المليشيات تُهرِّب عناصرها للخارج.. حيلة خبيثة لغسل السُمعة القبيحة
في الوقت الذي يرتكب فيه الحوثيون صنوفًا عديدة من الانتهاكات والجرائم التي فُضِح أمرها أمام المجتمع الدولي، فقد عملت المليشيات على محاولة غسل سُمعتها أمام الرأي العام العالمي.
المليشيات لجأت إلى حيلة خبيثة من أجل تحقيق هذا الهدف، وذلك من خلال إصدار جوازات وتقارير طبية مزورة لأشخاص من أتباعهم بأسماء مستعارة.
مصادر مطلعة قالت إنّ هذه الخطة الحوثية تهدف إلى تسهيل المهام الخارجية للمليشيات، بالإضافة إلى التضليل والتدليس من أجل سفر العناصر الحوثية عبر مطار صنعاء إلى الخارج للقيام بمهام مناطة بهم تم تكليفهم بها من قبل القيادات الحوثية، أبرزها تحسين سمعته أمام الرأي العالمي.
وأضافت أنّ المليشيات لجأت إلى حيلة سفر عناصرها دون حدوث شكوك حولهم ومعرفة أنهم حوثيون وذلك بالتسنيق مع بعض الدول التي تجمعها علاقات بالانقلابيين، موضحةً أنّ الجوازات تصدر بأسماء مزورة للتمويه، من أجل القيام بأعمال في هذه الدول وفقًا لتنسيق مسبق.
والعناصر التي تسافر يدعي الحوثيون أنّهم من المرضى أو المصابين في الحرب، إلا أنّ الحقيقة عكس ذلك، حيث رتَّب الحوثيون هذه الخدعة بدءًا بنقلهم عبر كراسي متحركة حتى سلم الطائرة والبعض الآخر على عكازات وآخرون تجد الشاش الأبيض يحيط برؤوسهم وأيديهم وأجسامهم كذبا وتدليسا، وكل ذلك من أجل تمريرهم وتهريبهم بهذه الطريقة الخبيثة للخارج.
تشرف وزارة الداخلية في حكومة الحوثيين "غير المعترف بها" على إصدار الجوازات وتزوير الأسماء وذلك منذ قرابة الشهرين، لكنّ التجهيز النهائي كان منذ قرابة عشرة أيام، حيث تم اختيار الأشخاص بالشكل النهائي وتجهيز الجوازات المرتبة لهذه العملية.
ويعود السبب في إرسال هؤلاء الأشخاص للخارج إلى العمل كنشطاء في الخارج لإثارة الرأي العام والعالمي حول التحالف وتحسين سمعة الحوثيين ودعم موقفهم، والتأثير في الإعلام الخارجي، وقد تم تدريبهم على درجة عالية من التدليس والتضليل والكذب، وصناعة المعلومات المغلوطة.
هذه الحيلة الخبيثة تهدف في المقام الأول إلى إخفاء الجرائم التي ارتكبتها المليشيات الحوثية على مدار سنوات الحرب العبثية، التي اعترف بها المجتمع الدولي عبر عدة تقارير، إلا أنّ الأمر ظلّ مقتصرًا على بيانات يُقال إنّها لم تثمر ولا تغني من جوع.
وقبل أيام، أعرب رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة ورئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار الجنرال الهندي أبهيجيت جوها عن بالغ القلق إزاء تصاعد العنف الذي شهدته محافظة الحُديدة والمناطق المحيطة بها في الأيام الماضية.
وقال جوها، في بيان، إنّ القلق يُساوره حيال الخسائر في الأرواح التي أُفيد بوقوعها، والمعاناة بين السكان بسبب هذه الهجمات، مشيرًا إلى أنّها تهدد أيضًا سلامة أعضاء لجنة تنسيق إعادة الانتشار، وهي الجهة المسؤولة عن مراقبة وقف إطلاق النار.
ودعا الجنرال جوها جميع الأطراف للامتناع عن أي عملٍ قد يتعارض مع أحكام وروح اتفاق استكهولم، وعلى تجنب مزيد من تصعيد الموقف، كما حضّ على استخدام آلية التهدئة التي أنشئت بدعم من بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة لحل الخلافات ودعم الجهود المستمرة للحفاظ على وقف إطلاق النار في الحُديدة.
تصريحات الجنرال الأممي التي تتضمَّن إعرابًا عن القلق، أمرٌ لا يثير الاستغراب، وقد اعتادت الأمم المتحدة على ذلك لا سيّما خلال حقبة الأمين العام الراحل بان كي مون، من دون أن تتخذ المنظمة الدولية إجراءات حاسمة على الأرض.
وكثيرًا ما أكّدت الأمم المتحدة أنّ المليشيات الحوثية اقترفت الكثير من الجرائم والانتهاكات، إلا أنَّ المنظمة لم تتخذ أي إجراءات تردع الانقلابيين وتوقف إرهابهم الفتّاك على الأرض.
وقبل أيام، أكَّدت مساعدة السكرتير العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أورسولا مولر تزايد العنف في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، ونبهت إلى زيادة وتيرة العنف بمناطق خاضعة للمليشيات، مشيرةً إلى أنّ هناك نهبًا واحتلالًا لمرافق العاملين بالمنظمات الإنسانية.
ودعت مجلس الأمن الدولي، إلى تحقيق خمس خطوات أساسية لتهيئة الظروف لانهاء الصراع في اليمن، وتشمل احترام القانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين، والوصول الإنساني دون قيود وتمويل خطة الأمم المتحدة الإنسانية ودعم الاقتصاد وتحقيق تقدم نحو الحل السياسي.
تصريحات المسؤولة الأممية تتضمَّن إقرارًا أمميًّا بهول الجرائم التي ترتكبها المليشيات الحوثية، والمأساة المروِّعة التي خلّفتها الحرب العبثية، إلا أنَّ المجتمع الدولي يظل متهمًا بصمته القاتل عن الإرهاب الحوثي الفتّاك الذي تسبّب في أزمة إنسانية غير مسبوقة.
وفي مطلع سبتمبر الماضي، وجَّه مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إدانات لمليشيا الحوثي، بعدما قال إنها ارتكبت انتهاكات تصل إلى جرائم حرب.
وقال تقريرٌ للمجلس، إنّ المليشيات الحوثية قصفت مدنًا واستخدمت أسلوب حرب أشبه بالحصار، على نحو قد يمثل جرائم حرب، مشيرًا كذلك إلى أنّ الحوثيين خطفوا واعتقلوا نساء على مدار العامين الماضيين في اليمن لابتزاز أقاربهن.
كل هذه الجرائم التي أكَّدتها ووثّقتها التقارير الدولية، لم تقابل بإجراءات رادعة من قِبل المجتمع الدولي، لإجبار المليشيات الحوثية على الانخراط في مسار السلام.
وارتكبت المليشيات الحوثية أكثر من 12 ألف خرق لبنود اتفاق السويد الموقع في ديسمبر من العام الماضي، ونُظر إليه بأنّه مرحلة أولى لإحلال السلام في اليمن، إلا أنّ انتهاكات المليشيات أجهضت وأفشلت هذا المسار.