سرقة المساعدات الصحية.. وباء الحوثي الذي يمشي على الأرض
تُمثّل سرقة المساعدات أحد أبشع صنوف الاعتداءات التي تمارسها المليشيات الحوثية من أجل أن تفاقم الأزمة الإنسانية، بعدما بلغت في الأساس حدًا لا يجب السكون أمامه.
جريمة حوثية جديدة وثَّقتها مصادر أممية في محافظة صنعاء، تضمَّنت عمليات نهب منظمة نفّذتها المليشيات الموالية لإيران، للمساعدات الصحية المقدمة من المنظمات الأممية.
وقالت المصادر إنّ وزارة الصحة في حكومة المليشيات غير المعترف بها تحفَّظت على علاجات أساسية ومستلزمات طبية، مقدمة من منظمات أممية، ورفضت توزيعها على المستشفيات والمراكز الصحية بدعوى إخضاعها للفحوصات للتأكد من سلامتها وعدم انتهاء صلاحياتها.
وكشفت المصادر عن تسريب مليشيا الحوثي للمساعدات العلاجية، وبيعها إلى المستشفيات الخاصة من قبل مسؤولي وزارة صحة الحوثي، مقابل مبالغ مالية باهظة.
المصادر تحدّثت كذلك عن عمليات سرقات ونهب واسعة لمخصصات حملات التطعيم الروتيني المدعومة من منظمة الصحة العالمية، في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية.
واستولت قيادات المليشيات على مئات الملايين من الريالات من دعم منظمة الصحة العالمية لحملة التحصين ضد شلل الأطفال في صنعاء، التي انتهت في 25 ديسمبر الجاري.
هذه ليست المرة الأولى التي تتسولى فيها المليشيات على المساعدات الإنسانية، فكثيرًا ما ارتكب هذا الفصيل الإرهابي جرائم في هذا الصدد، إلا أنّ هذه الجرائم لم تُقابل بتدخُّل حاسم من قِبل المجتمع الدولي.
كما تعمل المليشيات الحوثية على التضييق على عمل المنظمات الإغاثية بما يُشكل خطرًا محدقًا على الحالة الإنسانية الفادحة الناجمة عن الحرب القائمة منذ صيف 2014.
وفي وقتٍ سابق، قالت مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ أورسولا مولر إنَّ مليشيا الحوثي لازالت تمنع نصف مشروعات المنظمات في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتنهب الإغاثة، وتمارس العنف ضد موظفي العمل الإنساني في مناطق سيطرتها.
وتحدَّثت أورسولا في إحاطتها إلى مجلس الأمن بشأن الوضع الإنساني في اليمن، عن أنَّ مليشيا الحوثي تمنع تقييم الاحتياجات والرصد، وأجبرت موظفو الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية على الخروج من اليمن، عديد من المرات دون أي سبب.
وأضافت أنَّ مليشيا الحوثي تواصل فرض عدد متزايد من اللوائح التقييدية على العمل الإنساني، مؤكدةً أنَّ قيود المليشيات تعيق بانتظام تقديم المساعدة لملايين السكان، ونهبت إمدادات الإغاثة عديد من المرات واحتلت أماكن العمل الإنساني ما تسبب في تعطيل توصيل المساعدات والخدمات.
وأوضحت أنَّه خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وقعت 60 حادثة منفصلة من الاعتداءات والتخويف والاحتجاز وغير ذلك من أشكال سوء معاملة موظفي المساعدة الإنسانية.
وأشارت المسؤولة الأممية، إلى أنّ المليشيات الحوثية تتدخَّل في العمليات الإنسانية، وتمارس أعمال العنف والمضايقات تجاه العاملين في المجال الإنساني في مناطق سيطرتها، وتحاول التأثير على اختيار المستفيدين أو الشركاء المنفذين، مؤكدةً أنّ وصول المساعدات الإنسانية يشكل تحديا هائلاً في المناطق التي تسيطر عليها المليشيات.
وكانت المليشيات الحوثية قد اتخذت قرارًا في نوفمبر الجاري، تضمَّن فرض إتاوات مالية على المنظمات الدولية العامل، حيث ألزم الحوثيون المنظمات بدفع 60 دولارًا عن كل يوم نزول ميداني لأداء مهامهما الإغاثية والإنسانية في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.
كما فرضت المليشيات 5% من قيمة كل عقد يبرمه وكيل محلي مع تلك المنظمات، مع تنصيب مندوب منهم يشرف على كل مشروع إنساني.
وحظرت المليشيات الحوثية على المنظمات الدولية أي أنشطة إغاثية ميدانية دون تصريح يحدد مدة النزول للعاملين فيها، بجانب دفع المبلغ المقرر عن كل يوم، ويشرف على هذه العمليات القيادي الحوثي القاسم عباس شرف الدين.
كما ألغى الحوثيون قطاع التعاون الدولي في وزارة التخطيط، مع إنشاء مجلس أعلى لإدارة الشؤون الإنسانية يدخل في اختصاصاته التعامل مع المنظمات الناشطة.
التضييق الحوثي على المنظمات الإغاثية الدولية، سواء من خلال استهداف الموظفين العاملين بها أو سرقة المساعدات أو فرض إتاوات على هذه المنظمات؛ بهدف إطالة أمد الأزمة وتكبيد المدنيين مزيدًا من الأعباء الإنسانية.