ماذا تفعل زينبيات الحوثي في منزل محسن الأحمر؟
منذ أن أطلت بوجهها القبيح، عُرِف عن المليشيات الحوثية الانقلابية أنّها لا تكترث بالأعراف والمواثيق الدولية، وانتهاكها للحقوق التي أقرّتها الإنسانية قبل أي شيء، وتمادت في هذا الغيّ دون أن يردعها لا القانون ولا المخوُّلون بمعاقبة منتهكيه.
في رصدٍ للجرائم الحوثية في هذا الإطار، أكّد تقرير فريق الخبراء الدوليين البارزين أنّ مليشيا الحوثي سعت للتغطية على جرائم اختطاف وإخفاء عشرات النساء، باتهامات تتعلق بالشرف، ووجهت مثل هذه الاتهامات ضد النساء كوسيلة لإضفاء الشرعية على الاحتجاز.
كشف الفريق أنّ ما يزيد عن 300 امرأة تعرضن للعنف والترهيب من قبل الحوثيين، وأكّد أنَّ هذه الممارسات ترقى إلى جرائم حرب، يتحمل فيها مرتكبوها المسؤولية الجنائية عن الاختطاف.
التقرير قال: "في العامين الأخيرين، اتهمت النساء بالدعارة والاختلاط والفجور في صنعاء، واستخدمت سلطات الأمر الواقع مثل هذه التهديدات والمضايقات عند قمع المظاهرات العامة التي تضمّ نساءً، ووجهت مثل هذه الاتهامات ضد النساء كوسيلة لإضفاء الشرعية على الاحتجاز التعسفي للنساء والفتيات".
وأشار إلى استخدام الحوثيين للقوة المفرطة ضد التجمعات النسائية السلمية، ومنها الاحتجاجات التي قادتها نساء "المؤتمر الشعبي العام" في ديسمبر 2017 ومارس 2018 وقمعتها بعنف قوات الأمن النسائية التابعة للحوثيين، أو من يشار إليهن باسم "الزينبيات".
التشكيلات النسائية الحوثية ظهرت في هذه الأحداث، وقدر عدد منسوبات هذه التشكيلات (الزينبيات) بأكثر من 4000 امرأة، بالإضافة لوجود تشكيلات حوثية نسائية أخرى تحت مسميات أخرى.
وتحدث التقرير عن اعتقال عشرات النساء في صنعاء والزج بهن في السجون، وأورد شاهدات بعضهن تذكّرن الاعتداء اللفظي الذي مارسته "الزينبيات" عليهن، حيث استخدمن لغة هجومية وتهديدات بالاغتصاب.
ولفت إلى قيام رجال حوثيين بالتحقيق واستجواب النساء بشكل فردي في غرف منفصلة.
وقال التقرير إنّ مليشيا الحوثي احتجزت الكثير من فتيات وناشطات "المؤتمر" منهن 130 امرأة وفتاة تمّ احتجازهن لعدة أشهر في مرفق احتجاز غير رسمي في قبو منزل علي محسن الأحمر السابق (الذي حوله الحوثيون إلى مكان احتجاز).
وكان محسن الأحمر قد فرّ منزله بصنعاء بعد اقتحام الحوثيين لها في 2014، متنكّرًا في زي حرم سفير، على الرغم من أنّ القوات التي كان يديرها كان بإمكانها مقارعة عناصر المليشيات الانقلابية.
وأضاف: "في مرفق الاحتجاز هذا، تمّ فصل المنتسبات للمؤتمر الشعبي العام عن الأخريات وتم التعامل معهن بشكل مختلف، قيل لهن إنّ الإيديولوجية الخاصة بهن معيبة وتم إخضاعهن لسماع محاضرات مؤيدة للحوثيين وأخرى دينية، كما قالت لهن الحارسات إنهن لسن بشراً بعد الآن وتم قص شعرهن. وتعرضت امرأة واحدة من النساء على الأقل إلى العري القسري".
وأوضح التقرير أنّ المرأة نفسها التي تعرضت للعري القسري وصفت لفريق الخبراء كيفية تعرضها للاغتصاب في مناسبات متعددة من قبل رجال حوثيين مختلفين.
مهمة "الزينبيات" تتمثّل في الدخول في علاقات من الناشطين لاستدراجهم ومعرفة توجهاتهم واستقطابهم أو استدراجهم إلى أفعال مشينة لابتزازهم للتعاون مع المليشيات، باستخدام تقنيات حديثة في التصوير والتسجيل.
وانتشر مؤخرًا مقطع فيديو، ظهرت فيه إحدى المجندات تقول إنّها كانت تعمل مع المليشيات الحوثية، وكشفت أنّ عشرات الحسابات على منصات التواصل الاجتماعي، بأسماء فتيات ينتمين إلى مليشيا الحوثي، ويتقاضين رواتب مقابل هذه الأعمال التي يقمن بها.
وكانت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية قد ذكرت أنّ المليشيات الحوثية تواصل استحداث أجهزة أمنية وعسكرية على أساس طائفي من أجل التنكيل بخصومها في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وأوضحت الصحيفة أنّه من بين تلك الأجهزة جهاز أمني نسائي، يطلق عليه "كتائب الزينبيات" وهي عبارة عن كتائب نسائية مدربة تدريبات عالية لتنفيذ الاقتحامات والاعتقالات، وكذلك فض المظاهرات والوقفات الاحتجاجية وتنفيذ العديد من المهام الخاصة كالتجسس والإيقاع بالخصوم.
ولفتت إلى أنَّ هذه الكتائب ليست رسمية بل هي مليشيات نسائية مدربة لتنفيذ عمليات خارج القانون، كما أنه جهاز هلامي من الصعب تتبع قياداته أو معرفة هيكله، وأشارت إلى أنَّ الكتائب مكونة من مجاميع نسائية يتمتعن بولاء مطلق لمليشيا الحوثي وفكرها، كما يتم قيادة تلك المجاميع من نساء يجرى اختيارهن على أسس سلالية.
هذه المجاميع - بحسب الصحيفة - مكلفة بقمع التظاهرات والاحتجاجات النسائية وكذلك ملاحقة اليمنيات في صالات الأعراس واقتحام المنازل، ويقمن كذلك بزيارات للمدارس الحكومية والأهلية وبخاصةً مدارس البنات والأطفال، وينظمن دورات ومحاضرات طائفية تحث على القتال.
واختار الحوثيون، هذه التسمية لمليشياتها النسائية "الزينبيات" ضمن مساعيها لاستخدام الرموز الإسلامية واجهة لمشروعها الطائفي والسياسي، فهي تريد أن تنسبهن إلى زينب بنت الحسين التي كانت رفقة والدها في كربلاء.
ومن بين المهام، التي أوكلها الحوثيون لـ"الزينبيات"، اقتحام المنازل وإثارة الرعب والخوف بقلوب الأسر والقيام بعمليات تفتيش ومصادرة الهواتف النسائية.
وخلال عدة احتجاجات نسوية شهدتها صنعاء، قمعت فرق "الزينبيات" المظاهرات برفقة أطقم وعناصر من المليشيات، واعتدت على المشاركات، واعتقلت عدداً منهن، وتعدّى الأمر لاختطاف مئات منهن؛ حيث اختطفت المليشيات في يوم واحد فقط، بحسب حقوقيين وناشطين، أكثر من 200 امرأة، وأخفت 50 منهن، بعد خروجهن للمطالبة بتسليم جثة الرئيس السابق علي عبد الله صالح عقب مقتله على يد الميليشيات بأيام.
وسعت المليشيات من خلال إنشائها قوة ناعمة، ينحدر معظم عضواتها من الأسر التي تنتمي إلى السلالة الحوثية ليستغلها الانقلابيون لتحقيق أهداف عدة، منها كما يرى مراقبون، تعزيز صفوفهم بجبهات القتال، خصوصاً بعد تلقيهم ضربات موجعة، خسرت على إثرها أعداداً كبيرة من مليشياتها، فيما يراها آخرون أنّها محاولة فاشلة من قبل المليشيات لإثارة غيرة القبائل الموالية لها واستعطافها لحشد مزيد من رجالها للقتال بصفوفها.
عدد الزينبيات وصل إلى أكثر من أربعة آلاف امرأة، تلقين تدريباتهن بدورات عسكرية على أيدي خبراء وخبيرات من إيران ولبنان والعراق في صعدة وصنعاء وذمار وعمران.