رغم ضخ المليارات.. بورصات أوروبا تتهاوى بفعل كورونا
أضحى فيروس كورونا المميت، مصدر خطر على كل القطاعات الحياتية لا سيما القطاع الاقتصادي، وفي ضوء الانهيارات التي يشهدها العالم يوماً بعد يوم، حيث لا زالت البورصات العالمية تتهاوى رغم الإعلان في العالم عن خطط بمليارات الدولارات لإنعاش الاقتصاد المتعثر بسبب فيروس كورونا المستجد فيما عززت الدول تدابير الإغلاق لا سيما في أوروبا حيث تقفر الشوارع ويزداد الخوف بعد أن تحولت القارة إلى بؤرة للوباء الذي يواصل تفشيه.
وفي الإجمال خلفت الجائحة أكثر من 8 آلاف وفاة في جميع أنحاء العالم، ولأول مرة تجاوزت الوفيات في أوروبا عددها في آسيا، في حين تجاوز عدد الإصابات 200 ألف وباتت معظم أنحاء العالم في حالة شلل.
وأعلنت بلجيكا الإغلاق اعتباراً من ظهر الأربعاء باستثناء الذهاب إلى الطبيب والمتاجر الضرورية ولممارسة النشاط البدني في الهواء الطلق.
وفي أول إجراء من نوعه في البرتغال، عُزلت مدينة أوفار في وسط البلاد، فيما يتوقع أن يعلن الرئيس مساء حالة الطوارئ ليمتد الإجراء ويشمل البلد بأكمله.
وكان وسط باريس، على سبيل المثال، المعتاد على ضجيج الحياة على جادته الكبرى في المساء، مدينة ميتة ليل الثلاثاء إلى الأربعاء. ولم يُشاهد سوى بضعة أشخاص فرادى هنا وهناك، أحيانًا لإخراج كلب. فيما حركة السيارات متوقفة تقريبا.
وأعلنت منظمة اليونسكو أن أكثر من 850 مليون طفل وشاب في العالم اي نحو نصف التلاميذ والطلبة صاروا محرومين من التعليم نتيجة لبقائهم في منازلهم.
وفي الساعة 12:00 بتوقيت غرينتش الأربعاء، تم تسجيل 8092 حالة وفاة غالبيتها في أوروبا (3422) وآسيا (3384). وسجلت 684 حالة وفاة جديدة خلال الـ 24 ساعة الماضية من 78766 إصابة، صارت أوروبا القارة التي تنتشر فيها الجائحة بسرعة أكبر مقارنة مع غيرها.
وعلى وجه الخصوص، تسجل إسبانيا زيادة كبيرة إذ بات لديها الآن أكثر من 13700 حالة وحوالى 600 وفاة.
بدورها، أعلنت إيران الأربعاء عن 147 حالة وفاة إضافية، ما يعد رقماً قياسياً جديداً في يوم واحد في بلد من بين الأكثر تضررا من الوباء، حيث بلغ إجمالي الوفيات 1135 حالة.
وبعد أن انطلق من وسط الصين في نهاية عام 2019، سجل فيروس كوفيد-19 أول حالة وفاة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في بوركينا فاسو. فيما أعلنت نيجيريا، أكبر بلد إفريقي من حيث عدد السكان، الأربعاء تعليق دخول أراضيها للمسافرين القادمين من 13 بلداً بينها الولايات المتحدة والصين والعديد من البلدان الأوروبية.
ومن المقرر أن تخاطب المستشارة أنغيلا ميركل الألمان عبر شاشات التلفزيون لأول مرة مساء الأربعاء، لتطلب منهم الامتثال للوائح الصحية المعمول بها. ومع ذلك، لا يتوقع الإعلان عن أي إجراءات جديدة بالمناسبة، في حين يجري إغلاق المدارس ومعظم المتاجر "غير الضرورية" تدريجيًا.
وأقرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين بأن السياسيين "قللوا" من حجم الخطر الذي يمثله وباء كورونا المستجد، في مقابلة نشرتها صحيفة بيلد الألمانية. وقالت فون دير لايين، "لقد فهمنا أن كل هذه الإجراءات التي بدت قبل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع قاسية ومجحفة، يجب اتخاذها الآن"، مشيرة إلى أن أوروبا هي "في الوقت الحالي بؤرة الأزمة ".
وفي المدى القريب، تداعى وزراء النقل الأوروبيون لعقد مؤتمر عبر الفيديو الأربعاء لمناقشة حالة القطاع المتأثر بالأزمة الصحية، في حين تعاني شركات الطيران من تدابير الإغلاق وشل حركة السفر التي فرضت لاحتواء انتشار الوباء العالمي. وأعلنت الحكومة الإيطالية من جانبها أنها مستعدة لتأميم شركة الخطوط الجوية أليطاليا، المتخبطة منذ سنوات.
بشكل أعم، يعتزم الرئيس دونالد ترامب، بعد رده المؤجل، تحمل عبء الانتعاش الاقتصادي من خلال برنامج مساعدات "جريء ومهم للغاية" مخصص للشركات الأميركية المهددة بالانهيار.
ولم يكشف وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين عن حجم خطة المساعدات التي هي قيد التفاوض. لكن الصحافة الأميركية تحدثت عن 850 مليار دولار. ووفقًا لمحطة "سي ان بي سي" فقد تتجاوز 1000 مليار دولار.
ولقد كان يتوقع أن تطمئن مثل هذه الإعلانات الأسواق لكن بورصة وول ستريت أقفلت على تراجع وخسر مؤشر داو جونز 3,94%.
وخفض العديد من البنوك المركزية الفائدة وأعلن العديد من الدول الكبرى خطط دعم كبيرة ولكن طالما يواصل الفيروس انتشاره، تبدو الأسواق مشككة في جدوى مثل هذه التدابير، حتى بعد أن وضع البنك المركزي الأوروبي الثلاثاء أكثر من 100 مليار يورو من السيولة في متناول البنوك.
وأعلنت إيطاليا، الدولة الأكثر تضررا من الوباء في الاتحاد الأوروبي عن مساعدات بقيمة 25 مليار يورو. وفي فرنسا، أعلنت الحكومة عن خفض أو تأجيل أو إلغاء رسوم تصل إلى 32 مليار يورو في شهر آذار/مارس وحده. ولم يستبعد رئيس الوزراء إدوارد فيليب تأميم شركات إذا لزم الأمر.
أما الدولة الإسبانية، فستضمن ما يصل إلى 100 مليار يورو من قروض الأعمال.
من جانبها، قالت لندن إنها ستقدم ضمانة الدولة على قروض الشركات التي تصل إلى 330 مليار جنيه استرليني (363 مليار يورو)، ومساعدات بقيمة 20 مليار جنيه استرليني.
وهكذا يلوح صانعو القرار السياسي بالمليارات في وجه عالم توقفت عجلته ويتعلم الانكفاء في المنزل أو أن يحمل شهادة تتيح له التنقل، تحت رقابة الشرطة.
وفي السياق، يتواصل إلغاء الفعاليات والأحداث الثقافية وآخرها مسابقة يوروفيجن للأغنية التي كانت مقررة في أيار/مايو في هولندا.
ولم يتخذ بعد قرار بشأن ألعاب طوكيو الأولمبية التي يفترض أن يتنافس فيها 11 ألف رياضي. لكن مباريات يويو-2020 لكرة القدم أجلت لسنة، ومباريات رولاند غاروس لكرة المضرب إلى الخريف.
ومن ضمن جملة التوصيات الصحية العالمية حول تجنب الاختلاط قدر الإمكان، ذكّر البابا فرنسيس الأسر المعزولة بأهمية القيام ببادرات "تنم الرأفة" عبر تقديم "طبق ساخن" أو حتى "اتصال هاتفي"، وفق ما جاء في مقابلة معه نشرت الأربعاء في صحيفة لا ريبوبليكا اليومية.
وبينما تختبئ أوروبا، تخرج الصين بحذر من سباتها الفيروسي: فهنا يقترب عدد الإصابات الجديدة من الصفر كل يوم، فيما تشهد البلاد مظاهر الحياة تدب فيها.
وخارج مقاطعة هوبي، التي انطلق منها فيروس كوفيد-19 ولا تزال في الحجر الصحي، بدأت المحلات التجارية التي ظلت مغلقة طيلة شهرين تقريبًا، تفتح أبوابها تدريجيًا، وبدأ عشاق التايتشي يمارسون من جديد فنهم في الأماكن العامة.
وقال زانغ مين، رجل الأعمال البالغ من العمر 50 سنة والذي شوهد في متنزه في شنغهاي "لقد سيطر علي الخوف. الآن كل شيء على ما يرام. الحال ليست كما هي عليه في الدول الأجنبية حيث يتهافت الناس على المتاجر الكبيرة ويفرغون رفوفها".
لكن ارتداء القناع الواقي لا يزال معتمداً وكذلك قياس درجة الحرارة عند دخول أصغر سوبر ماركت.