انتفاضة العراق.. إيران تحذر الصدر بطريقة ميليشياوية

الاثنين 9 ديسمبر 2019 16:00:14
testus -US
يبدو أن الانتفاضة العراقية اتخذت منحنى أكثر دموية، حيث باتت إيران تكشر عن أنيابها بطريقة ميليشياوية فوجهت قذيفة هاون أسقطتها طائرة مسيَّرة، فجر السبت الماضي، مباشرة إلى هدفها لتقصف ما يُعرف بـ"الحنانة" أو مقر إقامة رجل الدين البارز مقتدى الصدر في النجف (جنوب غربي بغداد)، فيما يبدو أنه تحذير إيراني على خلفية موقف الأخير من الاحتجاجات التي تشهدها العراق.
لم تحدث القذيفة أي أضرار كبيرة في الممتلكات أو إصابة الزعيم الصدري، أو من المرجح أنها لم ترد ذلك، لعلمها بوجوده في إيران من جهة، ولأن الأمر برمته لم يُرد به أكثر من إيصال رسائل ردا على نزول ما يعرف بـ"أصحاب القبعات الزرقاء" التابعين للتيار الصدري إلى ساحة التحرير وسط بغداد، وحمايتهم المتظاهرين من القتل والقنص.
قذيفة الهاون سقطت عند الجدار الخارجي لمنزل الصدر، في عملية خاطفة دونت عليه بحروف خفية رسائل كثيرة، في مقدمتها أن الأخير أصبح مستهدفا بعد موقفه الأخير، وأن "أصحاب القبعات الزرقاء" وحماية المتظاهرين قد يكلفانه حياته، في إحداثيات تجعل أصابع الاتهام تتجه مباشرة نحو إيران.
أصحاب القبعات الزرقاء هي عناصر مدنية غير مسلحة من "سرايا السلام" التابعة للتيار الصدري، تعمل على حماية المتظاهرين، والتدخل كلما اشتدت المواجهات بينهم وبين قوات الأمن سواء في العاصمة بغداد، وتحديدا في ساحتي التحرير والخلاني، أو بمناطق أخرى.
وسبق أن أعلن الصدر أنه وجه عددا من العناصر غير المسلحة من جماعة "القبعات الزرقاء" إلى ساحة التحرير لحماية المتظاهرين من أي اعتداءات، في قرار يؤكد مراقبون أنه جاء حين استشعر الصدر وجود مكائد تدبر ضد المحتجين لترهيبهم عبر القتل والترويع.
وبناء على ذلك، تم قصف مقر إقامة الصدر في النجف بشكل منظم وغير عفوي، لإجباره على التراجع عن قراره، وإفساح المجال لمليشيات إيران حتى تستكمل مخططاتها بإفراغ الساحات من المتظاهرين.
وبحسب مقاطع الفيديو التي وثقت الهجوم على المحتجين في ساحات بغداد؛ فإن الصدر أحبط بتوجيهه بإنزال أصحاب القبعات الزرقاء لحماية المتظاهرين، مجزرة أكثر دموية من تلك التي حصلت الجمعة الماضي.
ومساء الجمعة، قتل 19 شخصا بينهم 3 من قوات الأمن وأصيب 70 آخرون، جراء إطلاق مسلحين مجهولين النيران قرب ساحة الخلاني وجسر السنك وسط بغداد، وفق مصادر بالشرطة العراقية.
أما بخصوص توقيت قصف منزل الصدر، والذي فضح نفاد صبر إيران من قرار رجل الدين البارز، فكشف بدوره منسوب الغضب والاستفزاز الذي بلغته قيادات طهران، إلى درجة أن ردها جاء فوريا. 
مقابل الارتجال الغارق في التسرع، أظهر الصدر رصانة في التعامل مع قصف مقر إقامته؛ حيث أخذ وقتا في التفكير قبل إعلان الخبر، في موقف يعتبره محللون أن الصدر اتخذه حين تأكد أن التحدي بات سافرا.
الإعلان يعكس أيضا منعطفا حادا في الملف العراقي، ويظهر موقفا حاسما من الصدر تجاه المظاهرات المستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بل استبطن أيضا تلميحا إلى مسؤولية إيران عن تعرّض مقر إقامته للقصف، من خلال تأكيده أن ذلك جاء ردا على قراره حماية المتظاهرين.
وهنا، يبدو أن اللعب بات بأوراق مكشوفة وإن لم يكشف الصدر الأسماء، فيما تظل الاتهامات والتأكيدات الكامنة بين ثنايا تهديدات "سرايا السلام" بأنه سيكون لها رد لا يتوقعه أحد حال ثبوت تورط أي كان، وأي جهة مهما كانت في قصف الحنانة، وهذا يعد خير دليل على أن الأحداث بدأت تتخذ منحى تصعيديا بين الصدر وإيران.
ومنذ انطلاق الاحتجاجات في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، قتل 440 شخصا، معظمهم من المتظاهرين، وأصيب نحو 20 ألفا بجروح، وفقا لتعداد وكالة فرانس برس استنادا إلى مصادر طبية وأخرى من الشرطة.
ويطالب المتظاهرون في العراق، منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول، بإصلاح النظام السياسي وتغيير كامل لطبقتهم الحاكمة التي يعدونها فاسدة ووقف النفوذ الإيراني ببلادهم.