منظمات الإغاثة توصد أبوابها.. رصاصة أخيرة تخترق صدور اليمنيين
من جديد، دقّت الأمم المتحدة ناقوس الخطر بشأن مزيدٍ من التردي للأزمة الإنسانية في اليمن، في ظل جرائم عديدة ارتكبتها المليشيات الموالية لإيران ضد المساعدات الإنسانية.
الأمم لوّحت المتحدة بإغلاق 30 برنامجًا إنسانيًّا أساسيًّا تابعًا لها في اليمن، خلال شهر أبريل الجاري، ما لم يتم التمويل لها بشكل عاجل، وهو ما يُمثّل خطرًا بالغًا على الوضع الإنساني في اليمن، المُصنّف بأنّه كارثة شديدة البشاعة.
وقالت منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليز جراندي، في بيان، إنّه سيتم خفض أو إغلاق 31 من أصل 41 برنامجًا إنسانيًّا أساسيًّا تابعًا للأمم المتحدة إذا لم تحصل على التمويل المطلوب في أبريل الجاري.
وأضافت أنّ اليمن لا يزال يشهد أسوأ كارثة إنسانية في العالم، ويحتاج ما يقرب من 80 بالمائة من السكان، إلى نوع من أنواع المساعدة والحماية، وأنّ عشرة ملايين شخص أصبحوا على بُعد خطوة من المجاعة، وسبعة ملايين شخص يعانون من سوء التغذية، فيما يعتمد 14 مليون نسمة على المساعدات الإنسانية شهريًّا.
ونددت "المسؤولة الأممية" بالهجوم الحوثي على السجن المركزي بتعز، وقالت إنه ليس من الممكن أبدا تبرير مثل تلك الضربات التي تؤدي إلى مقتل الأطفال والنساء العُزل، وأن هذا يعد انتهاكا مروعا للمبادئ الإنسانية والدولية.
وأضافت: "إننا نواجه مشاكل إنسانية هائلة في البلد، ولا يوجد سبب أو مبرر لاستمرار هذه الضربات، وحان الوقت لطرفي النزاع للجلوس معا للتوصل إلى حلول سياسية".
وخلال الفترة الماضية، اتهمت الأمم المتحدة، مليشيا الحوثي بإعاقة العمل الإنساني في اليمن، وحرف مسار المساعدات إلى مناطق موالية لها بعيدا عن الأشخاص المستهدفين.
وكثيرًا ما تعمل المليشيات الحوثية على مضاعفة الأعباء الإنسانية التي تواجه السكان في مختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها، ويُمثّل نهب المساعدات هي العامل الأبرز في هذا الإطار.
وقبل أيام، أفادت مصادر إغاثية في محافظة حجة بأنّ المليشيات الحوثية احتجزت كميات كبيرة من المساعدات المقدمة من قبل برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة وحالت دون توزيعها على الفئات المحتاجة تمهيدا للسطو عليها.
وقالت المصادر إنّ عناصر حوثية هدّدوا القائمين على برنامج الغذاء الدولي بإتلاف 175 طنًا من القمح الأممي بمزاعم أنّها غير صالحة للاستخدام الآدمي وفرضوا حراسًا على المخازن الضخمة للبرنامج في مديرية عبس، حيث يقع أكبر تجمع سكاني في محافظة حجة للأسر النازحة والمحتاجة للمساعدات.
ومع تصاعد الخلاف بين المليشيات الحوثية وبرنامج الأغذية وإخفاق المساعي الأممية في تنفيذ البرنامج التجريبي لصرف المساعدات الغذائية نقدا في صنعاء، زعمت الميليشيات في محافظة حجة أنها ضبطت ست شاحنات تابعة لبرنامج الأغذية العالمي في مديرية عبس، على متنها ثلاثة آلاف و300 كيس طحين غير صالح للاستهلاك الآدمي.
وتمثل سرقة المساعدات أحد أبشع صنوف الاعتداءات التي ارتكبتها المليشيات الحوثية الموالية لإيران، حتى خلّفت كثيرًا من المآسي الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
ويمكن القول إنّ إعاقة مليشيا الحوثي المساعدات ونهبها جريمة حرب تستوجب المحاكمة من قبل المنظمات الدولية المعنية التي لا تجد أي ضمانات حوثية لوصول المساعدات إلى مستحقيها، ما دفعها للتهديد أكثر من مرة بتخفيض حجم المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي.
ومؤخرًا،كشفت إحصائيات صادرة عن الأمم المتحدة عن حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة التي صنفتها الأسوأ عالمياً، حيث يواجه اليمن أكبر أزمة أمن غذائي في العالم، ويعيش حوالى 20 مليون شخص في ظل انعدام الأمن الغذائي ويكافحون لإطعام أنفسهم غير متأكدين من أين سيحصلون على وجبتهم التالية.
ومن بين هؤلاء، يعيش حوالى 10 ملايين شخص 70٪ منهم أطفال ونساء يعانون من انعدام شديد للأمن الغذائي أي على بعد خطوة من المجاعة، بحسب الأرقام الأممية.
وأشارت نتائج التقييم الطارى للأمن الغذائي والتغذية إلى تجاوز مؤشر سوء التغذية الحاد (الهزل) في محافظات الحديدة وحضرموت وحجة وأبين عتبة 25٪ حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية، بينما بلغ سوء التغذية المزمن (التقزم) مستويات حرجة تجاوزت 60٪ في 14 محافظة من أصل 22 محافظة.
وكذلك، كشفت وثيقة الاحتياجات الإنسانية التي أعدتها المنسقية الإنسانية للأمم المتحدة "أوتشا" أنّ نحو مليوني طفل و1,5 مليون امرأة حامل أو مرضعة يعانون من سوء التغذية الحاد، كما تواجه حاليًّا 127 مديرية من أصل 333 مديريةً مخاطر متزايدة بالانزلاق إلى المجاعة تصل إلى أكثر من 60٪ من عدد السكان.
ومع ارتفاع سوء التغذية الحاد، تزداد مخاطر تعرض الأطفال للوفاة، كما يؤثر ذلك سلباً على نمو الأطفال وقدراتهم العقلية وبالتالي يسبب انخفاض إنتاجيتهم عند دخولهم سوق العمل في المستقبل، ولذلك بات سوء التغذية خطرًا محدقًا بحياة الأطفال اليمنيين.
وتكشف تقارير أممية أيضًا، أنّ ثلاثة من كل خمسة أطفال بعمر يتراوح بين 5 إلى 69 شهرًا سيعانون من سوء التغذية الحاد في العام الجاري، بينما 2,5 مليون امرأة حامل ومرضعة ومسؤولات عن رعاية أطفال دون الثانية من العمر يحتجن إلى استشارات ونصائح حول أساليب الطعام وتغذية المواليد وصغار السن بعمر يوم إلى 23 شهرًا.
كما أنّ هناك 1,8 مليون طفل دون الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد "المعتدل"، و500 ألف طفل دون الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد "الوخيم"، و1,5 مليون طفل دون الثانية من العمر يحتاجون إلى مكملات غذائية دقيقة، كما أنَّ عشرة ملايين امرأة مرضعة وحامل يعانين من سوء التغذية الحاد و5 ملايين طفل دون سن الخامسة بحاجة إلى مكملات فيتامين (أ).
في الوقت نفسه، كشفت منظمة الصحة العالمية أنّ سوء التغذية الحاد الكلي يكون مقبولاً عند أقل من 5٪ وضعيفًا، دون نسبة 10٪ وطارئًا عند أكثر من 15٪.