النفط يشهد على جريمة الحوثي الكاملة.. ذبحٌ ثم متاجرة
"اختلاق الأزمات".. سلاحٌ بشعٌ أشهرته المليشيات الحوثية في وجه السكان في المناطق الخاضعة لسيطرتها، مستهدفةً من وراء ذلك تكبيد المدنيين أعباءً إنسانية فادحة، تضمن لهم مزيدًا من السيطرة على الأوضاع وإطالة أمد الحرب.
ويعتبر النفط أحد أهم الأزمات التي تختلقها المليشيات، فعلى مدار الأسابيع السبعة الأخيرة، اختلق الحوثيون ثلاث أزمات غير مسبوقة في هذا المجال، ما كبّد السكان آثارًا شديدة الفداحة والبشاعة، لتنضم إلى سلسلة المآسي في مناطق سيطرة الحوثي.
وتفرض المليشيات الحوثية سيطرة مُحكمة على آليات سوق النفط وآليات استيراد المشتقات النفطية، مع سحب كميات الديزل والبترول إلى جانب الغاز المنزلي من المحطات الرسمية، وبيعها بأسعار مضاعفة في السوق السوداء التي تشكل أحد أهم مصادر تمويل مجهودها الحربي وثراء القيادات والمشرفين التابعين لها.
وتسببت هذه الممارسات الحوثية في ارتفاع كبير في أسعار المواد الأساسية والغذائية وأجور النقل والمواصلات، وسرعان ما يتحول اختلاق الأزمة إلى مبرر جديد لرفع أسعار المحروقات وبيعها في السوق السوداء بأسعار باهظة، ثم تُكمل المليشيات جريمتها بأن تتاجر بهذه الأزمات أمام المجتمع الدولي، في محاولة واهية لتصوِّر نفسها بأنها الضحية.
وكشف شهود عيان أنَّ صنعاء وبقية المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين تشهد حاليًّا أسوأ أزمة مشتقات نفطية مُفتعلة، حيث يصطف السكان في طوابير طويلة تمتد مئات الأمتار أمام محطات الوقود منذ نحو أسبوع أملًا بالحصول على كمية قليلة من البنزين.
في المقابل، ترفض المليشيات فتح المحطات وتوجه المستهلكين إلى السوق السوداء حيث توفر كميات كبيرة منه بأسعار تصل إلى 25 ألف ريال لكل 20 لتر بدلًا عن سبعة آلاف ريال.
ويمكن القول إنّ المليشيات الحوثية خصّصت في الفترة الأخيرة، الكثير من أوجه إرهابها المميت على صعيد أزمات الوقود المفتعلة، مستهدفةً خلق حياة بائسة يدفع ثمنها مئات آلاف القاطنين في مناطق سيطرة الانقلابيين.
المليشيات "الموالية لإيران" أقدمت مؤخرًا، على إغلاق أغلب المحطات الخاصة بالتزود بالوقود، وفرضت تدابير من شأنها زيادة معاناة السكان، حيث خصَّصت محطات بعينها يملكها قادة حوثيون لبيع الوقود، كما عملت على تحديد كميات بعينها كل ستة أيام لملاك السيارات والحافلات، وشوهدت طوابير السيارات في مختلف المناطق الخاضعة للحوثيين، وكثف قادة المليشيات من تحركاتهم في أروقة المنظمات الدولية والأممية على المستويين المحلي والداخلي لاستثمار الأزمة الإنسانية.
وعمدت المليشيات كذلك إلى تعطيل شركة النفط واستغلالها لتحقيق مصالح خاصة بأشراف خماسي ويوزع وارداتها ويستغلها عضو ما يسمى المجلس السياسي محمد علي الحوثي، ورئيس الاستخبارات أبوعلي الحاكم، ووزير الداخلية والنفط والمعادن في حكومة الانقلابيين "غير المعترف بها" عبد الكريم الحوثي أحمد دارس، بالإضافة إلى القيادي زكريا الشامي.
كما تعمل المليشيات على استغلال الموانئ لتعطيل مصالح الشركة وتحويل الفوائد لمصالحهم الشخصية، من خلال عمل سوق سوداء تدر الكثير من الأرباح لصالح الحوثيين، بل وصل الأمر إلى استغلال ناقلات النفط في نقل الأسلحة والصواريخ والطائرات المسيرة والمخدرات.
لم يكتفِ الخماسي الحوثي بنهب النفط الذي كان يكفي لو تمّ تسخيره للصالح العام لسداد رواتب كافة الموظفين الذين تعطلت رواتبهم منذ ثلاث سنوات، بل عمدوا كذلك إلى رفع أسعار الديزل بشكل كبير وصل إلى نحو ثلاثة أضعاف السعر السابق.
وتتلاعب المليشيات الحوثية بالمشتقات النفطية بعد تمكنها من السيطرة على مفاصل شركة النفط في صنعاء وتعيين قيادات محسوبة عليها في الفروع والمنشآت الحساسة، حيث عيّنت مديرًا تنفيذيًّا محسوبًا على المليشيات في خطوة تهدف إلى السيطرة على كافة قرارات الشركة لتلجأ بعد ذلك لفتح أكثر من 20 شركة محلية للخدمات النفطية وإعطاء هذه الشركات صلاحيات متكاملة لاستيراد النفط، وتم تعطيل مهام شركة النفط، وسحب امتيازها.
وفي الوقت الذي تضاعف فيه المليشيات معاناة المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، فقد ضاعف الحوثيون أرباحهم اليومية من تجارة المشتقات النفطية عبر السوق السوداء.
مصدر في شركة النفط بصنعاء أبلغ "المشهد العربي"، أنَّ مافيا تجارة المشتقات النفطية التابعة لمليشيا الحوثي، تحصل يوميًّا على 1,5 مليار ريال كأرباح يومية من المشتقات النفطية في الأيام العادية، مشيرًا إلى تضاعف هذا المبلغ خلال فترات أزمة اختفاء المشتقات النفطية التي تفتعلها بين حين وآخر.
وأضاف أنَّ شركة النفط تزود بعض المحطات بقاطرة بنزين كل يومين لبيعها على السيارات التي تقف في طوابير طويلة، مقابل تصريف قاطرتين أخريين في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، في حين تحرم بقية المحطات من تزويدها بأي كمية، وتظل تنتظر دورها في التموين لأكثر من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
ومنذ بداية الحرب التي أشعلتها المليشيات في صيف 2014، كان الوقود والغاز المنزلي التجارة المربحة لقيادات الحوثي، من خلال أسواق سوداء تبيع بمبالغ مضاعفة عن تلك المقررة في المناطق المحررة، وتفاقمت معاناة سكان هم في الأصل محرومون من مرتباتهم منذ سنوات.
وتسبّب إقدام المليشيات على إنقاص كميات الوقود من الأسواق في شللٍ حاد يُصيب مناطق سيطرة الحوثي، فيما سجَّلت أسعار السلع الأساسية ارتفاعًا كبيرًا جرَّاء ارتفاع أجور النقل بين المحافظات.