نهاية لصوص الحظيرة
عادل المدوري
قصة حقيقية عشنا فصول مأساتها الرهيبة، ومراحل النكبة بأدق تفاصيلها، على أيدي شِلَّة من اللصوص، مختلفون في المذاهب والمشارب، لكن جميعهم وبلا استثناء أجمعوا على تكديسنا قهراً في الحظيرة، حتى وإن كانت هذه الحظيرة محدثة وقد تهالكت بعدما نهبوها ودمروها طوال عقود من الزمن، واستقطعت منها مناطق ومناحي ميليشيات غاصبة تتشارك معها شِلَّة الحرامية في الخفاء، شِلَّة اللصوص لا يتوانون ولو للحظة واحدة بالدفاع عن سلطتهم باستماتة ضد كل من يريد تحريرها منهم ويريد العيش لسكانها بسلام، حتى أحياناً يخيل لك أنهم فعلا يدافعون عن النظام والسيادة، وقد تحققت كافة المصالح، ولبيت كامل الحاجات، وتوفرت سبل العيش الرغيد المؤطر بالترفيه والسعادة والتطور والازدهار للسكان.
تحاول إدارة الحظيرة وشلة اللصوص تزييف شعارات وخطابات إعلامية عكس الواقع تماماً، يكذبون ويعلمون أنهم يكذبون ويعلمون أننا نعلم أنهم يكذبون ومع ذلك يكذبون بأعلى صوت، كما قال نجيب محفوظ، يبتكرون خدعا جديدة ويدفعون بحاملي المباخر لترويج أخبار.
إن الحظيرة سيتم أقلمتها تحت شعار حظيرة اتحادية جديدة، عبر ورش غوغائية في مطاعم الرومنسية واستراحات الكشتة، يتظاهرون أنهم حريصون على استغلال الثروات والموارد والمقدرات، وكأنهم فعلا قد قدموا خلال العقود الماضية الخدمات للسكان، وتوفرت المستشفيات المتكاملة، يعالجون المرضى مع كامل الرعاية الصحية، وليسوا بحاجة لترحيلهم إلى مصر والأردن وأماكن أخرى أقل دخلا منا لعلاج كسور العظام والجراحة، وتوفر التعليم المحترم وتعتمد شهادات المتخرجين في الجوار على الأقل، وليس بعيداً عن محيطنا الإقليمي، وتوفر السكن الملائم الذي يحفظ الكرامة الإنسانية، وتوفرت وسائل النقل الآمنة والمريحة، الجوية والبرية والبحرية، بدلا من الطائرات الرَجَّاجة والمبنشرة والمشتراة من شركات بيع السكراب، والشوارع التي تبقى منها خمسون سنتيمترا مليئة بالحفر العميقة.
لا يبالي لصوص الحظيرة بحياة السكان ومعيشتهم، وهمهم فقط الدفاع عن الكنانة التي تحمي مصالحهم وثرواتهم، ويخيطون المؤامرات ويوزعون الفتات على المطبلين، لا يستحون ولا يخافون من الله، ينهبون ويسرقون ويمارسون أسوأ أساليب الظلم والاستبداد والعنصرية والحرمان، ومع ذلك يطالبون ويشددون على استمرار بقاء هذه الحظيرة، رغم استحالة بقائها، وتراكم الأزمات المرحلة منذ عقود، فقد تحولت حياة السكان إلى جحيم لا يطاق، فطوال العقود الماضية عجزت شِلَّة اللصوص عن توفير أتفه الأشياء للسكان مثل البنية التحتية، حيث كبرى المدن ماتزال في الظلام الدامس، والكهرباء من أبسط المطالب ومتوفرة حتى في أدغال أفريقيا، بالإضافة إلى قنوات تصريف المياه، ومع هطول الأمطار تتحول المدن إلى بحيرات كبيرة كافية لالتهام الجميع.
إذن على لصوص الحظيرة أن يدركوا أن اللعبة انتهت (Game Over)، وما بعد توقيع اتفاق الرياض ليس كما قبله، كفاية مهانة نقول لهم باي باي، اليوم سقطت سلتطهم إلى الأبد، ولا بد أن يرجع حقنا المسلوب، وعليهم أن يرحلوا بأموالهم وما نهبوه في السنين الخوالي إلى أي منفى يختاروه، ويتركونا نعيش ونرتب حياتنا كيفما نشاء، فلا أحد معهم ولا أحد يدافع عن نظامهم، فطالما كان نظامهم متخلياً عن أبسط الواجبات تجاهنا، فنحن قد قررنا التخلي عنهم منذ بداية عهدهم، قررنا نبني مستقبلنا الخاص ونظامنا الذي سيكون بكل تأكيد مختلفا تماما عما عشناه شكلاً ومضموناً، نظام وقانون ينظم الجميع ويتولى شؤوننا، وعيوننا نحو التقدم والبناء والازدهار وتحسين المستوى المعيشي للسكان في دولة لها هيبة ومواطن له كرامة.