الجوع المفخخ.. مليشياتٌ وحكومةٌ تكالبتا على بطون اليمنيين
"الشعب الأكثر جوعًا".. صدراة مفزعة لوضع بائع يعيشه ملايين اليمنيين على مدار سنوات الحرب العبثية، وضعٌ مروّعٌ تتقاسم مسؤوليته المليشيات الحوثية وحكومة الشرعية على حد سواء.
اليمن حلّ في صدارة دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأكثر جوعًا، بحسب مؤشر الجوع العالمي للعام الحالي، الذي أعلنته منظمة "إغاثة جوعى العالم" الألمانية، والتي قالت بدورها إنّ عدد الجوعى يتصاعد بشكلٍ مقلق.
وتعتمد إحصائيات المؤشر وتصنيفاته، بشكلٍ أساسي على أربعة معايير لقياس مستوى الجوع، تتمثل في حساب عدد السكان الذين يعانون من نقص التغذية، كما يتم التقييم عبر إحصاء النسبة المئوية للأطفال الذين يعانون من الهزال والتقزم دون سن الخامسة، إلى جانب نسبة وفيات الأطفال الذين يموتون نتيجة الجوع قبل سن الخامسة.
ويتيح مؤشر الجوع العالمي "GHI" الإمكانية لمقارنة مستويات الجوع بين البلدان والمناطق، ويسعى إلى لفت الانتباه إلى المناطق التي ترتفع فيها مستويات الجوع، حيث الحاجة إلى بذل جهود إضافية من أجل القضاء على الجوع.
الوضع البشع الذي يعيشه ملايين اليمنيين على مدار سنوات، يتقاسم مسؤوليته الحوثيون وحكومة الشرعية، فالمليشيات الموالية لإيران ارتكبت كافة صنوف الجرائم والانتهاكات التي لم تسلم منها أي فئة، من قصف للمستشفيات وسرقة للمساعدات ووقف للمرتبات ونشر للأمراض، وغيرها من الجرائم العديدة التي ارتكبها الانقلابيون.
في الوقت نفسه، شاركت حكومة الشرعية في الجُرم بشكل مروِّع، بعدما تركت نفسها لاختراق حزب الإصلاح الإخواني، الذي فرض أجندته وإرهابه على تحركاتها.
أبرز خطايا "الإصلاح" كان تسيير الشرعية في طريق خيانة التحالف العربي، عندما تحالف الحزب النافذ في الحكومة مع المليشيات الحوثية، وسلّمها جبهات استراتيجية وجمّد القتال في جبهات أخرى، ما كبّد التحالف العربي عواقب وخيمة تمثّلت أبرزها في تأخير الحسم العسكري في مواجهة المليشيات الموالية لإيران.
لم يكتفِ "الإصلاح" بهذا الغدر وهذه الخيانة، بل حرّف بوصلة الحرب وشوّه مسارها، وخلت أجندته واهتماماته من العمل على استعادة صنعاء من قبضة الحوثي، بل أصبح الشغل الشاغل لحكومة الشرعية هو العمل على احتلال العاصمة عدن وإحداث فوضى عارمة في الجنوب ونهب مقدراته تمهيدًا للسيطرة عليه.
اقتصاديًّا أيضًا، لم تُفلِح حكومة الشرعية في انتشال ملايين المدنيين من الحالة المعيشية الصعبة الناجمة عن الحرب الحوثية، وركّز وزراؤها والعناصر القيادية في هيكلها الإداري على تكوين ثروات كبيرة.
وعلى الرغم من كثرة القرارات الاقتصادية على مدى السنوات الماضية، إلا أنَّ هذه القرارات والتعيينات الجديدة لم تنعكس بشكل إيجابي على حياة المواطنين، لتتواصل مؤشرات الانهيار الاقتصادي والتردي المعيشي.
قادت هذه الجرائم عديدة الأوجه، إلى حياة بائسة يحياها الملايين في ظل الانتهاكات الحوثية - الإخوانية التي بات التصدي لها لزامًا وعلى وجه السرعة قبل أن يفوت الأوان.
ومؤخرًا،كشفت إحصائيات صادرة عن الأمم المتحدة عن حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة التي صنفتها الأسوأ عالمياً، حيث يواجه اليمن أكبر أزمة أمن غذائي في العالم، ويعيش حوالى 20 مليون شخص في ظل انعدام الأمن الغذائي ويكافحون لإطعام أنفسهم غير متأكدين من أين سيحصلون على وجبتهم التالية.
ومن بين هؤلاء، يعيش حوالى 10 ملايين شخص 70٪ منهم أطفال ونساء يعانون من انعدام شديد للأمن الغذائي أي على بعد خطوة من المجاعة، بحسب الأرقام الأممية.
وأشارت نتائج التقييم الطارى للأمن الغذائي والتغذية إلى تجاوز مؤشر سوء التغذية الحاد (الهزل) في محافظات الحديدة وحضرموت وحجة وأبين عتبة 25٪ حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية، بينما بلغ سوء التغذية المزمن (التقزم) مستويات حرجة تجاوزت 60٪ في 14 محافظة من أصل 22 محافظة.
وكذلك، كشفت وثيقة الاحتياجات الإنسانية التي أعدتها المنسقية الإنسانية للأمم المتحدة "أوتشا" أنّ نحو مليوني طفل و1,5 مليون امرأة حامل أو مرضعة يعانون من سوء التغذية الحاد، كما تواجه حاليًّا 127 مديرية من أصل 333 مديريةً مخاطر متزايدة بالانزلاق إلى المجاعة تصل إلى أكثر من 60٪ من عدد السكان.
ومع ارتفاع سوء التغذية الحاد، تزداد مخاطر تعرض الأطفال للوفاة، كما يؤثر ذلك سلباً على نمو الأطفال وقدراتهم العقلية وبالتالي يسبب انخفاض إنتاجيتهم عند دخولهم سوق العمل في المستقبل، ولذلك بات سوء التغذية خطرًا محدقًا بحياة الأطفال اليمنيين.
وتكشف تقارير أممية أيضًا، أنّ ثلاثة من كل خمسة أطفال بعمر يتراوح بين 5 إلى 69 شهرًا سيعانون من سوء التغذية الحاد في العام الجاري، بينما 2,5 مليون امرأة حامل ومرضعة ومسؤولات عن رعاية أطفال دون الثانية من العمر يحتجن إلى استشارات ونصائح حول أساليب الطعام وتغذية المواليد وصغار السن بعمر يوم إلى 23 شهرًا.
كما أنّ هناك 1,8 مليون طفل دون الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد "المعتدل"، و500 ألف طفل دون الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد "الوخيم"، و1,5 مليون طفل دون الثانية من العمر يحتاجون إلى مكملات غذائية دقيقة، كما أنَّ عشرة ملايين امرأة مرضعة وحامل يعانين من سوء التغذية الحاد و5 ملايين طفل دون سن الخامسة بحاجة إلى مكملات فيتامين (أ).
في الوقت نفسه، كشفت منظمة الصحة العالمية أنّ سوء التغذية الحاد الكلي يكون مقبولاً عند أقل من 5٪ وضعيفًا، دون نسبة 10٪ وطارئًا عند أكثر من 15٪.