعة من الضباط.. في (خور مكسر) مدينة عدن.
في نهاية عام (1959م) اُبتعِث من قبل الجيش إلى بريطانيا للدراسة في مجال سلاح الدروع، في دورة ضباط مرشحين في مدرسة (مونس ألدر شوت).
في عام (1960م) تمت ترقيتة إلى رتبة ملازمٍ ثانٍ. ثُمَّ تَمَّ إرساله مرةً أخرى إلى بريطانيا للالتحاق بدورة صيانة وسواقة على مدرعات نوع (صلاح الدين وسرسن) – (Saladin and Saracen)
الدورات العلمية والتأهيلية:
عدة دورات في سلاح الإشارة، ودورة واحدة في الاتصالات الجوية.
دورة في اللغة العربية والرياضيات في جناح الثقافة في الجيش، عامي (1957م – 1958م).
دورتان في اللغة الإنجليزية في الجيش عامي (1959 – 1966م).
دورة ضابط مرشح في مجال الدروع في بريطانيا عام (1959م).
دورة في مجال سواقة وصيانة الدروع في بريطانيا على مدرعات (صلاح الدين وسرسن) في عام (1960م).
دورة نقيب في عدن، في عام (1964م).
دورة وكيل قائد (رائد) في عام (1966م).
تم تحويله من سلاح الدروع إلى سلاح المشاة.
الرُتب العسكرية:
جندي أول عام (1955م). عريف عام (1957م). رقيب أول عام (1959م). ملازم ثانٍ عام (1960م). ملازم أول عام (1962م). نقيب عام (1964م). رائد عام (1966م). عقيد عام (1990م). لواء عام (2003م). “بقرار رئاسي ضمن (128) ضابطاً، أغلبنا متقاعدون”.
المناصب القيادية التي أُسنِدت إليّهَ:
قائد فئة مدرعات عام (1960م). (وهي المرة الأولى التي يتحمل فيها هذا المنصب ضابط عربي (يمني)، بعد أنْ كانت – من قبل ـ حكراً على الضباط الإنجليز.
قائد جناح تدريب المدرعات من عام (1960م) حتى عام (1965م).
قائد سرية مشاة من شهر أبريل عام (1966م) حتى نهاية العام نفسه.
قائد سلاح الدروع من عام (1967م) حتى شهر أبريل من عام (1970م).
قائد سلاح الطيران من تاريخ (28/7/1968م) حتى شهر أبريل (1970م).
ملحق عسكري في موسكو من عام (1970م) حتى عام (1971م).
ملحق عسكري في القاهرة من عام (1971م) حتى شهر أبريل (1975م).
ملحق عسكري غير مقيم في كلٍ من: (سوريا، العراق، السودان).
المناصب القيادية في المجال المدني:
رئيس قسم المواد الكهربائية والورش الخفيفة، في شركة التجارة الداخلية عام (1979م).
نائب مدير عام المؤسسة العامة لتجارة الأقمشة والكهربائيات من عام (1980م حتى عام 1990م).
الأوسمة التي تقلدها:
(وسام التحرير) عام (1968م).
(وسام الإخلاص) من الدرجة الأولى. (31/8/1979م).
(وسام الثلاثين من نوفمبر) من الدرجة الأولى. (21/5/1990م).
(وسام الثلاثين من نوفمبر) من الدرجة الثالثة بتاريخ (29/11/1997م).