الإخوان في اليمن بين سندان الدوحة ومطرقة الرياض
بعد مرور أكثر من 30 شهراً على اندلاع حرب اليمن في مارس 2015، تبدو جردة الحساب مُراوِحَة ضمن ما كان متوقعاً منذ ذلك التاريخ؛ حربٌ قياسية زمنياً، تُختبر فيها ضروب جديدة من التكتيكات العسكرية رهينة الحسابات السياسية البعدية لخليط التحالفات المتنافرة، تحت عباءة شرعيّة الرئيس هادي التي بدت حتى الساعة غير قادرة على صنع انتصار للمملكة هي أحوج ما تكون إليه اليوم أكثر من أي وقت مضى، وذلك قبل ولوج أعياد ميلاد العام 2018، الذي يشي بصعوبات كأداء في انتظارها، حال لم تتمكن شرعية الرئيس هادي من كسر تحصينات جبال نهم ووضع قدم الرياض وسط ميدان السبعين بصنعاء . .
الجنرال العجوز علي محسن الأحمر عاد إلى مقر إقامته في الرياض. عودةٌ فرضتها تعقيدات المشهد العسكري الذي سعى الأحمر إلى فكفكته ، عبر زيارة كان يفترض أن تكون طويلة إلى جبهات القتال في مأرب، وخط التماس القريب من صنعاء في نهم ، ليقود خلالها الجنرال الثمانيني أكبر عملية عسكرية لقوات "التحالف العربي" لتحرير المدينة من ـ"المتمردين "،الحوثيين أو على أقل تقدير تحسين موقف الحكومة الشرعية المقبلة على جولة مشاورات جديدة قيد التفعيل بحسب مصادر أممية . بالمحصلة فإن تداخل السياسي بالعسكري في حسابات الأطراف المنضوية في إطار الشرعية حال مجدداً دون تحقيقها لمكاسب على الأرض، على الرغم من الدعم الكبير مالياً وعسكرياً الذي يقدمه لها "التحالف".
الإخوان المسلمون في اليمن يسعون الى انتزاع مكاسب وضمانات تصفها قوى مقرّبة من التحالف بالاشتراطات غير المعقولة، للتهرّب عبرها من خوضهم حرباً ستبيّن حجمهم الحقيقي وقدراتهم العسكرية الضعيفة بحسب تلك القوى.
ناشطون في حزب "الإصلاح" بعدن ردوا بأن اشتراطات حزبهم تلك "واقعية"، وحتى لا يلدغوا من ذات الجحر مجدداً، وتعاد تجربة عمران وقبلها دماج حين تخلى عنهم الجميع، وتُركوا ليخوضوا معارك هدفت إلى اجتثاثهم
حين أفاقوا على مؤامرة تقودها قوى محلية، وبتمويل وإشراف خارجي، حد زعمهم. ويقولون إنهم لن يكونوا "كبش فداء بعد اليوم لأحد"، ولن "نزُجّ بشبابنا منفردين في محرقة نكون في نهايتها الخاسر الأكبر سياسياً وعسكرياً".
وإزاء ذلك، يعتقد مقربون من الرئيس هادي بأن السعودية لن يطول صبرها كثيراً – وهي المعروفة بنفسها الطويل – وستشهد الأيام والأسابيع القادمة مفاجآت سيطاح فيها بقيادات عسكرية وسياسية كبيرة؛ فالسعودية غير مستعدة على الإطلاق لخسارة جديدة في اليمن موازية لخسارتها في كل من سوريا والعراق وقبلهما لبنان.
بالتوازي مع ذلك، يضغط المجتمع الدولي باتجاه إنهاء الحرب في اليمن عبر تسوية سياسية جامعة، خارطة الطريق فيها مبادرة المبعوث الأممي المتضمنة بنوداً يطيح أبرزها بالرئيس هادي ونائبه، عبر نقل صلاحياته لشخصيّة توافقية .
وبحسب مصادر فإن الحوثيين سيسعون الى إقناع الرئيس الجنوبي، علي ناصر محمد، المقيم في القاهرة للموافقة على أن يكونها. وبحسب المعلومات، فقد اشترط ناصر قبل الحرب لقبول المنصب إعلان صنعاء قبولها "حق تقرير المصير لشعب الجنوب"، وتضمين ذلك نصاً مكتوباً في التسوية السياسية المرتقبة.
طلب رأت فيه صنعاء تلغيماً لجبهتها الداخلية المستندة على "الوحدة اليمنية" بوضعها السياسي الحالي بالغ التعقيد وسواء صحت هذه الرواية أم لا فإن معلومات رشحت مؤخرا تقول بأن الحديدة ستكون آخر محطات التحالف عسكريا حيث سيشرع بعدها الى الدفع بحل سياسي عبر مفاوضات جديدة بين الحكومة الشرعية التي يبحث التحالف لها من الان عن رئيس توافقي جديد بديلا عن هادي كشرط لإنجاحها . .
الرئيس هادي من جهته يسعى حثيثا وبدعم قطري غير مباشر تتسلمه أطراف في مكتبه عبر مؤسسات غير حكومية لها مقرات في أوروبا وتركيا وألمانيا يسعى إلى تقوية مداميك جبهته الداخلية وتحصينها من خلال تشكيل قوى عسكرية موازية لقوات الحزام الأمني وقوات الدعم والإسناد المدعومة من قبل التحالف في عدن باسم اللجان الشعبية .
وهي قوّة يجري تشكيلها برعاية وزير الداخلية الجديد " المهندس أحمد الميسري " لمواجهة خيارات صعبة قد تُفرض عليه حال ذهبت دول "التحالف العربي" باتجاه حل الملف اليمني عبر تسوية سياسية مع صنعاء، كبش فدائها هادي الرئيس وليس أحداً سواه.