فضائح أهل الشر.. تعميم حوثي بـمغازلة الإخوان
يومًا بعد يوم، يُفتضح أمر التقارب المروّع بين المليشيات الحوثية وحزب الإصلاح الإخواني المخترق لحكومة الشرعية، وهو ما كبّد التحالف العربي تأخُّر حسم الحرب.
ففي دليل جديد على هذا التقارب المروّع، أصدرت المليشيات الحوثية تعميمًا لجميع وسائل التابعة لها وناشطيها على مواقع التواصل الاجتماعي، بتحسين الخطاب الإعلامي تجاه حزب الإصلاح والمليشيات التابعة له.
التعميم الحوثي قضى بعدم تناول حزب الإصلاح في وارد خصوم المليشيات أو المناهضين لسلطاتها، وتركيز الخطاب الإعلامي على الخصوم المشتركين للجانبين، في إشارة إلى الجنوب والتحالف العربي.
التعميم الحوثي جاء كرد فعل مماثل للتوجه الإخواني المتمثل في تخفيف حدة الخطاب في وسائل إعلامه تجاه مليشيا الحوثي.
العلاقات سيئة السمعة بين الحوثيين وحزب الإصلاح تمثل طعنة غادرة من الفصيل الإرهابي المخترق لحكومة الشرعية بالتحالف العربي، على الرغم من الجهود الذي قدّمه التحالف لهذه الحكومة طوال السنوات الماضية.
وفيما حاول حزب الإصلاح فرض إطار من السرية على علاقاته مع الحوثيين، إلا أنّ هذه العلاقات فُضِح أمرها على صعيد واسع طوال الفترة الماضية، لا سيّما في أعقاب توقيع اتفاق الرياض بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الشرعية في الخامس من نوفمبر الماضي.
العلاقات الحوثية الإخوانية تناولت مختلف الأصعدة، فعلى الجانب العسكري أقدم حزب الإصلاح على تسليم الحوثيين مواقع استراتيجية مع تجميد القتال في جبهات أخرى، وقد وصل الأمر إلى حد ابتزاز السعودية عبر تسليم المليشيات الموالية لإيران مواقع حدودية تُهدّد أمنها القومي.
يُضاف إلى ذلك صفقات تبادل الأسرى بين هذين الفصيلين الإرهابيين، التي فضحت حجم التقارب المروِّع فيما بينهما.
وفي الأسابيع الماضية، رفعت المليشيات الإخوانية من وتيرة تنسيقها مع المليشيات الحوثية على الجبهات،
أحدث سبل هذا التنسيق تجلّى في سحب المليشيات الحوثية معظم مقاتليها من جبهات تعز، وعزّزت بهم مواقعها في نهم شرفي صنعاء.
وبموجب الاتفاق بين المليشيات الحوثية وحزب الإصلاح الموقع في صنعاء العام الماضي، قامت مليشيا الحوثي بسحب أغلب مقاتليها من الجبهة الشرقية والشمالية لتعز وعززت بهم مواقعها في جبهة نهم بمحافظة صنعاء.
ومن بنود ذلك الاتفاق، تحويل المعركة نحو الحجرية ضد كتائب أبي العباس واللواء 35 مدرع وعدم مهاجمة الطرفين الحوثي والإصلاح لبعضهم البعض.
لا يقتصر الأمر على ذلك، بل وصل الأمر إلى حد المغازلة المباشرة عبر وسائل الإعلام، والمريب أنّ هذا الأمر يحدث من وسائل إعلامية تبث من المملكة العربية السعودية.
ففي مطلع فبراير الجاري، ظهر قيادي إخواني عبر قناة فضائية تبث من المملكة العربية السعودية، يتغزّل في الحوثيين ما أضاف مزيدًا من التأكيدات على العلاقات سيئة السمعة التي تجمع بين حزب الإصلاح الإخواني المخترق لحكومة الشرعية والمليشيات الحوثية.
الإخواني محمد الحزمي قال إنّ خلاف حزبه مع الحوثيين سياسيًّا فقط، وصرَّح: "خلافنا مع الحوثيين كان سياسيًّا قبل ٢٠١١ وأثناء الانتخابات دخل الشياطين ووسعوا بيننا الخلاف وأيضًا وسائل الإعلام الاجتماعية لها تأثير وفتنة بشق الصف بيننا".
ومواصلًا لحن المغازلة في الحوثيين، أضاف القيادي الإخواني: "نتمنى أن نقف أنا ومحمد البخيتي ونقول تعال يا حوثي تعال نتصالح نحن وأنت ولكن متى ما شعر أن يعيد الدولة فليس عندنا حرب بينهم غبراء .. مرجعية الألم وحدتنا، مرجعية التشرد وحدتنا، مرجعية القتل الذي حدث لنا وحدتنا".
المخطط القطري فضحه قيادي بارز بالمليشيات الحوثية، عندما اعترف بأنّ الدوحة طلبت منهم التوقُّف عند تخوم محافظة مأرب ومنعتهم من السيطرة عليها، خشية من سقوط تنظيم الإخوان المسيطر على المحافظة التي توجد بها مصفاة لتكرير النفط.
وصدر الاعتراف الحوثي على لسان القيادي محمد البخيتي الذي قال: "دولة عربية طلبت منّا التوقف عن اجتياح مأرب التي كنّا على بعد كيلومتر واحد من احتلالها، وقد استجبنا لهذه الدولة التي تخشى على الإخوان من الهزيمة على اعتبار أنهم حلفاء لنا"، في إشارة إلى قطر الممول الرئيس للإخوان الذي يدين بالولاء لأجندة الدوحة العدائية لجيرانها.
البخيتي نفسه كان قد اعترف مؤخرًا، بوجود هدنة غير معلنة بين الحوثيين والمليشيات الإخوانية، في جبهة نهم ومأرب طوال الفترة الماضية.
وفيما قوبلت هذه الصفقة بكثيرٍ من الغضب، فقد تحدّث البخيتي عما يراها من أهمية للهدنة غير المعلنة التي عقدها الحوثيون مع حزب الإصلاح في جبهة نهم طوال السنوات الأربع الماضية.
وقال البخيتي إنَّ "هدنة نهم كانت أهم وأخطر هدنة على الإطلاق لأن الطريق إلى صنعاء يمر عبر نهم كما أن الطريق إلى مأرب يمر عبرها أيضًا".
البخيتي اعترف بأنّ "هدنة نهم" خفَّفت على الحوثيين ضغط التحالف العربي للتركيز على بقية الجبهات، حيث مكّنت حزب الإصلاح من الاحتفاظ بقوته وتكديسه للأسلحة والأموال ليكون قادرًا على مواجهة بقية خصومه في المستقبل.
القيادي الحوثي تابع: "هدنة نهم كانت مفيدة للطرفين، إلا أنّ حسابات حزب الإصلاح الخاطئة والغبية دفعته لنقضها في الوقت الخطأ، وذلك بعد أن استعدنا زمام المبادرة في بقية الجبهات وبعد أن أصبحت موازين القوى تميل لصالحنا".
واختتم قائلًا: "لم ينكر هدنة نهم أي قيادي في حزب الإصلاح لأنهم عايشوها ويعرفونها كما يعرفون أبناءهم، لذلك اكتفوا بإنكارها عبر مصدر مجهول".
حديث البخيتي عن تفاصيل الصفقة الحوثية - الإخوانية، تحمل الكثير من الدلالات حول التقارب بين حزب الإصلاح الإخواني والمليشيات الموالية لإيران، وهو تقارب مثّل طعنة غادرة بالتحالف العربي الذي تكبّد تأخُّر حسم الحرب عسكريًّا.
وتلعب دولة قطر دورًا تنسيقيًّا في تعزيز التعاون والتقارب بين الإخوان والحوثيين على الصعيد السياسي والعسكري، بما يخدم هذه المليشيات على الأرض، وعلى النحو الذي يضر التحالف العربي.