تقرير لمنظمة أوبك تكشف فيه عن قوة أساسيات السوق النفطية برغم المخاطر
كشف تقرير لمنظمة "أوبك" عن أن أساسيات السوق النفطية تظل قوية، رغم استمرار المخاطر، التي تواجه نمو الاقتصاد العالمي.
وعلى مدار الأسبوع صعد خام مزيج برنت 6.7 في المائة، محققا أكبر مكاسبه منذ كانون الثاني (يناير) الماضي، وزاد غرب تكساس الوسيط 5.9 في المائة، وهي أكبر مكاسبه منذ حزيران (يونيو) الماضي.
واستمرت حالة التقلبات السعرية جراء حالة الترقب والتخوف حيال تصاعد وتيرة المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط، والتي تعطل استقرار وتوازن سوق النفط.
في هذا الإطار، أبرزت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" تصريحات الملياردير العالمي بيل جيتس لوسائل إعلام عالمية بأن سحب الاستثمارات من الوقود الأحفوري ليس الحل لمكافحة التغير المناخي، مضيفا أنه بدلا من هذا التوجه، فإنه من الأفضل التركيز على التقنيات الحديثة وتطوير منظومة العمل في شركات الطاقة باعتبارها أكثر الطرق فعالية لتقليل انبعاثات الكربون.
وقال تقرير حديث لمنظمة "أوبك" إن سحب الاستثمارات لن يؤدي إلى انخفاض الانبعاثات إلى الصفر، مشيرا إلى دعوة بيل جيتس للمستثمرين على استكشاف أعمال مبتكرة وعالية التقنية وأحدث تكنولوجيا الطاقة لتحقيق نتائج أفضل.
ولفت إلى أهمية إيجاد مشاريع طاقة استثنائية وتوفير تمويل ضخم للشركات فقط عندما تنجح في تخفيض الغازات المسببة للاحتباس الحراري 0.5 في المائة، عندها سيكون ذلك فعليا أفضل وأكثر نجاحا وسيحقق التوازن بين نمو الاستثمارات والحد من الانبعاثات.
ومن المقرر أن تجتمع الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل في نيويورك بحضور قادة العالم لتأكيد دعمهم لتحقيق هذه الأهداف الطموحة، لكن بيل جيتس وبحسب ما نشره في فاينانشيال تايمز يعتقد أنه لا يزال هناك كثير من العمل، الذي يتعين القيام به في هذا المجال.
ونوه التقرير إلى تأكيدات جيتس بأن العالم ليس في مكان قريب من التحسن بسرعة كافية لتحقيق تلك الأهداف المناخية، مشيرا إلى أنه من الظلم أن الأشخاص، الذين يعانون أكثر من غيرهم مثل فقراء المزارعين في العالم - وهم لم يفعلوا شيئا للتسبب في تغير المناخ- ولكن لأنهم يعتمدون على المطر في كسب عيشهم فإنهم في الخطوط الأمامية للتعامل مع أزمات المناخ.
وفيما يتعلق بتوقعات السوق النفطية في المدى القريب، أوضح تقرير "أوبك" أن أساسيات السوق تظل قوية، على الرغم من استمرار التحديات التي تواجه النمو الاقتصادي العالمي، ولا سيما في إطار التوترات المتعلقة بالتجارة، لافتا إلى أن تحالف المنتجين في "أوبك+" أكد مرارا وتكرارا التزامه، الذي لا يتزعزع باتخاذ أي إجراءات ضرورية لتحقيق الاستقرار المستدام لأسواق النفط.
وأشار التقرير إلى التزام المنتجين بمبادئ النزاهة والشفافية والإنصاف حيث بلورت هذه المجموعة من المنتجين رؤية نبيلة وتحولت إلى قوة دائمة من أجل خير الاقتصاد العالمي، وكان لها تأثير إيجابي عميق على صناعة النفط العالمية.
وأضاف، أنه طوال تاريخ تعاون المنتجين واجهوا عديدا من التحديات، وتعلموا عديدا من الدروس على طول الطريق، حيث نجحوا في النجاة من ست دورات اقتصادية في سوق النفط، وعلى الرغم من جميع الارتفاعات والانخفاضات، وبقي المنتجون ملتزمين بالوحدة والشفافية والإنصاف.
وتطرق التقرير إلى نتائج منتدى الطاقة العراقي الخامس في بغداد، مؤكدا أن "أوبك" تقوم منذ تأسيسها قبل قرابة 60 عاما على فكرة أن المصالح المشتركة تفوق أي اختلافات قد تكون لدى الأعضاء، معتبرا أن العمل معا سيؤدي دائما إلى نتائج أكبر من الذهاب بمفردك، لأن الوحدة مصدر قوة، مشيرا إلى أن هذه الفكرة بقت كمحرك رئيس ثابت طوال تاريخ المنظمة منذ تأسيسها، وهي نتاج التعاون والحوار والتوافق، وقد كان ذلك واضحا في كل نجاح تمتعت به "أوبك" خلال الأعوام الماضية.
وأشار إلى أن منظمة "أوبك" تأسست، وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة ومقاصده، وتم تسجيل معاهدة إنشاء المنظمة في الأمانة العامة للأمم المتحدة في 6 تشرين الثاني (نوفمبر) 1961، وكانت "أوبك" فخورة دائما بصلتها الوثيقة بالأمم المتحدة وبدورها في النظام المتعدد الأطراف.
وشدد التقرير على التزام "أوبك" باستقرار سوق النفط بشكل مستدام، مشيرا إلى دعم العراق "إعلان التعاون" بقوة، وقد أدت هذه المبادرة الفريدة إلى تكامل "أوبك" مع عشر دول غير أعضاء في المنظمة للعمل معا لتحقيق توازن أكبر في السوق.
ونوه التقرير بنجاح الاجتماع الـ16 للجنة المراقبة الوزارية المشتركة في أبوظبي برئاسة الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة، حيث كان الاجتماع مثمرا للغاية، حيث قدمت جميع الدول المشاركة تأكيدات ثابتة على تصميمها على تحقيق التوافق التام على تعديلات الإنتاج الطوعية.
وأفاد التقرير بأن ميثاق التعاون يوفر وثيقة تمثل إطارا مؤسسيا طويل الأجل للتعاون بين "أوبك" وشركائها من الخارج، ما يسهل الحوار بين أصحاب المصلحة لمصلحة المنتجين والمستهلكين والاقتصاد العالمي.
ونقل التقرير عن الأمين العام محمد باركيندو أن بعضا يروج لفكرة مغلوطة عن الانهيار الوشيك للنفط بالحديث عن ذروة الطلب، وأن الإمدادات قد تكون على وشك انخفاض طويل الأجل.
وأوضح التقرير أن توقعات نهاية النفط أثرت إلى حد كبير على الأسواق المالية، وعلى قرارات الاستثمار، وتسببت في ذعر واضعي السياسات، لافتا إلى أن هذا الأمر يعزز النقطة التي تلعب فيها المشاعر والمضاربات والشائعات أدوارا مهمة كمحركات للسوق، وغالبا ما تسبب قطعا بين الأسعار وأساسيات السوق.
وأضاف أنه بسبب الابتكار التكنولوجي في المقام الأول لم تتحقق فكرة ذروة العرض، كما صاغها بعض الباحثين المعروفين، موضحا أن التاريخ العام لصناعة النفط والغاز استفاد كثيرا من التقدم التكنولوجي وتم بالفعل تطوير تقنيات حديثة لتحديد الموارد الجديدة وزيادة إنتاج كثير من الحقول القائمة بالفعل.
وأفاد التقرير بأن أحد التطورات المذهلة بشكل خاص في هذا العقد الحالي هو تغير مفهوم "ذروة النفط" لافتا إلى أنه في بداية 2010 كانت تقارير ذروة العرض موجودة في كل مكان تقريبا، ومع ذلك نحن على وشك الانتهاء من العقد، الذي تحول فيه هذا "القلق" المزعوم إلى مخاوف بشأن "ذروة الطلب".
وذكر التقرير أن بعضا يروج لانخفاضات حاد في الطلب النفطي ويروج لهذا الأمر دعاة الطاقة المتجددة و"لوبي" السيارات الكهربائية، الذين يدافعون عن فكرة أن الهيدروكربونات على وشك الاستعاضة عنها بأشكال الطاقة المتجددة.
ودعا التقرير جميع أصحاب المصلحة في صناعة النفط، خاصة مجتمع الاستثمار وصانعي السياسات إلى البعد عن ردود الفعل المفرطة، سواء الصعودية أو الهابطة وبدلا من ذلك – بحسب رؤية باركيندو - يجب النظر إلى الحقائق والتركيز على الأساسيات في الأجلين القصير والطويل، مؤكدا أن مستقبل الصناعة مشرق.
وأشار إلى أن توقعات النفط العالمية على المدى الطويل – بحسب تقديرات "أوبك" - ترجح نمو الطلب العالمي بشكل كبير في المستقبل ليسجل نحو 112 مليون برميل يوميا بحلول عام 2040، وسيكون هذا مدفوعا في المقام الأول بالبلدان النامية والطبقة الوسطى المتوسعة، وقفزات النمو السكاني والإمكانات الاقتصادية القوية.
ولفت إلى عدم دقة الفكرة القائلة بأن السيارات الكهربائية على وشك الحلول محل المركبات التقليدية، لأنه، وفقا لـ"أوبك"، فإن حصة "الكهربائية" لا تتجاوز 1.3 في المائة من إجمالي مبيعات السيارات الجديدة حول العالم، رغم أن معدل المبيعات الجديدة للسيارات الكهربائية مرتفع جدا.
ويرى التقرير أن صناعة النفط ستستفيد كثيرا من الابتكار التكنولوجي، خاصة تحسينات كفاءة استخدام الطاقة ومعايير كفاءة استهلاك الوقود وجمع الكربون وتخزينه وهي توفر طرقا واعدة للتوفيق بين تنمية الاستثمارات في الطاقة التقليدية والحد من المخاطر البيئية.
وأشار إلى أنه لسوء الحظ لا يزال فقر الطاقة آفة عصرنا، حيث يقل إجمالي عدد الأشخاص، الذين يحصلون على الكهرباء عن مليار شخص فيما لا يزال ثلاثة مليارات شخص يفتقرون إلى إمكانية الحصول على الوقود النظيف للطهي، وعلينا أن نسعى جاهدين من أجل عالم أكثر شمولية، حيث يمكن لكل شخص الوصول إلى الطاقة.
وكانت أسعار النفط قد تراجعت في ختام الأسبوع الماضي بفعل تجدد المخاوف بشأن حرب التجارة الأمريكية - الصينية، لكن العقود الآجلة حققت مكاسب أسبوعية، مع تسجيل برنت أكبر زيادة أسبوعية له منذ كانون الثاني (يناير).
وبحسب "رويترز"، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 12 سنتا ليتحدد سعر التسوية عند 64.28 دولار للبرميل، في حين أغلق الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط منخفضا أربعة سنتات إلى 58.09 دولار للبرميل.
وقلصت الأسعار مكاسبها جنبا إلى جنب مع أسواق الأسهم والحبوب بعد أن ألغى مسؤولون زراعيون صينيون كان من المقرر أن يزوروا ولايات زراعية أمريكية الأسبوع الراهن إلى مونتانا ونبراسكا للعودة إلى الصين قبل الموعد المقرر.
ويتزامن هذا الإلغاء مع محادثات تجارة في واشنطن، في حين يؤكد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أنه يريد اتفاق تجارة كاملا مع بكين، وليس مجرد اتفاق على شراء الصين مزيدا من السلع الزراعية الأمريكية.
وقفزت سوق النفط بنحو 20 في المائة الإثنين الماضي كرد فعل على هجوم 14 أيلول (سبتمبر)، والذي قلص الإنتاج السعودي بمقدار النصف والإمدادات العالمية بنحو 5 في المائة، لكن الأسعار تخلت عن معظم تلك المكاسب لاحقا بفعل تطمينات سعودية بأنها ستستعيد الإنتاج المفقود بنهاية الشهر الحالي.
وكشفت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في تقريرها الأسبوعي، عن استقرار الإنتاج الأمريكي من الخام عند 12.400 مليون برميل يوميا خلال الأسبوع الماضي، وهو المستوى نفسه في الأسبوع السابق له.
فيما صعد إجمالي الواردات النفطية بمقدار 326 ألف برميل يوميا خلال الأسبوع الماضي ليصل إلى 7.05 مليون برميل يوميا.
في حين تراجعت صادرات النفط الأمريكية بمقدار 120 ألف برميل يوميا خلال الأسبوع الماضي، لتصل إلى 3.17 مليون برميل يوميا.
وارتفع صافي واردات النفط في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي إلى 3.87 مليون برميل يوميا، مقابل 3.43 مليون برميل يوميا خلال الأسبوع السابق له.
وفيما يتعلق بالمخزونات النفطية، فقد ارتفعت بمقدار 1.1 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي بعكس توقعات المحللين، كما زادت مخزونات البنزين.