همس اليراع
فوبيا الإمارات
د. عيدروس النقيب
من يتابع الحملة الشعواء التي يشنها بعض الإخوان المهيمنين على قرار الحكومة الشرعية اليمنية ووسائلهم الإعلامية وكتبتهم المتدربون والمحترفون، ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، وحشر اسمها واسم الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي في كل شاردة وواردة، يتذكر حالة المريض النفسي الذي كان يرى نفسه حبة ذرة ويهرب كلما رأى ديكاً خوفاً من أن يبتلعه، وتقول الحكاية أنه وعندما عرضه أهله على طبيب نفسي جلس معه جلسات مطولة حتى أقنعه بأنه ليس حبَّةَ ذُرَة وإنما هو إنسان بكامل القوى والخصائص والقدرات ولا خطر عليه من الديك أو سواه، وخرج من عيادة الطبيب واثقاً بنفسه مؤمناً بأنه ليس حبة ذُرة، لكنه ما إن اصطدم بأول ديكٍ حتى عاد مرعوباً هارباً إلى عيادة الطبيب ليشكوه الديك الذي كاد أن يلتهمه وعندما سأله الطبيب:
كيف تخاف الديك وقد اقتنعت أنك لست حبَّة ذُرة؟
أجاب: ومن يقنع الديك بهذا؟؟
* * *
يقولون إن الثورة الجنوبية السلمية صنعتها الإمارات، وهم يعلمون أن القضية الجنوبية نشأت منذ العام 1994م وتنامت وازدهرت عندما كانت الإمارات لا تتعامل إلا مع حكومة (حليفهم السابق) الرئيس (حينها) علي عبد الله صالح، ويقولون أن المجلس الانتقالي الجنوبي صنعته الإمارات، وهم يعلمون أن المجلس الانتقالي جاء من ميادين الثورة السلمية ومن رحم المقاومة الجنوبية التي هزمت المشروع الحوثي الإيراني عندما كانوا يتحاورون مع الحوثيين ويبادلونهم الزيارات والمشاعر الودية، وقد قالوا أن الإمارات تدعم الحوثي وطالبوا برحيل اللواء الدفاعي الإماراتي من مأرب بعد ما قدم عشرات الشهداء في مواجهة المشروع الانقلابي الحوثي، وعندما انسحبت القوات الإماراتية انكشفت عورتهم فسلموا صرواح للحوثيين وفشلوا حتى في حماية دور العبادة ومعسكرات الجنود، وقالوا أن الإمارات هي من يمنع تحرير تعز، وعندما هيمنوا على تعز حولوها إلى وكر للعصابات وساحات مواجهة في ما بينهم في عمليات السلب والنهب والسطو المسلح وعصابات الفيد، وقالوا أن دعم القوات الإماراتية لتحرير باب المندب وذوباب والمخا مؤامرة إماراتية، ويضيفون أن القوات التي يقودها القائد في الحرس الجمهوري سابقا نجل شقيق الرئيس السابق في الساحل الغربي تخدم أجندة إماراتية، وأخيرا اتهموا القوات الإماراتية بأنها هي من قصف معسكر الاستقبال في مأرب لقتل جنود قوات الحماية الرئاسية هناك، وهم يعلمون أن هذه القوات كانت في عدن على بعد كيلو مترات قليلة من معسكر قوات التحالف الذي كانت تقوده الإمارات ولو أرادت القوات الإماراتية بهم شرا لما احتاجت إلى نقلهم إلى مأرب، وقد سبق وأن اتهموا الإمارات بأنها تنهب النفط والذهب من حضرموت وتسرق شجرة دم الأخوين من سقطرى . . . وقالوا وقالوا ولم يدعوا شاردةً ولا واردةً مما يمارسونه من مساوئ إلا واتهموا بها الإمارات والقوات الإماراتية.
* * *
لست في مقام الدفاع عن الإمارات أو الترويج لدورها كدولة شقيقة شريكة في التحالف العربي المؤيد للشرعية اليمنية فلديها من يقوم بهذه المهمة، ولا أحتاج للبرهان على دورها الجلي في نصرة الشرعية ودعم المقاومة الجنوبية والمساهمة معها في دحر القوات الانقلابية من محافظات الجنوب في أقل من مائة يوم، لكنني أشفق على هؤلاء مما يعانونه من إفلاس حتى في صناعة التهم الزائفة والأكاذيب السافرة، وتغليفها بمحاولة تقديم الحجة والبرهان، ورهانهم على جمهور من المتابعين يفترضون أنهم مغفلون وسيصدقون ما يقال لهم دونما حاجة إلى التساؤل والتفتيش عن الحجج المقنعة والبحث عن الحقائق القائمة على الأرض.
المرض الذي يعاني منه هؤلاء لا يكمن في الإمارات ولا في أصدقاء الإمارات أو من يحترمون دورها، بل في حالة من الفوبيا التي تتقمصهم عند مجرد ذكر اسم الإمارات أو الحديث عن أدوارها أو علاقاتها أو مكانتها الإقليمية والدولية أو ما حققته من تقدم واستقرار ونهوض في كافة المجالات، ولن يهدأ لهم بال طالما بقيت دولة الإمارات تشق طريقها نحو خطف المزيد من الأرقام القياسية في مستوى الرفاهية والتقدم التعليمي ومستوى الخدمة الطبية وتحقيق الأمن والوصول إلى الفضاء الكوني، بينما يحرصون على بقاء اليمن عند الأرقام القياسية في الفقر والبؤس والفساد والأوبئة وانهيار التعليم وتنامي ظاهرة التسول بمستوييها الفردي والسياسي وغيره وغيره مما تنضح به أوعيتهم المعلنة والخفية.