همس اليراع
متى يتعلم هؤلاء؟؟
د. عيدروس النقيب
منذ أيام وأثناء مساعي لجنة التهدئة بين قوات الحكومة الشرعية المحتشدة في مدينة شقرة وجوارها وقوات المقاومة الجنوبية والحزام الأمني المنتشرة في محافظة أبين كان كاتب هذه السطور قد كتب رسالة على هذه الصفحة لدعوة أبناء أبين من الواقفين في صف القوات القادمة من مأرب والجوف وخولان، تمنينا منهم أن يكونوا عنصر حماية لأبين وسبباً من أسباب استتباب الأوضاع في الجنوب، وذكرنا أسماء بعينها اعتقدنا أنه ما يزال يهمهم صيانة الدماء والأرواح الأبينية والجنوبية واليمنية عموما، وما زلت أراهن على الخيرين من أبناء أبين على أن يتعلموا من دروس الماضي القريب والبعيد أن الحرب بين الإخوة ليس فيها منتصر وأن الكل فيها مهزوم كما يكرر دائما فخامة الأخ الرئيس علي ناصر محمد أطال الله في عمره.
لست بحاجة إلى استعراض الدروس القديمة والحديثة التي يفترض أن يكون قد استخلصها من حاولوا غزو الجنوب وإخضاعه بالقوة من الأشقاء القادمين من محافظات الشمال لكننا نذكرهم أن من فشل في إخضاع الجنوبيين وهو في أوج قوته وهم في ذروة الضعف والانكسار، لا يمكن أن يفلح في إجبارهم على الخضوع له بالقوة وهم في ذروة نهوضهم وثقتهم بأنفسهم وهو يواجه عشرات الفضائح والهزائم والاتهامات العالمية والإقليمية.
هل تعلمتم الدرس يا هؤلاء؟ وكم من المرات ستكررون نفس المحاولة لتحصلوا على نتائج مختلفة؟ وهل تهمكم الأرواح التي تتسببون في إزهاقها والدماء التي تتسببون في إراقتها؟ ومتى ستقررون الكف عن العبث بمصير الوطن والمواطن طمعاً في تأبيد خيباتكم المتواصلة منذ عقود؟
* * *
ولإخواني من الجنوبيين الذين ما يزالون يراهنون على تحقيق انتصار على أهلهم الجنوبيين من خلال التحالف مع الغزاة المدعومين بداعش والقاعدة وأنصار الشريعة، وأخص هنا إخواني من أبناء محافظتي الحبيبة محافظة أبين الوزير أحمد الميسري والمحافظ أبوبكر حسين والقائد أبو مشعل الكازمي وبقية القادة أقول لهم: أما زلتم مصدقين لأولائكم الذين يعتبرون حماسكم ضد أهلكم الجنوبيين شجاعةً وبطولة ويدفعونكم نحو المزيد من الأخطاء والخطايا؟ أما زلتم معتقدين أنكم على حق وأنتم تحرضون على قتال أهلكم من أجل أن تعيدوا لنا أصحاب مشروع "المفسدة الصغري والمفسدة الكبرى"؟ ولو افترضنا أن أفراداً من أبناء أبين وقفوا معكم، أيشرفكم أن تقودوهم لتصنعوا بهم انتصارا ضد أهلكم لمن سلموا أرضهم وديارهم للجماعة الحوثية؟ وتخلوا عن أهلهم وبلداتهم خوفاً من العدو المدعوم من إيران وجاءوا يبحثون عن وطن بديل على أرض أبين والجنوب؟ ونسألكم: هل نسيتم الــ 111 شهيداً من أبناء أبين الذين قضوا غدراً في مسجد معسكر الاستقبال في مأرب ؟؟ وأين وصلت التحقيقات في حادثة التصفية الجسدية التي تعرضوا لها؟
دعونا ننسى ما جرى في يناير 2018م، وأغسطس 2019م، وبالتأكيد كل ما سبقها من أخطاء وهفوات، ونلتفت إلى الغد القريب الذي يمكننا فيه معا بناء شراكة قائمة على الثقة والسير نحو المستقبل المشترك لكل أبنائنا وأحفادنا، فأيهما أقرب وأفضل وأقل كلفةً وأوفر حصاداً لكم ولكل الجنوب؟ أن تظلوا في حرب مع أهلكم من أجل أطماع الطامعين؟ أم مشاركة أهلكم العمل المدني في ميادين البناء والإعمار لصنع المستقبل الجنوبي المشترك للآبناء والأحفاد؟
إن ثقافة "أنا ومن بعدي الطوفان" لا تبني أوطانا ولا تصنع مستقبلاً ولا تخلق مجداً، وبالتأكيد لا تنتج غير البغضاء والضغائن المزمنة، وهي ثقافة تدمر كل أحلام السلام والتعايش وفرص التنوع والاختلاف البناء، فتحملوا مسؤولياتكم في صيانة دماء أهلكم وبني جلدتكم ودعوا الطامعين وحدهم يروجون لأطماعهم ويدفعون ضريبتها ولا تكونوا أنتم من يدفع هذه الضريبة، ولا تصدقوا من يصورون لكم الحماقات على إنها بطولات أو الانصياع لمخططاتهم على إنها عقلانية ووطنية، فلا بطولة تبنى على التهور والطيش ولا عقلانية ولا وطنية تقوم على الولاء للطغاة والخائبين.
أتمنى أن تكون أحداث الأمس 11 من مايو 2020م هي آخر مواجهة بين أبناء الوطن الواحد والجلدة الواحدة ولنلقِ البنادق جانباً ولنشمر السواعد من أجل تضميد الجراح وتحرير الأرض وبناء المستقبل الجديد لكل الجنوب وكل الجنوبيين بمختلف أطيافهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم المناطقية والفئوية ومستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية والطبقية.
اللهم إني بلغت