أخاف أن لا نفيك حتى في الرثاء

محمد النقيب

إن من أكبر الجحود أن يهبك الله الحياة فتنذرها في لحظة فداء لوطن يحجبه عنك قادة وقت النصر وما يليه ويفتحونه لك قبرا يوم الوغى ، والاسوا ان تتاكد في لحظة مرض عضال او نزف جرح مميت ان حياتك باتت لا تعني احد سوى انت والموت .. وهكذا يا منيف مثلك الكثير من الابطال قضوا على سرير المرض الوقت الفاصل بين الحياة والموت في إنتضار إحتمالين ، سفرية علاج الى الخارج يجود بها الرفاق، او اللحاق بالرفيق الاعلى .. رحمة الله تغشاك

يا صديقي ثمَّة موت ضمير يستوطن فجأة من كانوا بالامس قادة امل وحياة وها قد غدا بعضًا منهم ، لقد كتب علينا ان نحيا بموتنا لنعيش حياتهم الميتة، ندفع ثمن ما فسد منهم وما عفن ما انطفأ وهمد ما اوشك على التحلل والتجيف .

منيف حسن عثمان بطل من ابطال المقاومة الجنوبية وجندي في احد اللوية الصاعقة باغته مرض تليف الكبد قبل عام اوصاه الاطباء ان علاجه يتطلب مركز متخصص في زراعة الكبد ولا يتوفر الا بالخارج ، كان وضعه المادي ليس باحسن حال من وضعه الصحي ، كبده ايضا وخلال عام في مشافي عدن لم تسجل اي إستجابة تحسن كذلك قيادته لم تستجيب لتقرير الاطباء ولا لمناشدة زملائه .

مكث منيف للألم يفرز كل يوم كم صار له من حظ الموت وما بقي له من حظ الحياة ، كان صمته يدفع الى الوجود اسئلة صاخبة "كمْ أنا حي وكم أنا ميت.. كم مات مني اليوم والليلة ؟ كم مات منِّي الآن؟ وماذا بقي مني للغد؟

وحتى اخر ايام حياته ظل محتفظا بعزته وشهامته وانفته وشجاعته لكنه فارق الحياة وبقي حي في ذاكرتنا بقدرِ ما واجه الموت داخله وخارجه.

من نحبهم يا منيف لا نستطيع الكتابة عنهم..إننا نخاف من ان لا نفيهم حقهم حتى في الرثاء وما يربطنا بك أعظم من ان يُكتب..وأسمى من ان يُقال

رحمك الله واسكنك فسيح جناته

# محمد النقيب #


مقالات الكاتب