الاعتداءات طالتها مباشرةً.. لماذا تصمت الأمم المتحدة على جرائم الحوثي؟
على الرغم من الاعتداءات التي استهدفت رجالها مباشرة، تواصل الأمم المتحدة لعب الدور المريب في اليمن، فيما يتعلق بتعاملها مع المليشيات الحوثية، والجرائم التي يرتكبها هذا الفصيل الإرهابي.
ففي الساعات الماضية، استهدفت المليشيات الحوثية نقطة المراقبة الخامسة في سيتي ماكس، ما أسفر عن إصابة العقيد محمد شرف الصليحي بالرأس أثناء أدائه مهامه ضمن فريق مشترك بإشراف الأمم المتحدة.
من جانبه، وصف رئيس الفريق الحكومي بلجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة، اللواء الركن محمد مصلح عيضة، هذا الهجوم بأنّه تصعيد خطير يهدد بنسف اتفاق السويد، ويعيد الأوضاع إلى نقطة الصفر.
وأضاف أنّ ما قامت به مليشيا الحوثي خرق صارخ لجميع الاتفاقيات والتفاهمات التي تم التوصل إليها على مدى أكثر من عام، مشيرًا إلى ارتكاب هذه المليشيات آلاف الانتهاكات والخروقات منذ صدور قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في الحديدة في 18 ديسمبر 2018.
وأشار إلى أنّ هذا الاعتداء الجبان يضع اتفاق ستوكهولم ومسار السلام في محافظة الحديدة أمام مفترق طرق، متابعًا: "تعرض ممثلي القوات المشتركة في نقاط الرقابة لاستهداف ممنهج من المليشيات الحوثية في تأكيد واضح لرفض هذه المليشيات الجنوح للسلم الذي ننشده.
وطالب الأمم المتحدة والمبعوث الأممي وفريق الرقابة الأممية في الحديدة بتحديد موقف واضح وصريح من مثل هذه الانتهاكات الصارخة لاتفاق ستوكهولم.
الجرائم الحوثية المروعة لم تعد تثير أي استغراب، لكن الأكثر ريبة هو استمرار الصمت الأممي على الانتهاكات التي ترتكبها المليشيات.
إجمالًا، يمكن القول إنّ هناك حالة عبث تسود على أداء الأمم المتحدة في اليمن على مدار السنوات الماضية، وقد تجلّى ذلك في ميزانية مكتب المبعوث الأممي مارتن جريفيث والصرفيات التي يقوم بها.
وفي وقتٍ سابق، كشفت رئيسة منظمة مبادرة "مسار السلام" رشا جرهوم أنّ ميزانية مكتب جريفيث خلال العام الماضي بلغت حوالي ١٧ مليون دولار، وستصل هذا العام الموازنة إلى ١٨ مليون دولار، موضّحةً أنّ ميزانية مكتب جريفيث تخطت ميزانية البعثة الأممية في سوريا والتي تبلغ ميزانيتها ١٦ مليون دولار.
وقالت أنّ صرفيات مكتب جريفيث المتعلقة بالطيران هي بمعدل ١,٣ مليون دولار سنويًّا، مشيرةً إلى أنّ عدد موظفي مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن بلغ 95 موظفًا في العام الماضي وسيرتفع إلى 101 خلال هذا العام، أغلبهم موظفون دوليون، وبالمقارنة في سوريا فهناك ٩١ موظفًا.
واستعرضت رئيسة المنظمة ميزانية بعثة الأمم المتحدة في الحديدة لعام ٢٠١٩، حيث أوردت البيانات أنّها بلغت 56 مليون دولار، بمعدل صرفيات شهرية تتراوح بين 2.4 - 4.6 مليون دولار.
وأضافت جرهوم - الحائزة مؤخرًا على جائزة (أنیتا أوجسبرج للمتمردات ضد الحرب) - أنّ عدد موظفي بعثة الحديدة بلغ ١٨٣ موظفًا في ٢٠١٩، وسيرتفع إلى ١٥٩ في ٢٠٢٠ بواقع ٢١ وظيفة ١٥ منها لموظفين محليين.
وأضافت أنّ إيجار السفينة مقر بعثة الحديدة بلغ 810 آلاف دولار بالشهر، مشيرةً إلى أنّ هناك توصية بوقف الاستئجار للسفينة من مارس ٢٠٢٠ وترميم واستئجار فلل داخل مدينة الحديدة.
ولعل الانتقاد الأكبر الموجّه للأمم المتحدة هو تغاضي المنظمة الدولية عن الجرائم التي ترتكبها المليشيات الحوثية، وهو ما نُظر إليه بأنّه موافقة صريحة على الانتهاكات الحوثية المتواصلة التي كبدت المدنيين أفدح الأثمان.
ويُنظر إلى اتفاق السويد بأنّه الدليل الأكثر وضوحًا حول هذه الحالة من العبث، فعلى الرغم من مرور أكثر من عام على توقيع الاتفاق "ديسمبر 2018" وفيما قد نُظِر إليه بأنّه خطوة أولى على مسار الحل السياسي فإنّ المليشيات الحوثية ارتكبت أكثر من 13 ألف خرق لبنود الاتفاق.
لا يقتصر الأمر على هذا الأمر، بل تغاضت الأمم المتحدة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تجبر المليشيات الحوثية على الانخراط في مسار السلام من أجل وقف الحرب وإنهائها، وهو ما تسبّب في تعقد الأزمة وتكبيد المدنيين كثيرًا من الأثمان الفادحة.
الأكثر ريبة من كل ذلك هو مواصلة الأمم المتحدة دورها الذي يُوصف من قِبل كثيرين بأنّه "مشبوه"، في دعم المليشيات الحوثية على النحو الذي يؤدي إلى إطالة أمد الأزمة.
ففي فبراير الماضي، سلَّمت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، دفعة جديدة من سيارات الإسعاف ذات الدفع الرباعي إلى وزارة الصحة في حكومة مليشيا الحوثي الإرهابية، المدعومة من إيران، في صنعاء.
المنظمة الدولية سلَّمت 50 سيارة إسعاف كدفعة ثانية لمليشيا الحوثي الإرهابية، بعد توفير 40 سيارة في وقت سابق, مؤكِّدةً أنَّ جميعها ذهبت إلى الجبهات، ولم يتم توزيعها على المستشفيات الحكومية.
وواصلت منظمة الصحة العالمية تقديم سيارات الإسعاف ذات الدفع الرباعي للمليشيا الإرهابية، رغم ما وصل إليها من معلومات وتأكدها من عدم وصول تلك السيارات إلى المستشفيات الحكومية، وانما ذهبت لخدمة المقاتلين الحوثيين.
وكثيرًا ما تمّ الكشف عن الدعم الذي تقدمه الأمم المتحدة للحوثيين، وهو دعمٌ يمكِّن الحوثيين من إطالة الحرب، كما يفرض كثيرًا من الشبهات حول الدور الذي تؤديه المنظمة الدولية، والتي يفترض أنّها تعمل على حل الأزمة.
وتتعدد أساليب الدعم المباشر من قبل المنظمات الأممية للحوثيين، منها توقيع مذكرة تفاهم بين منسقية الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة ومليشيا الحوثي في صنعاء لإقامة جسر جوي لنقل جرحى الحوثيين إلى الخارج ولمدة ستة أشهر.