ماذا تفعل الأمم المتحدة في اليمن؟
رأي المشهد العربي
يطرح هذا السؤال نفسه بشدة في أعقاب الإدانة الأممية لاستهداف التحالف العربي مواقع حوثية لإطلاق الزوارق المفخخة والمسيرة في الصليف، والتي شكلت تهديداً حقيقياً لأمن الملاحة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، ما يجعلنا ندقق النظر في الأدوار التي تقوم بها المؤسسات الأممية العاملة في اليمن منذ الانقلاب الحوثي في العام 2014.
بالنظر إلى المحطات الفارقة التي مرت بها الأزمة اليمنية على مدار السنوات الماضية فإن الأمم المتحدة لم تلعب أدواراً إيجابية من الممكن أن تساهم في إنهاء تلك الأزمات أو تخفيفها، ولعل ما أقدمت عليه في الحديدة بالعام 2018 بعد أن تدخلت لوقف تقدم القوات المشتركة من أجل التوقيع على اتفاق يُعيد سيطرة المليشيات على المحافظة مرة أخرى أبلغ دليل على ذلك.
إذا كانت الأمم المتحدة جادة في إنهاء الأزمة فإن تدخلها في الحديدة كان لابد أن يحمي الاتفاق الذي رعته وترتب عليه هدنة تخترقها مليشيات الحوثي عشرات المرات يومياً، لكنها لم تفعل ذلك وظلت توهم العالم بأنها ماضية في تحقيق السلام في الحديدة، بل أنها ضاعفت من أعداد موظفيها في المحافظة تحت مسمى لجنة إعادة الانتشار والتي لم يكن لها أي دور حتى الآن في تنفيذ بنوده.
وإذا كانت الأمم المتحدة جادة في التوصل إلى حل للأزمة، لتعاملت مع جرائم مليشيات الإصلاح في تعز وشبوة وأبين ووادي حضرموت، التي ارتكبت عشرات الانتهاكات بحق المواطنين الأبرياء، لكن تلك الجرائم مازالت بعيدة عن اهتمامات الهيئة الأممية التي تتعامل بانتقائية مع المستجدات على أرض الواقع.
من يطالع تحركات المبعوث الأممي " مارتن غريفيث" يلحظ أنه دائم التردد على صنعاء، وهو أمر من المفترض أن يكون له آثار إيجابية على الأرض غير أن ما يحدث هو العكس تماماً في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية، إلى الدرجة التي أضحت فيها الاتفاقات الأممية بمثابة مسكنات تسمح للمليشيات الحوثية بالالتفاف حولها وتحقيق مكاسب أكبر عن التي كانت تبحث عنها.
تاهت الأمم المتحدة بعمد أو دون عمد في الأزمات المتعددة داخل اليمن، لكن الأكيد أنها لم تكن راغبة في إنهاء الوضع القائم، وغير جادة في التوصل إلى سلام دائم وشامل، لأن جديتها تعني استخدام قوة ضغط فاعلة على الأطراف المختلفة تجبرها على الحل، وهو أمر لا وجود له على أرض الواقع حتى الآن.